ألف سلام.. على عملية السلام!
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
خيرالله خيرالله
عندما يكون الوضع العربي مهترئا ومهلهلا الى الحد الذي وصل اليه، لا يعود مستغربا ان تقدم الادارة الأميركية الى الحكومة الإسرائيلية عرضا من النوع الذي قدمته اخيرا. انه عرض مخيف بكل معنى الكلمة نظرا الى انه يتجاهل كليا اي ذكر للاحتلال. يركز العرض في المقابل على استرضاء اليمين الإسرائيلي المتطرف بكل الوسائل من اجل قبول حكومة بيبي نتانياهو بتجميد الاستيطان في الضفة الغربية لمدة تسعين يوما. لا اشارة الى القدس الشرقية في العرض الأميركي. هناك معلومات مسربة عن موافقة ضمنية لبيبي نتانياهو على ان يشمل التجميد المدينة المقدسة. لماذا جاءت الموافقة على تجميد الاستيطان في القدس ضمنية؟ الجواب ان المطلوب ان لا يكون يكون هناك اي ازعاج لليمين المتطرف الممثل في الحكومة. صار مطلوبا مراعاة شعور اليمين الإسرائيلي المتطرف لا اكثر. صارت عملية السلام متوقفة على ما يريده يمين اليمين الإسرائيلي. صارت عملية السلام رهينة رجل مثل افيغدور ليبرمان وزير الخارجية الذي جاء الى فلسطين من مولدوفيا حيث كان حارسا عند باب احد النوادي الليلية. اسوأ من ذلك، صارت عملية السلام اسيرة حزب مثل "شاس"، وهو حزب ديني، لا همّ له سوى ابتزاز الحكومة بغية الحصول على مساعدات ودعم لمؤسسات تابعة له، على راسها المدارس التلمودية!
تغيّرت إسرائيل كليا. تغيّر المجتمع الإسرائيلي الذي لم يعد يهمه السلام، بمقدار ما انه بات مأخوذا بالقدرة على تكريس الاحتلال على حساب شعب سلبت منه حقوقه وارضه هو الشعب الفلسطيني. ولكن ما قد يكون اهمّ من التغيّر الذي شهده الداخل الإسرائيلي، ذلك الضعف الذي تعاني منه ادارة باراك اوباما الذي ينسى انه على راس القوة العظمى الوحيدة في العالم. ياتي التطرف الإسرائيلي والضعف الأميركي في ظل تراجع عربي لم تشهد المنطقة مثيلا له منذ قيام دولة إسرائيل على ارض فلسطين في العام 1948. بلغت درجة التراجع في الوضع العربي عموما مرحلة لم يعد فيها من يفرق بين الانتصار والهزيمة. هناك من يتحدث عن انتصار على إسرائيل في حرب صيف العام 2006 التي انتهت باستشهاد مئات المواطنين وتدمير جزء من البنية التحتية اللبنانية وصدور القرار 1701، في حين صار سلاح ميليشيا "حزب الله" موجها الى الداخل اللبناني. عاد الوطن الصغير ثلاثين عاما الى خلف، وزاد الشرخ الطائفي والمذهبي، وهناك من لا يزال يتحدث عن انتصار. ربما لا فارق لدى البعض بين الانتصار على لبنان وبين الانتصار على إسرائيل وانه يكفي الانتصار على لبنان والتحكم بالحياة السياسية بالبلد لبلوغ مرحلة يصبح فيها هناك من لا يستحي من الكلام عن انتصار...
ما ينطبق على لبنان، ينطبق ايضا على فلسطين نفسها حيث لا يزال هناك من يرفع شارات النصر بعد حرب غزة في نهاية العام 2008 وبداية العام 2009 والتي انتهت بتدمير ربع القطاع واستمرار الحصار الظالم. قبل الحرب، كانت الصواريخ العبثية التي تطلق من غزة وسيلة لتحرير فلسطين، كل فلسطين. بعد الحرب، واستشهاد نحو الف وثلاثمئة فلسطيني وسقوط آلاف الجرحى، صار اطلاق هذه الصواريخ "خيانة"! حصل ذلك بقدرة قادر، ربما لأن التخلص من الاحتلال آخر همّ لدى "حماس". الهمّ الاول يتمثل في السيطرة على غزة وتغيير طبيعة المجتمع الإسرائيلي تمهيدا للانقضاض على الضفة الغربية متى صارت الظروف مهيّأة لذلك يوما.
في حال كان مطلوبا وصف العرض الأميركي لإسرائيل، فان اقل ما يمكن قوله ان هناك استخفافا بعقول العرب. ولكن متى يستخف "حزب الله" الذي تقف خلفه ايران بعقول اللبنانيين و"حماس" بعقول الفلسطينيين، هل يصبح مستغربا ان تذهب ادارة اوباما الى هذا الحدّ في الانصياع للمطالب الإسرائيلية؟ من يضمن ان إسرائيل لن تعود الى الاستيطان، اي الى اقامة مستعمرات جديدة في القدس والضفة الغربية بعد تسعين يوما؟ هل نسي باراك اوباما نفسه ووزيرة الخارجية هيلاري كلينتون ان استراتيجية بيبي نتانياهو تقوم على فكرة التفاوض من اجل التفاوض والعمل في الوقت ذاته على خلق وقائع جديدة على الارض؟
من الواضح، في ضوء الطرح الأميركي الذي يترافق مع انهيار عربي على كل المستويات، ان السلام مؤجل. لا سلام من دون دور أميركي فاعل يضع الامور في نصابها. هذا الدور غير موجود. اقصى ما تستطيع ادارة اوباما عمله هو ممارسة ضغوط في العراق من اجل تشكيل حكومة تأخذ في الاعتبار المطالب الايرانية قبل اي شيء آخر من دون اي اعتبار لنتائج الانتخابات النيابية التي فازت فيها قائمة الدكتور اياد علاوي. اين مشكلة علاّوي؟ هل تكمن في انه يرفض الطائفية والمذهبية ويؤمن بالدور العربي للعراق؟ ربما كان ذلك كافيا لتهميش تلك الشخصية العراقية التي تضع العراق فوق المذهب والطائفة. اما في السودان، فأن كل الاستراتيجية الأميركية قائمة على تقسيم البلد عن طريق استفتاء يجري في التاسع من كانون الثاني المقبل. حسنا، حصل التقسيم. ماذا بعد ذلك؟ يبدو ان كل ما تريده الولايات المتحدة في الوقت الراهن وضع الاساس لقيام دول عدة في الاراضي السودانية الشاسعة. ما تبقى تفاصيل لا اكثر.
من ينظر الى المنطقة من بعيد، آخذا في الاعتبار ما آلت اليه ادارة اوباما والوضع العربي عموما وتحول المجتمع الإسرائيلي نحو مزيد من التطرف، لن يجد سببا لتقديم عرض أميركي من نوع آخر الى حكومة بيبي نتنياهو... امّا عملية السلام، فالف سلام عليها، اقله في المستقبل المنظور!
التعليقات
لبنان
ألعادل -اءذا أراد لبنان ألأستقرار وألأستقلال عليه أن يحكم من ألأمم ألمتحدة ويذلك يستريح من جيرانه ألذين هم سبب ألمشاكل أللبنانية اولا اءسرائيل وثانيا سوريا
مقال مهم
علي -مقال مهم فيه شرح علمي للواقع. شكرا للكاتب.
من يستخف بمن
عربى مقهور -هل تقنعنا الانظمة العربية بامكانية تحقيق السلام مع اسرائيل وهى التى تطبل ليل نهار للمفاوضات وهل حقا هؤلاء السادة الحكام بمن فيهم السيد عباس والزعيم حسنى وقائد الجوقة عمرو موسى والطبال ابو الغيط مقتنعون بحقيقةتحقيق سلام مع اسرائيل بيمينها او يسارها من يستخف بمن الذين يروجون ليل نهار للمفاوضات والوضع العربى الذى صار مهلهلا حسب تعبير الكاتب من يتحمل مسؤليته حزب الله الذى دخل فى مواجهة مع اسرائيل ام الذين يستجدون التفاوض ليل نهار من يستطيع اقناع طفل عربى واحد بأن اسرائيل حقا تريد السلام ناهيك عن الاستخفاف بعقول الملايين من الشعوب العربية من يستخف بمن الذين يستجدون المفاوضات ام الذين يكرسون نهج المقاومة واذا كان حزب الله عميلا لايران الا يكون البديل مقاومة عربية حرة ونزيهة وليست عميلة لأحد ام ان القضية هى اما مقاومة عميلة او نهج استسلامى مخزى اما مقاومة وطنية حرة كما هو الحال عليه لدى باقى شعوب الارض فلا والف لا وفى النهاية يخرج علينا من يتفلسف بمقولة من يستخف بمن اذا كانت المقاومة الموجودة عميلة فهاتوا مقاومة بديلة ولكن البديل لديكم هو الانبطاح والذل والاستسلام ايهما اشرف المقاوم الذى لا يخفى علاقته بايران ام العميل الذى يكيل الذل والهوان لشعبه