جريدة الجرائد

مسلسلات "إسلامية" بمقاسات طائفية

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

حسن آل عامر

امتداد فكرة "تصحيح التاريخ" إلى الأعمال الدرامية التي تتطرق إلى أحداث مؤلمة في التاريخ الإسلامي، توافق كبير مع التشاحن الطائفي المتزايد الذي شهدته الساحة الإسلامية في السنوات الأخيرة، حيث كانت وما زالت الفضائيات ومواقع الإنترنت أعواد الثقاب التي تعيد إشعال ناره كلما حاول بعض العقلاء إطفاءها ولو بشكل جزئي. ويظهر هذا بشكل أوضح عند استذكار أي حدث تاريخي لم يصلنا عنه إلا روايات متناقضة، أخذ كل منا ما يراه صحيحا وحوله إلى حقيقة لا تقبل الجدل.
ولأن الدراما من أهم وسائل إعادة قراءة التاريخ، فإنها ستتحول قريبا جدا، إلى أداة من الأدوات الطائفية، التي تتحارب بها "فكريا" طوائف الأمة الإسلامية مع بعضها البعض، في ظل توافر بريد سريع هو الفضائيات المؤدلجة التي خصصت لإشعال الفتن، من مبدأ "الدفاع عن الدين وتصحيح ما تم تزويره في أعمال قديمة أو جديدة" بحسب رؤية القائمين عليها.
ومن يتتبع كواليس الأعمال الدرامية التاريخية التي "تطبخ" الآن لعرضها ربما بعد تسعة أشهر من الآن أي في شهر رمضان المبارك، سيصل إلى توقع أشبه بالمؤكد، أننا قد نشاهد في الأشهر القليلة المقبلة، عملين دراميين أو أكثر عن شخصية تاريخية واحدة وأحداث واحدة، ولكن برؤيتين متناقضتين تماما، فقد يمجد العمل الدرامي "س" هذه الشخصية "العظيمة" ويحولها إلى ملاك طاهر يمشي على الأرض، فلا تخطئ في شيء، ولا تحمل من صفات البشر إلا الشكل والجسم، فهي كائن خرافي لا يجاريه أي من البشر في النبل والشجاعة.
أما العمل "ص" فقد أنتج خصيصا "لكشف لؤم ودناءة وخيانة هذه الشخصية التاريخية للأمة، التي مجدها العمل السابق ". والحقيقة أن كلا الطرفين"س" و"ص" لا يملكان أي يقين بصدق ما ورد في كثير من كتب التراث الإسلامي ،المكتوبة في ظروف سياسية واجتماعية متباينة، تؤثر ولا شك في سردها للوقائع . ولكن الشارة التي سيرفعها كل طرف هي "إعادة كتابة التاريخ وتصحيح ما علق به من أكاذيب، تتعلق بشخص القائد أو الحاكم الإسلامي فلان بن فلان".
وطبعا هذا "التصحيح" سيكون مفصلا تفصيلا كاملا على مقاس طائفة المنتج، الذي سيدفع المال في النهاية، ولا تستغرب إن كان كاتب ومخرج العملين "س" و"ص" شخصا واحدا.. فالمهم تلبية رغبات "الزبون"..!!

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف