العرب على مشارف نهاية 2010!
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
خيرالله خيرالله
ليس هناك ما يدعو إلى التفاؤل عربيا. لم يعد هناك عملية سلام. بات السؤال الوحيد المطروح ما الذي يستطيع الفلسطينيون عمله في غياب عملية السلام؟ وما الذي يستطيع العرب عمله غير توفير الغطاء للفلسطينيين في حال شاؤوا التفاوض حتى لو كان الهدف الإسرائيلي المعلن هو التفاوض من اجل التفاوض. بلغ الوضع العربي مرحلة من الضعف لم يعد فيها مسموحا بتقديم أي عذر لإسرائيل من اجل الهرب من المفاوضات مع المعرفة المسبقة بان المفاوضات لن تؤدي إلى نتيجة!
انه بالفعل وضع عجيب غريب لم يسبق للمنطقة ان شهدت مثيلا له. الأسوأ من ممارسة لعبة الانتظار ان أي دعوة إلى المقاومة تصب في خدمة المشروع الإسرائيلي ما دامت هذه المقاومة ستكون بأجساد اللبنانيين والفلسطينيين وحدهم وما دام العرب لا يريدون فتح الجبهات وتبني إستراتيجية موحدة تقوم على فكرة الصمود من جهة ورفض الشعارات الطنانة من جهة أخرى.
على مشارف نهاية السنة 2010، يبدو واضحا ان الشرق الأوسط مقبل على تطورات في غاية الأهمية في السنة المقبلة. لا يزال الزلزال الذي ضرب العراق في بدايته. كل ما يمكن قوله ان العراق خرج من المعادلة الإقليمية موقتا تاركا فراغا كبيرا في الشرق الأوسط وحالة من انعدام التوازن. وفي انتظار تحديد الهوية الجديدة للعراق والشكل الذي سيأخذه هذا البلد المحوري، لا بد من التأمل بما يحدث في أماكن أخرى وليس فقط على ارض فلسطين المهددة يوميا بالاستيطان الإسرائيلي الذي لا هدف له سوى تكريس الاحتلال لجزء من الضفة الغربية، بما في ذلك القدس الشرقية...
عاجلا أم آجلا، سنرى السودان مقسما. هل التقسيم يمثل حلاً بالنسبة إلى السودان؟ لو كان يمثل حلاً، لتوجب على العرب جميعا دعم الفكرة. المشكلة ان التقسيم يمكن ان يؤدي إلى خلق مزيد من المشاكل وإلى سلسلة من الحروب الداخلية معروف كيف تبدأ وليس معروفا كيف يمكن أن تنتهي. هل يصبح السودان دولتين أم مجموعة من الدول المتخاصمة والمتناحرة؟ الأهم من ذلك، إن تقسيم السودان سيكون له تأثير مباشر على مصر وعلى قسم من منابع النيل. لا شك ان الوضع السوداني سيطرح مزيدا من التحديات أمام مصر في وقت ليس معروفا هل سيرشح الرئيس حسني مبارك نفسه في الانتخابات الرئاسية المقبلة، أم ان انه ستكون هناك خطوات تمهد لانتخاب السيد جمال مبارك رئيسا.
في كل الأحوال، ليست مصر وحدها التي تواجه تحديات كبيرة هذه الأيام، بعضها بسبب السودان. هناك أيضا منطقة الخليج كلها التي تعاني من تفاعلات الوضع العراقي والتجاذبات ذات الطابع المذهبي التي غذّتها سياسة أميركية لم تأخذ في الاعتبار النتائج التي ستترتب على احتلال البلد وإسقاط النظام القائم، بغض النظر عن طبيعة هذا النظام وما ارتكبه. ليس الوضع العراقي وحده الذي يقلق الخليجيين. هناك المواجهة القائمة بين إيران والمجتمع الدولي التي لا يمكن للدول القريبة من إيران أن تكون في منأى عنها. وهناك الوضع في اليمن، وهو وضع اقلّ ما يمكن أن يوصف به بأنه معقّد. من يعتقد أن الوضع اليمني لا يهدد شبه الجزيرة العربية كلها، إنما يتعامى عن حقيقة تتمثل في أن امن اليمن من امن الدول الخليجية وامن الدول الخليجية من امن اليمن. لا يمكن في أي شكل التغاضي عربيا عما يدور في اليمن حيث الظاهرة الحوثية بكل ما تمثله من خطورة وحيث إرهاب "القاعدة" القابل للتمدد في مختلف الاتجاهات. انه إرهاب لا يعرف معنى الحدود بين الدول ولا يعير الحدود أي قيمة.
لا يمكن الحديث عن مشاكل العالم العربي من دون التوقف عند ما يدور في لبنان حيث الوضع في غاية الدقة. هناك قرار ظني سيصد عاجلا أم آجلا عن المدعي العام في المحكمة الدولية التي ستنظر في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري ورفاقه والجرائم الأخرى التي تلتها. وهناك "حزب الله" الموالي لإيران الذي يعتقد لأسباب خاصة به، ربما يعرفها تماما، أن القرار الظني موجه ضده. هل هناك مجموعة من الحكماء العرب على استعداد للعمل منذ الآن على احتواء تداعيات القرار الظني، خصوصا ان "حزب الله" الذي أقام دويلته المسلحة على الأرض اللبنانية مصرّ على أن القرار الظني متحيز وانه سيقلب الطاولة على كل من هو موجود على الأراضي اللبنانية في حال صدوره؟
الأكيد ان هناك مشاكل أخرى على خريطة الشرق الأوسط. هناك حتى مشكلة مفتعلة اسمها الصحراء الغربية لا هدف من وراء تغذيتها سوى استنزاف بلد عربي كبير هو المغرب. من يستعرض مشاكل المنطقة، يدرك لماذا لا تبدو إسرائيل مهتمة بعملية السلام أو بالتوصل إلى أي تسوية من أي نوع كان.
عامل الوقت لا يعمل للأسف الشديد لمصلحة العرب. كل القوى الصاعدة في المنطقة غير عربية. ليس هناك من يستطيع تفادي الاعتراف بالنفوذ الإيراني في المنطقة. ولا يمكن لعاقل تجاهل النفوذ التركي وأهمية هذا البلد الذي استعاد بعض أمجاد الإمبراطورية العثمانية. ولا يمكن بالطبع غض النظر عن القوة التدميرية الهائلة التي تمتلكها إسرائيل والاستعداد الأميركي لتزويدها بكل التقنيات المتقدمة رغم إصرارها على ممارسة إرهاب الدولة والتشبث بالأرض العربية. في ظل هذا العجز العربي عن التأثير في مجريات الأحداث لم يعد مستغربا أن يصبح حدث خطير في مستوى تهجير مسيحيي العراق حدثا عاديا...