جريدة الجرائد

المرأة العربية أمام مفترق طرق

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

طيب تيزيني


مع نشأة التحولات الكبرى، التي اخترقت العالم منذ أكثر من العقدين وانتهت إلى ما انتهت إليه في النظام الجديد، برزت في الواقع العربي أوضاع يرى البعض فيها -تحديداً في حقول اجتماعية وقيمية معينة منها- مثل اتساع دائرة المخدرات والفقر وكذلك قبل تعاظم مظاهر جديدة وخطيرة من تفكك الأسرة -حالة جديدة من الخطاب العربي المؤرِّق، بل من مطاعن هذه الوضعية أن هنالك مجموعة من المثقفين في أكثر من بلد عربي (وكذلك عالمثالثي) يرون في المسألة هذه وجهاً آخر مختلفاً عما نعلنه هنا. فهؤلاء -وقد ظهر منهم البعض الذين احتجوا على مثل ما قلناه الآن ضمن مقالات ومحاضرات قدمناها في صحف عربية وأجنبية (ألمانية)- يرون أن ما يحدث الآن في العالم إنْ هو إلا ولادة جديدة لعالم جديد يؤسس لكونية إنسانية جديدة.

وعلى صعيد العنوان المطروح، يعتقد أولئك أن "تحرير المرأة"، التي طمحت هي إلى تحقيقه مع المدافعين عن حقوق الإنسان، يبدأ الآن حقاً مع انتقال البشرية إلى العولمة. إذ ستصبح ثمار ثورتيْ المعلومات والاتصالات تحت تصرفها، هكذا يُقال. وذلك على نحو يخرجها (أي المرأة) من منزلها، أو يدخل ثمار تينك الثورتين إلى هذا الأخير. وهنا، يتم التأكيد على أن عمل المنزل، الذي سحق شخصيتها حتى الآن، يغدو تجاوزُه محتملاً عبر الدخول في سوق العولمة (وضروري في هذا المنعطف من مسألتنا المركزية، التنويه بأن العولمة ستوظَّف في خدمة ذلك التحرر النِّسوي، كما يبشر دعاتها، طالما أنها نظام السوق الكونية الجديدة ذاتها. ومن شأن هذا أن يعني أن إمكانية دخول المرأة سوق العولمة، سيكون بمثابة تحصيل حاصل على طريق البدء في إنجاز ما كان دعاة المرأة يحلمون به تحت عنوان: تحرر المرأة الاقتصادي وبالتالي استقلالها على هذا الصعيد الحساس في حياة البشر.

هكذا تكون القضية النسوية قد وجدت حلّها العادل، كما يعلن دعاة العولمة، أما مناقشة هذا الرأي الذي يتسع في أصقاع كثيرة من العالم، فتتوقف عند السؤال التالي: هل آليات السوق العولمية قادرة على إبعاد المرأة من المخاطر الرئيسية المتولدة عن دخولها الفعلي في السوق الكونية المذكورة، والتي تتأسس على عدة ركائز أوّلية، وفي هذه الأخيرة تبرز ركيزتان اثنتان حاسمتان، هما "التنميط عبر تفكيك خصوصيات البشر والمجتمعات والقول بالسوق" نفسها سيداً للعالم أولاً، في حين تُفصح الركيزة الثانية عن نفسها في التسليع، بحيث يكتسب البشر هوية السلطة ثانياً. ولعل أحد "أخطاء" هذا الموقف يقوم على النظر إلى العولمة (النظام العالمي الجديد) على أنها، في أساسها الحاسم تأسيس لعالم يقوم على انتقال السلع والبضائع والأموال في العالم كله، بقدرة كبرى، بعد تهاوي الدول وتسنُّم الشركات وظائفها...إلخ، وشيء من هذا القصور قدمه مجموعة من الكتاب العرب، مثل برهان غليون.

من ذلك، نضع يدنا على أن تحرر المرأة لا ينحصر في البعد الاقتصادي المادي بتجلياته المعقدة فحسب، أو أولاً، إذ أن لهذا التحرير شرائطه واستحقاقاته الأخرى الحاسمة، التي تبرز منها الحرية والكرامة والمساواة والدخول في عملية إعادة بناء العالم لصالح البشرية كلها. وبتعبير آخر، حرية المرأة منوطة في أن تحافظ على جدلية الإنسان والأنثى فيها على نحو تتخلص فيه من مُعيقات تقدمها المتوازن عبر استقلالها من حيث هي إنسان منتج وفاعل خلاّق، وبتعبير أدق، إن تحرر المرأة يأتي في سياق نموها وتطورها باتجاه امتلاك كامل حقوقها المدنية والسياسية والثقافية والاقتصادية، بحيث يتهشم ذلك التمييز بينها وبين الكائن الآخر، المكمِّل كلاهما للآخر. والمرأة العربية مدعوَّة -في هذه الحال- إلى أن تكون هي نفسها، مع شريكها المذكور، هذا الكلام أول المسألة وليس نهايتها.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
والرأي للقوامين
هشام محمد حماد -

ولكن توجد وجهة النظر الإسلامية من القرآن الكريم والسُنة المحمدية - فقد أطلعت على كُتيب لأحدهُم أوجز ما جاء فيه : : مقدمة : تحذير المسلمين من أهل الأهواء : اِن الله تعالى أرسل نبيه محمداً بسنن الهدى وما توفاه حتى أقام به الملة العوجاء وتركنا على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها اِلا هالك ، وأمرنا النبى عليه الصلاة والسلام أن نتمسك بهذين النورين & ; تركت فيكم ما أن تمسكتم به لن تضلوا بعدى أبدا ً: كتاب الله وسنتي ، اِلا أن النبى صلى الله عليه وسلم علم أن من أمتـه من تتجارى به الهواء حتى تنقسم الأمة بعد اجتماعها الى فرق عديدة ـ فحذر النبي عليه الصلاة والسلام أن نسلك سبيلهم أو أن نطيع واحداً منهم ، ودعانا عند الأختلاف بالأستمساك بالسنة فقال : ... اِنه من يعش بعدى منكم فسيرى اختلافا كثيراً فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي .. ثم حذر الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام من خطورة هذا البتداع فقال : ... وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار . كما أخبرنا أن المبتدع فى الدين ـ واِن كان قصده حسناً ـ فعمله مردود عليه فقال عليه الصلاة والسلام : من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد لذا فقد حرص الصحابة والتابعون على هذا المنهج القويم فلم يعدلوا عنه قدر شعرة بل اِنهم حذروا غاية التحذير ، فقد ثبت عن عمر بن الخطاب رضى الله عنه أنه قال : ( واِياكم وأصحاب الرأي فإنهـم أعداء السنن ، أعيتهم الأحاديث أن يحفظوها فضلوا واضلوا ) ، وعن عمر بن عبد العزيز قال : ( سنن رسول الله صلى الله عليــه وسـلم وولاة الأمر من بعده سنناً الأخذ بها تصديق لكتاب الله تعالى واستكمال لطاعته وقوة على دين ليس لأحد تغييرها و لا تبديلها و النظر في رأي من خالفها ، فمن أقتدى بما سنوا اهتدى ومن أستبصر بها بصر ، ومن خالفــها واتبع غير سبيل المؤمنين ولاه الله ما تولاه وأصلاه جهنم وساء مصيرا ) فهذا هو سمتهم وهذا هو هديهم والويل لمن خالفهم . قال تعالى : ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وسآت مصيرا أولاً : من القرأن الكريم يقول الله تعالى : بِسمِ اللهِ الرحمنِ الرحيم .. يابنى أدم قد أنزلنا عليكم لباسا يوارى سوأتكم وريشاً (من سورة الأعراف) .. يأيها الذين أمنوا لا تدخلوا بيوت النبى اِلآ أن يؤذن لكم اِل