جريدة الجرائد

خيارات الفلسطينيين بعد فشل أوباما

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

راغدة درغام

إقرار الإدارة الأميركية هذا الأسبوع بالفشل في إقناع إسرائيل بالموافقة على تجميد الاستيطان غير الشرعي بموجب القانون الدولي لمجرد ثلاثة أشهر ريثما تدخل المفاوضات الفلسطينية - الإسرائيلية مرحلة البحث في حدود الدولة الفلسطينية والوضع النهائي إنما هو إقرار بالفشل الشخصي للرئيس باراك أوباما وباضطراره للخضوع للإملاءات الإسرائيلية. رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو فاز بالرهان على الوقت وعلى جهل إدارة أوباما بمدى تعمّق المؤسسة الإسرائيلية في صنع السياسات الأميركية حتى عندما صعَّد أوباما وتحدث بلغة "المصالح القومية الأميركية"، كانت المؤسسة الإسرائيلية تعمل على إفراغ ذلك التعبير مما كان يجب أن يترتب عليه. الآن، يراهن نتانياهو على التراجع الأميركي وتسلّق باراك أوباما هبوطاً من السلّم الذي نصبه بكل ثقة قبل سنتين عندما دخل البيت الأبيض. فهو يريد التمسك بالوضع الراهن لأنه في مصلحته، وهو يعتقد أن لا الأوروبيين ولا الأمم المتحدة ولا روسيا وبالتأكيد لا العرب سيأتون بمفاجأة تضع العصا في دولابه لا سيما أن في يديه أوراق الحرب أو اللاحرب مع إيران. الفلسطينيون من جهتهم بدأوا البحث في الخيارات المتاحة أمامهم بمفردهم وأمام الدول العربية - إذا شاءت أن تدعمهم - بما في ذلك خيار توقف السلطة الفلسطينية عن تنفيذ التزاماتها طالما أن إسرائيل ترفض من جانبها تنفيذ ما التزمت به. وهذا يعني عدم المضي بالالتزامات "الأمنية" مما يعني بدوره أن السلطة الفلسطينية لن تبقى بمثابة منطقة عازلة تحمي إسرائيل كأمر واقع. مثل هذا الخيار يجب أن يوقظ إسرائيل والعرب والأسرة الدولية وبالذات "اللجنة الرباعية" المكونة من الولايات المتحدة وروسيا والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي التي باتت شبه "رباعية رفع العتب". فلقد حان الوقت للرباعية لأخذ المبادرة الجدية لا سيما أن منطقة الشرق الأوسط تطل على سنة خطيرة عام 2011 قد تنشب خلالها الحروب المدروسة والحروب بالوكالة والحروب غير المقصودة التي تولعها شرارة. لبنان مرشح لأن يكون ساحة الخطر الأول لإحدى هذه الحروب أو لجميعها. لذلك هناك دول ومؤسسات فكرية تعمل على مزاوجة العدالة والاستقرار في صفقات يقترحها البعض بحذر والبعض الآخر بعشوائية واعتباطية. أما الولايات المتحدة فإنها تحاول انتشال سمعتها بعدما دهسها قطار "ويكيليكس". إدارة أوباما تتلقى الصفعات المتتالية وتكاد لا تملك الوقت للملمة نفسها والتقدم بسياسات واستراتيجيات مدروسة. وهذا خطير لأن هناك دولاً ومجموعات ومنظمات وميليشيات تعدّ نفسها لاستغلال التبعثر الأميركي وضعف إدارة أوباما وإقرار الرئيس أخيراً بأنه كان يحلم عندما اعتقد أن في إمكانه صنع السلام في الشرق الأوسط بمجرد إعلانه أنه في المصلحة القومية الأميركية ولأنه أعطى المسألة أولوية. فالواقعية السياسية تتطلب من أوباما أن يجرؤ على استخدام أدوات النفوذ المتاحة لديه إذا كان حقاً عازماً على إحداث التغيير، وهو لم يفعل. نافذة المفاجأة تنغلق وكذلك نافذة الثقة بـ "الأوبامية". ولذلك على المعنيين التفكير الجدي بالخيارات المتاحة أمامهم.

الموضوع الفلسطيني بات منقسماً الى أربعة أجزاء: "عرب الداخل"، في إشارة الى الفلسطينيين الذين بقوا في بلادهم ولم يتشردوا عام 1948 وهم اليوم مواطنون إسرائيليون يبحث السياسيون الإسرائيليون في كيفية التخلص منهم لأسباب ديموغرافية ومن أجل تطهير "الدولة اليهودية" من غير اليهود. "عرب الـ 48" وهم الفلسطينيون الذين شُرِّدوا ومعظمهم يعيش في مخيمات للاجئين في لبنان وسورية والأردن ويريدون أن يكون لهم حق العودة. ثم هناك الضفة الغربية الخاصة للسلطة الفلسطينية وغزة التي تحكمها "حماس" وكلاهما ما زال بعيداً عن المصالحة.

أهم وأقوى ذخيرة في أيدي "عرب إسرائيل" هي إصرارهم على البقاء وعدم الرضوخ لاستفزازات إسرائيلية أو فلسطينية. كفلسطينيين باقين في أرضهم ولن يتركوها مهما استفزتهم السلطات الإسرائيلية أو مهما وضع أمثال وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان من خطط إبعادهم قسراً أو معاملتهم بعنصرية تشبه "الابارتايد".

بالقدر نفسه من الأهمية، على الفصائل الفلسطينية التي تتخذ من غزة أو دمشق مقراً لها أن تكف عن كلام "تفعيل" أو "تثوير" عرب الداخل لأنها بذلك تقدم لإسرائيل الذريعة الخطيرة على طبق من فضة. رسالة عرب إسرائيل الى هذه الفصائل هي: ارفعوا أيديكم عن عرب الداخل ولا تقحمونا في قضايا ذات طابع عسكري أو أمني. فالكلفة باهظة، والمستفيد هو "التنظيف العرقي" الذي يريده إسرائيليون حلاً للأزمة الديموغرافية.

مستقبل عرب 48 خاضع للمفاوضات الفلسطينية - الإسرائيلية المتعثرة، انما هذا لا يبرر سوء معاملة اللاجئين الفلسطينيين ورفض إعطائهم حق المواطنة لمجرد أن هذه الطائفة أو تلك ترفض ذلك لأسباب طائفية ثم تزعم انها تقاوم إسرائيل من أجل الحقوق والكرامة الفلسطينية. إضافة، لا يجوز أن تقع وكالة "الأونروا" لإغاثة الفلسطينيين في عجز مالي فيما الدول العربية تنفق البلايين على التسلح أو على تشييد المدن. يجب اليوم أن تكون الإعانة العربية للإغاثة الدولية ذات رؤيوية أكثر.

في دراسة حملت الرقم (4) وعنوان "انسداد المحادثات المباشرة - والخيارات" التي أعدتها السلطة الفلسطينية لمجلس "فتح" الثوري، ووضع الدكتور صائب عريقات، رئيس دائرة شؤون المفاوضات مقدمة لها، شرحت الـ50 صفحة تقريباً ما حدث منذ شهر تموز (يوليو) الماضي من جهود فلسطينية وأميركية وعربية. وعرضت الخيارات في حال وصول المساعي الأميركية لإقناع إسرائيل بتمديد تجميد الاستيطان لثلاثة أشهر الى الفشل.

يُفترض أن لجنة متابعة مبادرة السلام العربية ستدرس وستطرح "الآلية المناسبة لمطالبة الإدارة الأميركية بالاعتراف بدولة فلسطين على حدود 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، على أن تكون باسم جميع الدول العربية". هذا ما أقرته القمة العربية في سرت.

الدراسة تتعمّق في الردود على ما تتوقع أن تقوله الإدارة الأميركية مثل أن فلسطين ليست دولة، فيكون الرد: ماذا قامت به أميركا تجاه كوسوفو وتيمور الشرقية وما الذي تفعله الآن في جنوب السودان؟ ثم تدخل الدراسة في الخطوات التالية للرفض المتوقع للطروحات المتتالية من مجلس الأمن الى الجمعية العامة تحت مظلة "الاتحاد من اجل السلام" إلى إنشاء وصاية دولية على الأراضي الفلسطينية إلى إلزام إسرائيل إعادة تسلم مسؤوليات الاحتلال مباشرة في أعقاب شبه حل السلطة الفلسطينية، الى رفع قضية أمام محكمة العدل الدولية ضد الأمم المتحدة أو ضد بريطانيا (دولة الانتداب في فلسطين) أو على جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة بسبب التقصير في تنفيذ الالتزامات القانونية الملزمة تجاه الشعب الفلسطيني".

التدرج هو كما يلي، كما جاء في الدراسة: "إذا استمرت إسرائيل بالنشاطات الاستيطانية ورفضت الولايات المتحدة الاعتراف بدولة فلسطين على حدود 1967، ورفض مجلس الأمن قبول دولة فلسطين كعضو كامل العضوية في الأمم المتحدة وعلى حدود 4 حزيران عام 1967 وبعاصمتها القدس الشرقية، ورفضت إسرائيل إعادة الأوضاع على الأرض الى ما كانت عليه في شهر أيلول (سبتمبر) 2000، ورفضت فكرة الوصاية الدولية ولم تقبل الدول المتعاقدة فكرة الحماية الدولية للشعب الفلسطيني وفقاً لميثاق جنيف لعام 1949، عند هذه اللحظة ما الذي يعنيه الطلب من إسرائيل (سلطة الاحتلال) تحمل مسؤولياتها كافة على الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 (بما فيها القدس الشرقية)؟" الجواب بحسب الدراسة هو في "تحديد الوضع القانوني للأراضي الفلسطينية المحتلة". الجواب هو في "أن البديل بيدنا، ولا جواب سوى انه لا بد من تغيير الوضع القائم" علماً أن استراتيجية إسرائيل هي "الإبقاء على الوضع الراهن".

هناك نزعة دفاعية في هذه الدراسة التي تكرر مرات عدة "هذه ليست دعوة لحل السلطة وإنما دعوة لمنع إسرائيل من تدمير السلطة"، وأن "لا أحد يتحدث عن حل السلطة، لأن سلطة الاحتلال تقوم بتدميرها فعلاً".

الوضوح الساطع ضروري جداً في هذا المنعطف وفي هذه المسألة بالذات: أما إبلاغ إسرائيل والرباعية بجدية اعتزام السلطة الفلسطينية التنحي عن المهام الأمنية التي تصفّق لها الأسرة الدولية وتتمتع إسرائيل بنتائجها على أساس أن مهام السلطة ليست أن تكون "المنطقة الفاصلة" بينما تقضم إسرائيل الأراضي والحقوق الفلسطينية. أو التركيز على أن عملية أوسلو أتت بنتيجة واحدة ملموسة هي تواجد السلطة الفلسطينية على الأرض الفلسطينية لإحداث التغيير من الداخل بإجراءات وبأمن ومؤسسات وبإحياء الثقة الفلسطينية بالقدرات الفلسطينية على إحداث التغيير وإنهاء الاحتلال عبر مقاومته بالمؤسسات والعصيان المدني.

فطالما أن المقاومة المسلحة ليست خياراً علمياً أو واقعياً للفلسطينيين - بوجود السلطة أو بحلها - فالمقاومة المدنية ضرورية ويجب إرفاقها باستراتيجية سياسية فلسطينية وعربية بعض مقوماتها الآتي:

* أن تضع "لجنة متابعة المبادرة العربية" فوراً استراتيجية متطورة ومتعددة الجوانب لطرح مجدد للمبادرة العربية للسلام ليس فقط في الإعلام العالمي وبزخم كبير، وإنما أيضاً أمام البرلمانات ومجالس الشيوخ في كافة دول العالم. أي أن يوقع القادة العرب مجدداً على إحياء هذه المبادرة عبر رسائل الى كافة هذه المجالس مع طلب الاستماع الى وفود تشرح المبادرة العربية، ومع حملة إعلامية مكثفة ورفيعة المستوى التقني. فلدى الكثير من العرب صلات مع القنوات التلفزيونية الأميركية، وقد حان الوقت لتوظيفها إيجاباً.

* ان تستمر حملة جمع الاعترافات من الدول بالدولة الفلسطينية ضمن حدود 1967 كما فعلت البرازيل والأرجنتين، مع التركيز عمداً على دول مماثلة كي لا تأتي التواقيع من دول تعتبر "ثورية" على حساب الفلسطينيين. إن حشد هذه الاعترافات بحملة لها زخم ووطأة، يجب أن يتم عبر استراتيجية فورية وعملية.

* التقدم من أطراف "الرباعية" الدولية بمطالب محددة ضمن برامج زمنية لتقوم بمهامها نحو إنشاء الدولة الفلسطينية وتنفيذ تعهداتها مع إبلاغها أن زمن "الاختبار وراء الإصبع" قد ولّى وأن البيانات الديبلوماسية المشجعة قد فات أوانها، لأن البديل هو فض الأيدي من تنفيذ انفرادي للالتزامات. فلقد حان الوقت للقول علناً: "لا حاجة للرباعية من الآن فصاعداً إذا رفضت تنفيذ تعهداتها ودفع الأطراف المعنية الى تنفيذ التزاماتها.

* وأخيراً، لا بد من جدية الدول العربية في تعاطيها مع الإدارة الأميركية لا سيما بعد وضوح فشل باراك أوباما وبعد إيضاح "ويكيليكس" ما كان مخفياً. وهذا يعني الكف عن التظاهر والاتجار بالقضية الفلسطينية.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
عجيب امرنا
د محمود الدراويش -

معظم ما نقراه في صحفنا وونسمعه في وسائل اعلامنا هو من قبيل (ان نفوت الفرصة , وان لا نقع في احابيل مخططات العدو , وان نكون متزنين معتدلين مفرطين دمثين متاجرين ومساومين على كل قضايانا ,لكي لا نثير العدو وكي لا يتصرف في الاتجاه المعاكس وعلى حساب قضيتنا وشعبنا ومستقبل امتنا )السادة عباقرة الصحافة العربية وهم صورة طبق الاصل للنظام العربي ,يرتجفون ويرتعدون ويهمسون لنا بحذر ويقدمون لنا النصح والارشاد كي لا نثير عدونا او ندفعه للتصرف بطريقة مؤذية لنا, ومجمل دعاواهم الحرص على الامة ومصالحها , واني اجزم ان حالهم كحال النظام يعملون له ولمصالحهم الذاتية البحتة دون مواربة , وان خزعبلات الاعلام العربي (الا قلة منه ) لا تخدم الامة بل تخدم اولياء نعمتهم وسادتهم ,فهم مجندون لغرض الدفاع عن النظام وتمكينه وبقاءه والترويج له والدفاع عنه وهم بهذا يبتعدون تماما عن مصالح الامة ومستقبلها , ان مصلحة النظام العربي لا تلتقي مع مصالح الامة ولا تخدمها بل تتناقض معها وتتعارض , وان مصلحة النظام هي مع اعداء الامة فهم في صفهم علنا وفي السر احيانا , وان مراجعة مدققة ممحصة لسلوك النظام وسادة الاعلام تكشف لنا دون جهد او عناء كبير ,التطابق في المصالح مع المحتل وحتى الاستقواء به والوقوف الى جانبه بطريقة او اخرى .ان الكثيرين من الاعلاميين العرب هم شركاء للنظام العربي وهم صناع بؤس ومآسي وهزائم وضياع للامة وتفريط بحقوقها وتلاعب بمصير اجيالها ,,, ان رسالة الاعلام الملتزم هو حشد الامة وتفعيلها وبث روح العمل والاقدام والكرامة في شراينها ,وتربية اجيال مؤمنة بقدرة العرب وحقوقهم وامكاناتهم وثرواتهم المتاحة , وخلق انسان عربي مثابر مضحي مؤمن برسالة الامة وبعدها الحضاري والانساني ,,,, الايحبط الاعلام العربي انساننا ويخيفه ويرعبه ,ام ينشر عقلانية واتزانا ومعرفة وحكمة تقي من الضياع ؟اعتقد ان اعلامنا يصب في خانة تحبيط العرب ويأسهم وبؤسهم وتمكين اعدائنا وسادتنا ليس الا ,,,ان مقال الاخت راغدة هاديء حذر متزن لان الامر يتصل باسرائيل ! لكن لو ان الامر يتعلق بالخلافات العربية او علاقاتنا مثلا بايران ,فان اللغة تختلف تماما ونصبح عناترة وثوريين ووطنيين وقوميين ونقيم الدنيا ولا نقعدها ,ردحا وشتما وتهديدا ووعيدا الخ ! لكن اسرائيل ربيبة النظام العربي ومدللة الغرب فعلينا ان نتمايل ونغنج ونهمس ونرقص ونتملق ونطبل ونشدوا وان نختا