كلنا ويكيليكس!
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
محمد أبو رمان
لا يمكن التنبؤ بعد إلى أيّ مدى يمكن أن يؤثر اعتقال جوليان أسانج، صاحب موقع ويكيليكس، على تدفق المعلومات والوثائق السريّة الأميركية، بخاصة أنّ ما تم بثه منها هو نسبة بسيطة جداً مما هو متوافر لدى الموقع.
أصبح ويكيليكس محط اهتمام العالم وقلق الحكومات، والكل ينتظر ما يفضحه من أسرار وخبايا، لكن إلى الآن لم يتم عرض وثائق مما هو مكتوب عليها "سرّي للغاية" من السفراء الأميركان لوزارتهم.
العرب، كالعادة في عالم الفضائح، كان لهم النصيب الأوفر حظّاً، ومع أنّ ما تم كشفه إلى الآن لا يعادل شيئاً أمام الفضائح الكبرى المتوقعة فيما لو تم نشر الوثائق كاملة، ومع ذلك فإنّ ما هو معروض يرقى لمستوى "الفضائح" عن الحكومات والسياسيين العرب، الذين يتقنون تماماً التحدث بلغتين، الأولى للعلن وتعكس مواقف مزيفة يدرك الأميركان أنفسهم أنّها ليست المواقف الحقيقية، والثانية هي اللغة الحقيقية الخاصة التي يفضفضون بها إلى المسؤولين والدبلوماسيين الأميركان، وهي التي سرّب ويكيليكس شيئاً منها!
في الحقيقة "كلنا ويكيليكس"، إذ أنّ هذه الوثائق كشفت إلى أي درجة نحن العرب تحديداً لدينا هشاشة ثقافية وسياسية واجتماعية، ونتحدث بأكثر من لغة، ولا نملك مواجهة التحديات والأسئلة التي تلح علينا وعلى مجتمعاتنا، بل نترك أمورنا لتسير نحو الأزمة والأسوأ!
نهتم كثيراً بما يقوله الآخرون عنّا وما هي صورتنا لديهم، لكن قبل ذلك لا نحاول أن نعرف حقيقة ما نقوله نحن عن أنفسنا وما هي صورتنا التي نرى بها واقعنا، فنجلس وننتظر التقارير الغربية ونتفاعل معها وننظر إليها وكأنّها اكتشاف كبير لنا، رغم أنّ كل ما في هذه التقارير لا يتعدّى جزءاً يسيراً مما نثرثر به نحن للساسة والدبلوماسيين والإعلاميين والباحثين الغربيين، لكن في جلسات مغلقة وبصيغة مختلفة تماماً عن الخطاب الذي يدور في العلن بيننا.
لو وقفنا بصورة مجرّدة - قدر الإمكان- أمام ما قدّمه ويكيليكس من تقرير السفارة الأميركية في عمان عن مباراة الفيصلي والوحدات، ونشرت جزءاً منه الزميلة بيان ملكاوي في موقع عمون الإخباري، وهو تقرير ثمة نقاش كبير حول مضمونه. لكن ما ورد في هذا التقرير لن يكون مقلقاً ولا خطراً، ولن يسبب لنا إحراجاً لو كان لدينا نحن الجرأة والعقلانية المطلوبة لمناقشة قضايانا الداخلية وأزماتنا المتفاقمة، فنضع كل شيء على الطاولة ونتحاور حوله، بدلاً من أن نبقى ندفن رؤوسنا في الرمال.
ماذا يمكن أن يحدث لو نشر ويكيليكس الأمر معكوساً، أي ما ترسله السفارات العربية من واشنطن إلى حكوماتها من تقارير ولقاءات بسياسيين أميركان أو رصدها لظواهر داخلية هناك (هذا إذا سرح بنا الخيال أن هنالك سفارة معينة تقوم بذلك!) فماذا ستكون النتيجة وكيف ستكون ردة الفعل الأميركية!
بالتأكيد ذلك لن يعدو أن يكون أمراً سخيفاً وليس مسليّاً حتى، لسبب بسيط وهو أنّه لا يوجد لدى السياسيين الأميركان أو في المجتمع الأميركي ما يخفونه عن أنفسهم، فكل الظواهر والموضوعات مطروحة للنقاش لديهم، وتخضع للدراسات وتسليط الإعلام والنقاش السياسي المعمّق هناك، أمّا الأسرار الدبلوماسية والسياسية الرسمية فهي ليست محلاًّ للثرثرة.
وجود إصلاح سياسي حقيقي ومنظومة متكاملة من التعددية والحريات العامة والحوار السياسي الداخلي الحقيقي، الذي يسمح بأن نقول في العلن ما نقوله في السر، هو ما يحدّ من هذه الهشاشة التي وصلنا إليها، وهو الذي يغيّر هذه الصورة النمطية (لكن الحقيقية) عنا في الغرب!
التعليقات
حقا لم الخوف !!
محمد الزرقاوي -لن تخاف امريكا وامثالها من الوثائق المتعلقة بها فكل شي مطروح لنقاش وليس هناك من يكيل بمكيالين امام العامة بمكيال وامام الخاصة من رؤسائة بمكيال اخر ّ!!!! فضائحنا نحن العرب ليس لها حدود وماخفي كان اعظم
حقا لم الخوف !!
محمد الزرقاوي -لن تخاف امريكا وامثالها من الوثائق المتعلقة بها فكل شي مطروح لنقاش وليس هناك من يكيل بمكيالين امام العامة بمكيال وامام الخاصة من رؤسائة بمكيال اخر ّ!!!! فضائحنا نحن العرب ليس لها حدود وماخفي كان اعظم