جريدة الجرائد

الإسلام المنغلق والإسلام المستنير

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

محمد عبد اللطيف آل الشيخ

أريد من إخوتي الذين يعتقدون أن الإسلام الحقيقي هو الإسلام المتزمت، الذي لا يعرف التسامح، ولا تهمه المصالح، ولا واقع الحياة المتغير، أن يقارنوا أنفسهم فقط بماليزيا، حيث استطاعت هذه الدولة الإسلامية الفتية أن تقدم حلاً إسلامياً متميزاً يتوافق مع العصر، ولا يختلف مع روح الإسلام وثوابته الرئيسة، ثم يعودون إلى أنفسهم، وإلى ما يطرحون، وكيف أنهم بالفعل أصبحوا مضرب مثل للتزمت والتشدد والانغلاق، ويسألون أنفسهم سؤالاً واحداً بسيطاً: هل بالإمكان أن تقيم تنمية اجتماعية واقتصادية يمكن لها أن تلبي حاجات الناس المعيشية بهذه الشروط الضيقة والمنغلقة؟

هناك كثير من فقهائنا - للأسف - لا يُبالون بشيء اسمه (تنمية)، ويعتقد بعضهم أن المدنية والترف صنوان لا يفترقان؛ بل إن طائفة من متعصبينا يعتقدون أن الاهتمام بالتشييد والبناء هو مثل أن تترك دين الإسلام وتعود إلى حضارات ما قبل الإسلام، التي تحدث عنها القرآن و(ذمّها) واعتبرها ضرباً من ضروب عمارة الدنيا، بينما يرى هؤلاء المتطرفون المنغلقون أن رسالة الإسلام تُعنى (فقط) بعمارة الآخرة لا عمارة الحياة الدنيا، وأن من يهتم بعمارة الدنيا يُخالف معنى العمارة التي أمر بها الإسلام كما يزعمون. مثل هذا الطرح هو ببساطة ضد حركة التاريخ؛ فالإنسان بطبعه يسعى إلى تحقيق مصالحه بمعناها الواسع، حتى وإن تعارضت مع بعض اجتهادات المتشددين، وليس أدل على ذلك من الموقف الجماهيري الغاضب من (فتوى الكاشيرات) الأخيرة؛ فقد رأى فيها الكثيرون (تشويهاً) للدين، وتحميلاً للشريعة ما لا يتواكب مع روحها ومقاصدها، فضلاً عن أنَّ تلك الفتوى (المرتبكة) كانت محاولة صريحة لا تقبل التبرير لقطع أرزاق الناس، إضافة إلى أن أول من ينقضها هو تاريخ الدول في الإسلام ابتداء من دولة المدينة في عصر الرسول - صلى الله عليه وسلم - وانتهاء بالدولة السعودية في أطوارها الثلاثة.

لا خلاف أن شرعية هذه الدولة قائمة على الشريعة الغراء. ولا خلاف - أيضاً - أن بقاء الدول اليوم، أياً كانت هذه الدول، بما فيها المملكة، تقوم على تحقيق معادلة (العقد الاجتماعي)؛ حيث يَفترضُ هذا العقد في شكله المعاصر أن يوفِّرَ من يتولون الحكم - (ولاة الأمر) - كل الوسائل لأن يعيش الإنسان، ويتلمس أسباب رزقه، إضافة إلى اضطلاعهم بالدفاع عن الأوطان، وترسيخ الأمن، وتحقيق العدل، وكذلك العناية ب (صحة) الأبدان، وبذل ما في الوسع لحمايتها من الأمراض والأوبئة، وفي مقابل ذلك فإن للنظام الحاكم (الطاعة) من المحكومين والإذعان لأنظمته وقوانينه. وعندما يختل أحد طرفي معادلة العقد الاجتماعي فإن النتيجة الحتمية لهذا الاختلال هي الفوضى والفتن؛ وربما الحروب الأهلية.

وأكاد أجزم أن أساطين الإسلام المنغلق لدينا ليس لمفهوم (العقد الاجتماعي) ولا مقتضيات تحقيقه على أرض الواقع أي اعتبار أو حضور في أذهانهم، ومع ذلك يطلبون من السياسي أن يُناصرهم حتى وإن كانت أطروحاتهم تنسف العقد الاجتماعي من أساسه، الذي ما قام حكمه أصلاً إلا لتحقيقه. إضافة إلى أنهم لا يُفرقون بين متطلبات بقاء الدولة المعاصرة، ومتطلبات بقاء الدولة في الماضي، وهذا ما يتجلى بوضوح في ترديدهم عبارة لا يمكن قبولها على علاتها مؤداها: (لا يصلح خلف هذه الأمة إلا بما صلح به سلفها)؛ وعندما تحاول أن تشرح لهم أن صلاح (اليوم) يختلف عن صلاح (الأمس) لاختلاف ظروف اليوم عن الأمس، يقفزون إلى نبزك بكل ألفاظ الضلال والنفاق، بل وأحياناً يصمونك بالردة والكفر؛ فهم لا يناقشون ولا يحاورون وإنما فقط (يتهمون) دون أن يكون لتهمهم ما يُبررها. غير أن التاريخ علمنا أن مثل هذه الممارسات المنغلقة والمأزومة ستنتهي حتماً إلى الفشل الذريع؛ فمن يجدّف ضد التاريخ، وضد أرزاق الناس، وضد مصالحهم، ربما يستطيع أن يقاوم بعض الوقت، غير أنه بكل تأكيد لا يستطيع أن يقاوم كل الوقت.

إلى اللقاء.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
ملاحظة غير بسيطة
خوليو -

40% من سكان ماليزيا لايدينون بالاسلام، وهذه كمية معتبرة للعقد الاجتماعي، دول اللون الواحد الاسلامي (أفغانستان مثلاً والسعودية في منطقتنا)مستحيل فيهما التقدم إن لم يخلع الحاكم(الذكر) حجاب البصيرة عن عقيدة دينية روحية وسياسية، شقها السياسي الشرعي فقد صلاحيته كحكم، الروحي إن بقي في مجاله الروحي لايعيق التقدم وهذا ينطبق على جميع الأديان.

خوليو
famine -

شكراً للأستاذ خوليو على ردوده الرائعه ... يرد على المتدينين بلغتهم وطريقتهم ... ولا يزالون يراوغون ويتهربون من الحقيقة... بس اتمنى يكون ملحد او لا ديني لإنه اذا طلع مسيحي فراح يكون يخالف نفسه

مشكلة الاسلام
يوسف يوسف -

السبب الرئيسي وراء هذه المشكلة الاسلامية هو ازدواجية النصوص الاسلامية. فهناك نص يقول شيئا ونص آخر يقول ضده. مثلا: نقرأ في آية (لكم دينكم ولي دين) و (لا اكراه في الدين)، ثم نقرأ في آية أخرى (ان الدين عند الله الاسلام) و (من ابتغى غير الاسلام دينا فلن يقبل منه). وبعد كل هذا يأتي من يسأل لماذ يوجد التناقض بين المسلمين؟؟

لا يوجد
صوت الحق -

لا يوجد شي اسمه اسلام مستنير كله اسلام منغلق ولكن يوجد شي اسمه مسلم مستنير او مسلم منغلق .

ما هي الحضارة
أحمد توفيق -

هل الحضارة هي أن تخلع المرأة لباسها؟ وأن يمشي الذكر عارياً، تباً لهذه حضارة تكون بها المرأة سلعة بالحوانيت وفي الطرقات، إن من يطالبون المرأة بخلع حجابها ولباسها هم من الشواذ الذين يقبلون على أنفسهم ما لا يقبل به الشريف العفيف، العفة والشرف لا يكون إلا بالستر والتقوى وإذا أرادت المرأة أن تتعرى فهي تتعرى لزوجها وليس لكل ذئب في الشوارع ينهش بعينيه لحمها، نعم إن الدين عند الله الإسلام وهذا يعني أن تسلم وجهك وأمرك كله لله وأن لا تعبد إلا إياه ولا تشرك به شيئاً، لكم دينكم ولي ديني = من إرتضى غير ما أمر الله به سيكون يوم الموقف الأعظم يحكم الله بينهم من هو على السراط المستقيم ومن هو شاذ عن ما أراده الله، الحضارة ليست باللباس وليست باللون وبالدين وخلافه الحضارة نتاج إجتماعي مشترك لعوامل شتى منها الثقافة والأدب والأخلاق والعلوم وليس منها خلع الحجاب والملابس وشكراً

وش انغلاقك ؟
انت متزمت منغلق -

اذا كانت التنمية عندك اختلاط فبئس التنمية وفتوى الكاشيرات لم يغضب منها الجماهير فقط اعلاميي الصحف هم من غضبوا وكيف تأخذ رأي الجماهير في اعلام موجه ذات رأي واحد وانت ما مليت من موضوع الاختلاط في كل مقال لك ليتك ترى مواضيعك وبعدها عن الحضارة والثقافة

أين التناقض-يوسف
أحمد توفيق -

الآيات يا أخي واضحة ولكنكم لا تريدون أن تفسروها إلا كما تشاؤون، لو دعوتك أنا للإسلام مثلاً ولم تقتنع ماذا أقول لك سوى (أنت حر لك دينك ولي ديني) وبالتالي المناقشة التي تمت بيننا كانت بين شخصين يتجاذبان الحديث والدعوة ولم أٌكرهك على إتباع ديني والعكس صحيح، ولكن الله يقول إن الدين عنده هو الإسلام ومن أراد الدخول به والإيمان بما أنزله الله على الأنبياء والرسل من سيدنا آدم لآخر الرسل والأنبياء محمد عليهم صلوات الله وسلامه فلن يقبل الله منه غير هذا، أنا لا أعرف كيف تفسرون؟ أين التناقض يا أخ يوسف؟ وعلى فكرة الإسلام هو الإسلام الحنيف أي الدين الذي أنزله الله على كافة أنبيائه ولا شيء إسمه الدين اليهودي أو المسيحي ولكن هناك اليهود وهم قوم يؤمنون بالتوراة ويكفرون بالمسيح عليه السلام وهناك النصارى وهم اليهود الذين ناصروا السيد المسيح عليه السلام الذي قال عنهم الله في القرآن الكريم (يا أيها الذين آمنوا كونوا أنصار الله ، كما قال عيسى بن مريم للحواريين من أنصارى إلى الله ؟ قال الحواريون : نحن أنصار الله) وسموا منذئذ بالنصارى دينهم الإسلام عليهم رضوان الله وسلامه ويؤمنون بما أنزل الله على موسى وعيسى أي التوراة والإنجيل وليس في التوراة أو الإنجيل ما يطلق على اليهود (أنه دين بل هم قوم وشعب) وأيضاً ليس بالإنجيل ما يقول بأن أتباع عيسى بن مريم هم مسيحيون ولكنهم أنصار الله وأحباؤه ودينهم هو الإسلام لأن الإسلام هو دين الله (معناه أن تسلم أمرك لله وعبادتك لله وصلاتك ونسكك لله وأن لا تشرك بالله شيء وأن تضع الله نصب عينيك بكل ما تقول وتفعل) ومن يفعل هذا من جميع الأقوام ومن جميع النحل والشعوب سيكون مسلماً مهما إختلفت لغاته وألوانه وأشكاله لأن الله يعلم ما في الصدور ويعلم ما تسرون وما تعلنون وكلنا آتيه يوم القيامة فرداً لا جنود معنا ولا شيوخ ولا قسيسين ولا رهبان المرء بما فعل وقال وآمن فمن كان من أهل الجنة فإلى الجنة إنشاء الله ومن كان من أهل جهنم فهي مثواه والعياذ بالله وأرجوا لكم كما أرجوا لنفسي العافية من غضب الله وشكراً لإيلاف

إسلام عدائي , مستنير
راهب بحيره -

لم نسمع عن إسلام منغلق ! ولكن قرأنا عن إسلام عدائي ( مدونه و تعليميه ) ومسلمين متنورين وما دونهما غير متواجد ؟كفانا تحريض وتكريه ورفض للأخرين ( يهود ومسيحيين ) وكفانا أن نرفع (السيف رمزآ للدين ألإسلامي ) لأن الجهلاء وفاهمين الدين خطآ عند المسلمين بكثره وتكاثر ؟ يبقى للمسلمين إستخدام تحديد المواقف والعقلانيه من ألإرهاب والعداء للغير ! لكي يكونوا مجتمعات فعاله من أجل ألزات والبشريه جمعاء !

الشر المستطير
عبد القادر الأحمدي -

هذا ماجنيتموه على انفسكم ..انتم حفرتم الحفرة فوقعتم فيها واشعلتم النار فهاهي تكويكم ..انتم من ينشر الوهابية التكفيرية المجرمة ويدعمها ويغذيها بالأموال الطائلة والدعم السياسي وهي الحاضن والمنتج الطبيعي لمجرمي القاعدة والتكفير ...مالم تتخلصوا من الوهابية فلن تقوم لكم ولا لأمة الأسلام قائمة ...الوهابية رأس البلاء فتخلصوا منها ترتاح البلاد والعباد من شرورها ..لابديل عن الأسلام الوسطي المعتدل المتسامح ..الرحمة للعالمين ..

الى احمد توفيق
كامل -

هل انت مقتنع فعلا بما تكتبه؟ ام انك حين لا تستطيع إن تجد ردودا منطقية تلجا الى المراوغة والتبرير؟ حاول ان تركز في تعليقاتك وردودك وان تحاول ولو لمرة واحدة ان تستخدم المنطق والعقلانية قبل ان تضع كلمات مع بعضها وتسمي ذلك ردا. انا اتوق الى قراة ولو رد واحد منك او ممن على فكرتك فيها منطق وعقل وقابل على إقناع المقابل, دون مراوغة وتبرير وشتم الاخر وتحقيره, ولم اجد, فهل تستطيعون ذلك ولو لمرة واحدة؟

الكذب كذب
2242 -

الإسلام دين ضبابي رمادي اللون معقد صعب فهمه وهو كالزئبق لكل آية يوجد آلاف التفاسير والحجج حيث نرى فقط عندا الإسلام يوجد علماء بالدين ليستطيع فك معاني الآيات ؟ عجبي منذ ١٤٠٠ عام وحتى الآن لم يستطع علماء المسلمين فك ألغاز آياتهم ،أما المشكلة الأعظم هي ،كل عالم يفسر الآية تفسير يختلف عن عالم مسلم آخر . كتاب رمادي سلام وأخيراً أذكركم الكذب كذب وهو من الشيطان ولا تنسو العم Google بالمرصاد لفضح الأكاذيب ؟ سلام مره أخرى

أفضل تعليق
أبو القاسم -

خير ماقل ودل.

الى احمد توفيق وغيره
حسان -

هل الأسلام الذي تدعو اليه هم الخوارج الوهابية التكفيرية الذي كل ماانتجوه للبشرية هو القاعدة وجرائمها ؟ هل هذا هو الذي تدعو الناس ليتركوا ديانتهم ويلتحقوا بأصحاب الدشاديش القصيرة واللحى البشعة والنقاب الأفغاني ...اتق الله يارجل ...انت تتكلم من حيث لاتدري عن عصر رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته وآل بيته ..اما اليوم فنحن في زمن حكام الجور والظلم والملك العضوض وحكم المراهقين والصبيان بالوراثة هذا زمن الوهابية التكفيرية عدوة الأسلام التي تمتلك المليارات وتسيطر على عقول الناس وتضللهم وتنزل بمكانة وسمعة المسلمين في كل يوم الى اسفل سافلين ، فلنصلح شؤون بيتنا من الداخل ثم نصلح الآخرين وقبل ان تسارع انت وغيرك بالتهمة الجاهزة : رافضي او ايراني فأنا لاهذا ولاذاك انا مسلم واحب اخواني المسلمين واحترم باقي الأديان وادين بشدة جرائم الوهابية والقاعدة ...لو فينا خير لنتخلص من هذا الوباء العظيم ثم نلقي محاضرات للناس ليدخلوا ديننا ...اين يدخلون لأبن لادن وصحبه ؟؟ام للمشايخ الذي يصدرون فتاوى الفتنة وسفك دماء الأبرياء والأنتحاريين المجرمين ..؟

لااله الا الله
ندى -

قال تعالى : ( وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً )