جريدة الجرائد

هل نزل الإسلام لصالح الرجل فقط؟

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

بصيرة الداود


الجميع يتفق على أن عهد النبي محمد (عليه الصلاة والسلام) هو العهد الوحيد الذي نصفه تاريخياً بعهد التألق والبناء بسبب تطبيقه للنصوص الدينية بشكلها الصحيح كما يراد ويرجى منها لخير البشرية في جميع مناحي الحياة وبخاصة ما يتعلق منها بشؤون المرأة المسلمة وما ينبغي أن تكون عليه كما أراد لها الإسلام.

ولهذا بقي عهد الرسول (عليه الصلاة والسلام) نموذجاً تاريخياً لا يمكن أن يتكرر كونه النموذج الوحيد حتى تاريخنا المعاصر الذي أثبت بحق أن في استطاعته دمج الدين مع السياسة، وهذا ما لم ولن يتكرر حدوثه في تاريخ العرب بعد ذلك بسبب تدخل السياسة في الدين وإخضاعها له كأداة من أدواتها لتحقيق المصالح والمنافع السياسية الخاصة على حساب المصالح العامة للمجتمع المسلم. ومن العبث في رأيي أن نظل نحفر في هذا التاريخ موهمين أنفسنا بقدرتنا على إعادة إحياء النموذج النبوي الديني - السياسي كما هو وتطبيقه على واقعنا المعاصر.

أصبحت المرأة في مرحلتنا الراهنة موضوع نزاع بين مختلف التيارات الفكرية، فالتيارات التنويرية على مختلف توجهاتها تعتبر أن الدين الإسلامي يحتضن تعاليم تصب في مصلحة عنصر الرجل على حساب مصالح المرأة الشرعية والمدنية، فتقف وتنحاز إلى جانب الرجل ضد تحرير المرأة ونيلها لكافة حقوقها الطبيعية، ولذلك ترى هذه التيارات أن المشرعين في الفقه والعقائد الدينية لا يعترفون للمرأة بشيء إلا بالتشريعات التي يضعونها لها بحيث تبقي أوضاعها وحقوقها التشريعية أقل دائماً من حقوق الرجل، فتمنح الأولوية للرجل على المرأة، وهي أولوية من وجهة نظر الفقهاء والمشرعين قانونية وبيولوجية واجتماعية بالدرجة الأولى مستندين في ذلك على تشريعاتهم وتأصيلهم للنصوص الدينية كما يفهمونها أو تتماشى مع مصالحهم ورغباتهم! وهذا في تقديري هو من أهم الأسباب التي جعلت الكثيرين يعتقدون أن الإسلام هو الذي قرر دونية المرأة بنصوص أقر لها المشرعون أنها نصوص قطعية الدلالة ولا يجوز الخوض في تفاصيلها ومناقشتها أو التفكير في تحليل معانيها ومضامينها! بل ذهب معظم المتطرفين والمغالين ممن اطلقت عليهم صفة الفقهاء وعلماء الدين عبر التاريخ إلى حد تصوير المرأة بـ "الشيطان"، فصاروا يدّعون كره الإسلام للمرأة ويدعون الى قمعها على اعتبار أنها تجسد الشهوة التي تفلت زمام سيطرة الرجل المؤمن على إرادته. وأبلغ تعبير عن هذه الأفكار المريضة ما ذكره الباحث العربي عبدالصمد الديالمي في كتابه "المرأة والجنس"، حيث ذكر أن المؤمن المسلم يعاني من تمزق في شخصيته فتتجاذبه قوتان متناقضتان (الله والمرأة) وهو بذلك يكون قد عوض الشيطان بالمرأة ليقول أن التمزق الحقيقي الذي يعاني منه الرجل المؤمن يكون بين الله والشيطان، أو بمعنى آخر بين الخضوع للتعاليم الربانية أو اتباع الشهوات التي تقدمها المرأة.

معظم فقهاء وعلماء الدين يذهبون في اتجاه الإيمان بأن الإسلام قد نزلت تعاليمه فقط لصالح الرجل، فيبيحون تحيزهم وتفضيلهم لمصالح الرجل وحقوقه على حساب مصالح وحقوق المرأة من خلال حفرهم الدائم والمستميت في النصوص الدينية ومحاولاتهم تأصيلها بما يخدم دوافعهم وأهدافهم ومصالحهم، لكن الواقع التاريخي يشير إلى أن من أهم أسباب تأخر وتخلف المرأة المسلمة عن غيرها من النساء مرده الى الكثير من التراكمات الخرافية والثقافية من عادات وأعراف وتقاليد جاهلة علقت باسم الإسلام، الأمر الذي جعلها منذ ذلك الوقت أمراً لا يستحسن أن يذكر في مجالس الرجال، حتى إن كلمة امرأة أصبحت في وقتنا الراهن تعد بمثابة "مسبة" لدى بعض المتخلفين من أبناء مجتمعنا يقصد من ورائها إهانة الرجل إهانة بالغة.

إن مسألة دونية المرأة لا تعود في الأساس إلى أي نص ديني إسلامي صحيح، لكنها ارتبطت بتأويل النصوص الإسلامية الدينية كما أراد لها معظم الفقهاء وعلماء الدين عبر التاريخ، والذين جاهدوا في سبيل إقران المرأة في الدين بالخرافة والأساطير والبدع، وإلصاق كل ما صوّره لهم فكرهم المتزمت المريض من منكرات عند تعاملهم مع وضعية وحقوق المرأة المسلمة في سبيل عدم الاعتراف بحقوقها التي منحتها إياها التشريعات السماوية واستبدالها بالتشريعات البشرية الوضعية التي أقرتها تشريعات ممّن يطلق على الكثير منهم فقهاء وعلماء دين، ولهذا فإن من الضروري في رأيي أن يقف أمثال هؤلاء وقفة صادقة مع الله لمراجعة مواقفهم والاعتراف بأخطائهم التي جعلتهم يتخاذلون عن تطبيق تعاليم الإسلام الواضحة والصحيحة في الأمور كافة وبخاصة ما يتعلق منها بشؤون المرأة المسلمة، والتي جعلت أحوالها تنحدر في الفلسفة والثقافة الإسلامية المعاصرة عن أحوالها التي كانت عليها في عصر نبي الأمة (عليه السلام) وكما ينبغي لها أن تكون في جوهر الإسلام مما يدفعنا إلى الاعتراف التاريخي بانحدار أوضاع وأحوال المسلمين جميعهم ذكوراً وإناثاً عن تعاليم الإسلام الحق، حتى وإن وقف جميع فقهاء وعلماء الدين ضد هذا الاعتراف الذي يقرونه دون شك داخل أنفسهم، لكنهم يتملصون من التصريح بأسبابه الحقيقية كي يجنبوا أنفسهم تحمل مسؤولية أخطائهم البشرية أمام التاريخ.

إن سيرة نبي الأمة (عليه السلام) هي بحسب أقوال الفقهاء والمشرعين المثل الأعلى لرجال المسلمين، لكن رجال المسلمين في تاريخنا المعاصر أصبحوا لا يتبعون المثل الأعلى ولا يتقيدون بمعنى الحرية التي كان عليه السلام يمنحها لنساء بيته وقومه، فخالفوه وفرضوا الطاعة العمياء والعبودية على المرأة وأصبحت تعاليم رسول الأمة مجرد كلمات يرددها غالبية الرجال من دون قناعة بها أو العمل بمقتضاها، ولهذا بات مجتمعنا يتصنع ويبالغ في الحشمة والتحفظ، ويقيد المرأة بمجموعة أعراف وتقاليد جاهلة وبالية حتى وصل الأمر بالبعض منهم ونحن في القرن الواحد والعشرين إلى التشبث بفكرة عدم الاعتراف أو التعامل إلا مع نصف العقل البشري فقط المتمثل في عقل الرجل وإلغاء أي دور اجتماعي أو ثقافي للمرأة.

إن الإسلام في رأيي يبقى نموذجاً إنسانياً واجتماعياً مفتوحاً على التاريخ، ولهذا فلا ينبغي علينا مسايرته تاريخياً لأنه صالح لكل زمان ومكان، وهذا يعني أن لكل عصر إسلامه النموذجي الخاص به والذي يوجب التعامل مع واقع متطلباته وتحقيقها من خلال ما تقتضيه مصالح المجتمع في الزمان والمكان، أما غير ذلك فهو تخلف عن الحاضر والمستقبل وارتباط بالماضي غير القابل للتغيير والتجديد، اللهم إلا بمسايرة التاريخ والغيبيات التي تنجح دائماً في تحويل ظاهر النصوص المقدسة إلى تشريعات دينية باسم الإسلام.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
سلبها حريتها
2242 -

مخالف لشروط النشر

التهمة الضعيفة
خوليو -

في هذه المقالة يتضح اتهام الكاتب بشكل صريح للفقهاء ويبرئ النص الذي يستمد منه هؤلاء الفقهاء خطاباتهم، لكن تهمة الكاتب ضعيفة جداً وتكاد لاتستطيع الوقوف على قدميها، .

I dont think so
Salem -

most religions thinks man should be in charge.Its man made rules.

pls,,no
me -

سيرة نبي الأمة (عليه السلام) هي بحسب أقوال الفقهاء والمشرعين المثل الأعلى لرجال المسلمين،???? hope not

جسم المرأة
mazin -

في كل مكان تفتخر و تعتز المرأة في جسمها و شكلها و في الغرب يتسابق الرسامون و النحاتون على رسم التفاصيل الدقيقة لجسم المراة و توضع بعضها في الأماكن العامة و الميادين دون تردد و يراها كافة الناس من الأطفال الى الشيوخ! و الوضع يكون عاديا هناك! و عجباه! هؤلاء الكفار كيف يقومون بأهانة كرامة المرأة التي أعطاها اياها الأسلام و حفظها لها كما نرى اليوم في المملكة العربية السعودية على وجه الخصوص! حتى عيونها لا يجوز ان تظهرها للأنام! نجد هنا ان المرأة هي المخلوق الوحيد من بين الاف المخلوقات التي خلقها الله لا يجوز ان تكشف عن وجهها في الأسلام! لماذا فقط لكي لا تغري الرجال الذين يشاهدوها و يشتهوها و تقل بذلك كرامتها التي حفظها لها الاسلام!

منزلة المرأة
سالم -

الأسلام اعطى للمرأة حقوقها فيسمح لها الزواج على سنة الله و رسوله و يسمح لها ان تحمل و تلد و ترضع اطفالها و تربيهم و أن تأكل ما تشاء و سمح لها ان تتعلم في الجامعات و سمح لها ان تختار زوجة أخرى لزوجها لكي تساعدها في اعمال البيت و سمح لها بالتنازل عن ميراثها لأخوانها دون معارضة من الزوج و سمح لها الحج و العمرة كالرجال تماما وسمح لها بأن تذهب الى السوق للتسوق و سمح لها قيادة السيارات في بعض الدول و سمح لها استلام مناصب عالية في بعض الدول و و و و كل ما تم ذكره تقولون بأن المرأة ناقصة لحقوقها!

الى سالم 6
أركان -

بصراحةأنت دمك خفيف وصاحب نكتة

نعم بالتاكيد
المروكي كركم -

بدون ادنى شك الاسلام جاء لمتعة الرجل على الارض وفي السماء بين حور العين

سيرة حسنة
مروان العمري -

خالف شروط النشر

Medical Study
bin jahawi -

تقول ان لباس الحجاب الكامل يؤدي: 1--امراض عصبيه ونفسيه 2-مرض هشاشه العظام(لعدم التعرض للشمس) 3-الانسان روح وجسد وليس شعارات من القرون الوسطى التي دمرت التنوير والحداثه والحياة المدنيه

خالد الجندى
مصراوى -

قال الشيخ خالد الجندى فى برنامج القاهرة والناس مع عمر اديب الاتىالشريعة الاسلامية تسمح بيع و شراء المرءةحتى الان ولكن الامم المتحدة تمنع ذالك . ما معنى هذا

الى سالم 6
حرمه تكرم -

والله انت فلتت زمانك بسرد ما اخذت النساء من حقوق، وازيدك علم انه بالاظافه الى سُمح لهن ;ان تأكل ما تشاء; كما نورتنا، سُمح لهن ايظا التنفس و... وبعد فكاهه طالعه عيونهن ويطالبن بحقوق...عجيب! والله حقك بعدك ونايم سنين من الصدمه .. مبارك عليكم حور العين.

للنقاش
سعد بن مريط ال هليوي -

ماذا يحصل ويستفيد الرجل:1-يتزوج 4 نساء 2-ماملكت ايمانكم 3-الرق وكانوا يسمونهم مع الاسف( العبدات) في الخليج 4-زواج المتعه(يختار الرجل الزمن) 5-في الجنه يحصل على 72 حوريه. المراءة ماذا تحصل: 1-زوج هذا اذا تزوجت ويفترض ان لا يطلقهابكلمه انت طالق 2-لا ماملكت ايمانكم 3-لا متعه 4-في الجنه زوجها في الدنيا-واذا لم تتزوج الجواب غير معروف الشكر الى ايلاف

الى سالم 6
طكَعه عليك -

شكرا..شكرا.. والله نورتنا بشرحك الوافي لما اخذت المرأة من مميزات وما سمح لها الاسلام من حقوق، لا وبالاظافه لما سمح لهن من ان ;تأكل ما تشاء كما ذكرت في شرحك الدامغ، فانه سمح لهن بالتنفس ....في اي وقت ايظا.. وكل هذا وبعدهن يشتكّن..عجيب! والله حقك من تكَول ;كل ما تم ذكره وتقولون بأن المرأة ناقصة لحقوقها! ;. اتمنى من الله ان يرزق اّمتنّا من امثالك حتى تكّثر حوريات العين ;.

المرأة هي راضية
احمد المغربي -

الكاتبة تحاول جاهدة الدفاع عن قضية خاسرة فالنصوص الدينية لا تسعفها في تأيد وجهة نظرها و القاء اللوم على الفقهاء ليس هو السبب فيما تعانيه المرأة و لا يمكن تمريره بسهولة الحل هو ان ترفع المرأة صوتها و تقول ان القوانين التي صيغت قبل 1400 سنة جائرة بحق المرأة و ترفض الخضوع لها و تعلن بصراحة ان النصوص الدينية جاءت لفترة معينة تجاوزها عصرنا و لم يعد من المعقول ان تبقى المرأة اسيرة و مقيدة بقوانين وضعت قبل 1400 سنة و في مجتمع صحراوي بعد كل هذا التطور التي شهدته البشرية و في كل النواحي ،الجهد يقع على عاتقها و لتعتمد على نفسها و لا تتوقع من الرجال في الشرق ان يقدموا لها الدعم في هذه القضية لأنهم اولا هم المستفيدين من هذه القوانين و ثانيا لأفتقادهم الشجاعة للإعلان عن تضامنهم مع المرأة لخوفهم من تهمة الخروج عن الدين المسلطة على رقبة كل من يبدي اعتراضه على تلك القوانين التي صيغت قبل 1400 سنة