فتش عن الخليجي
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
عبدالله السفر
في تقرير صحفي، لجريدة الأخبار اللبنانية من القاهرة، عن تراجع مهرجان القاهرة السينمائي وُضِع اللوم على مهرجانات الخليج السينمائية التي تصرف ببذخ على استضافة النجوم الأجنبية وتدفع بسخاء - لقاء العرض الأول - على الأفلام المشاركة. وقبل فترة أجرت صحيفة الشرق الأوسط استطلاعاً عن الكتب الأكثر مبيعاً التي تتصدّر حركة النشر دون مبرّر فني يشفع لها، فأرجع أحد الضيوف هذا الخلل إلى جملة من الأسباب أحدها "سلطة جوائز الخليج" وكأن هذه الجوائز لا تُمنح إلا للكتب الرديئة.
نعرف قائمة الاتهامات الطويلة التي تنتصب في وجه "المال الخليجي" الجاهز للدفع والشراء وللتبذير السفيه غير الخاضع لمنطقٍ أو تدبير. يستوي في هذا الأمر الأفراد والمؤسسات والدول. قائمة الاتهام تطال الجميع دون تمييز أو إعمال بصيرة.
"المال الخليجي" فاسد ومفسد.. محاط بالشبهات. الصورة السياحيّة العابقة بالفوضى والعمى، تصبح هي الصورة الوحيدة الصحيحة الشاملة لهذا المال. عندما يبحثون عن أسباب الخلل الاقتصادي أو السياسي أو الاجتماعي، لا شيء يسعفهم في التفسير مثل "المال الخليجي". فلو تعثّرت دابة في وديان العرب أو صحاريها لكان المسؤول "المال الخليجي" وحده.
إن منطق التحلّل من المسؤولية والبحث عن الخلل في مناطق أخرى هو السائد هنا. تعميم الراحة والاطمئنان، فكل ما يقولونه عن "المال الخليجي" قابل للتصديق ولا نقض مع هذا المنطق ولا مراجعة.. غير أن هذا المنطق لا يستقيم أبدا، ولا ينبغي أخذه على علاته. بخاصة عندما يكون الحديث عن الثقافة. ومن الظلم البيّن اتهام المال الثقافي الخليجي بالإفساد والتخريب وخلخلة الموازين وتسويد قيم تنتصر للتفاهة والرداءة.
صحيحٌ أن هناك منتفعين من هذا المال بواجهته الثقافية لكنّ هذا الانتفاع ليس حكرا على دول الخليج ومؤسساتها الثقافية، فقد تابعنا وقرأنا في غير عاصمة ومدينة عربية عن رائحة المال المتسرّب من المهرجانات والفعاليات الثقافية، بما يشكّل فضائح لأصحابها والمدوّنة الصحفيّة حافلة بالأرقام والأسماء.
إن المشاريع الثقافية والمؤتمرات والندوات والجوائز المرصودة لمختلف المجالات الثقافية في العالم العربي والتي ينهض بدعمها "المال الخليجي" من أفراد ومؤسسات خاصة ورسمية.. يمكن لنا أن نعدّها من الصفحات البيضاء في مسيرة التنمية والوعي التي لم تتوجّه بشكل قطري ضيّق. إنما جعلت فضاءها العربي هو الجامع بلا تفضيل وبلا تمييز.
ولا نريد أن نحصي قسمات هذا الوجه المشرق الذي يطلع من الرياض والدوحة ودبي وأبوظبي والكويت، فلسنا في وارد مرافعة بقدر ما هو تسجيل لواقعةٍ من التجني تأخذ طابعا تكراريا كلما جاءت سيرة الخليجي؛ مفردةً أو مضافة!.