جريدة الجرائد

ولماذا لا تقاتل الخرطوم منعا للانفصال!

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

حسان يونس

يقول القنصل العام السوداني بأسوان السفير بلال قسم الله انه لاعودة لخيار الحرب في حال تقرير مصير أبناء جنوب السودان للانفصال في الاستفتاء المزمع اجراؤه في يناير 2011، وان هناك معالجات تتم لبعض القضايا المصيرية المتعلقة بترسيم الحدود وتوزيع الثروات والسكان في حالة الانفصال، وكنا سمعنا تصريحات تصب في ذات الاتجاه من مسؤولين آخرين، مايعني بأن انفصال الجنوب ربما بات مجرد تحصيل حاصل.

في الحالة السودانية يتعين التوقف مليا أمام مطالب الانفصال، فالجنوب تعرض للاهمال الطويل نتيجة النسيان الطويل، وشهد حربا مدمرة أودت بحياة الآلاف، بل عشرات الآلاف، من الجانبين ومن حق الجنوبيين أن يكون لهم رأي خاص في موضوع الوحدة والانفصال، ومع ذلك يتعين التريث قليلا قبل المضي في الحديث عن أمر الانفصال، ذلك أن المسألة تبدو، في بعض وجوهها، وكأنها مؤامرة يراد لها تقسيم هذا البلد العربي ومنعه من استثمار خيراته على النحو الأمثل، واذا ما أخذنا بعين الاعتبار أن السودان هو سلة غذاء العالم وليس افريقيا وحدها، فلنا أن نتخيل حجم هذه المؤامرة وأبعادها ومراميها.

إن المضي في الخطط الرامية إلى الاستفادة من الرقعة الزراعية والرعوية الهائلة في السودان يحتاج إلى استثمارات هائلة سوف تؤمنها عائدات البترول، وأجواء الأمن والطمأنينة التي يمكن أن تشيعها حالة السلام، بعد طي ملفات النزاع القائمة حاليا. وربما ليس من قبيل المبالغة القول ان النزاع في دارفور، كان من بعض أسبابه ارباك السودان وتسهيل عملية "سلخ" جنوبه.

من هنا فإن أي عاقل لايمكن أن يصدق بأن مسألة حقوق الانسان في الجنوب كانت وراء الدعم الأميركي الواضح، وربما "الفاضح" لقضية الانفصال، ولو كانت الولايات المتحدة، والعديد من الدول الغربية الأخرى صادقة في مسألة "انصاف" الجنوبيين وتمكينهم من تقرير مصيرهم بحرية لكانت أعطت الأولوية للكثير من القضايا الأخرى وفي مقدمة ذلك حق تقرير المصير للشعب الفلسطيني وتمكينه من اقامة دولته المستقلة على ترابه الوطني، دون أن ننسى بؤر التوتر الأخرى، وهي كثيرة.

من هنا أيضا يتعين على الدول العربية والافريقية دعم السودان ووحدة أراضيه، ورفض أي طروحات انفصالية، لأن المطلوب تقسيم السودان وليس منح الجنوبيين حق تقرير المصير، وحرمان هذا البلد من التحول إلى أحد أهم الدول المنتجة للمنتجات والصناعات الغذائية، وطالما الأمر على هذا النحو فإن من حق الخرطوم اتخاذ كل الاجراءات التي من شأنها اجهاض هذه المخططات بعد أن تحول الحديث من استفتاء حول مصير الجنوب إلى أداة لسلخه عن وطنه الأم، لأهداف لم تعد تخفى على أحد.

من حق البشر أن يحددوا مصائرهم وخياراتهم، لكن مايحدث للجنوب مؤامرة كاملة الأبعاد والمواصفات لاعلاقة للجنوبيين البسطاء في تداعياتها، مايعطي الخرطوم كل الحق في اتخاذ الاجراءات التي تراها مناسبة لتفكيك هذه المؤامرة واجهاضها.

لو أن حركة سياسية قامت في هاواي على فكرة الاستقلال عن الولايات المتحدة، هل كانت واشنطن ستقبل بتنظيم استفتاء لتقرير مصير هذه الولاية، هذا هو السؤال الذي يتعين على الساسة الأميركيين الاجابة عنه وهم يمعنون في الترويج لفكرة انفصال جنوب السودان، وهو خطوة سوف تتبعها خطوات، خاصة في ظل استمرار أزمة دارفور المنطقة المرشحة لمصير مشابه بمجرد "سلخ" الجنوب واعلانه دولة مستقلة.

كل ذلك يقود إلى تساؤل واحد: لماذا لاتقاتل الخرطوم منعا للانفصال!

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف