ما بين الإرهاب والمقاومة
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
عبدالله جمعة الحاج
يعبر الأكاديميون والبشر العاديون عن وجهات نظرهم حول ما كان يعرف إلى وقت قصير بـ"الحرب على الإرهاب"، قائلين بأن المجتمع الدولي يكسب معركته فيها أو أنه يخسرها، كل حسب نظرته الخاصة للموضوع، والزاوية التي ينظر إليه من خلالها. فالمتفائلون يشيرون إلى النجاحات التي تحققت كالهجمات على قواعد الإرهاب أو اعتقال قادة إرهابيين، أما المتشائمون فيشيرون إلى التهديدات التي لا يزال يطلقها زعماء الإرهاب أو إلى القلق والخوف الذي لا يزال ينتاب العديد من دول الغرب من قيام المنظمات الإرهابية بشن هجمات عليها. وبرغم جميع الدراسات والأبحاث التي أجريت وتقيس الفعالية العسكرية والوسائل الخاصة بمكافحة الإرهاب، فإن معظم الجهود التي بذلت لا تزال سطحية وفي كثير من الحالات مضللة.
على السطح ربما يبدو فهم التقدم، الذي يحققه المجتمع الدولي في القضاء على الإرهاب أمراً مدركاً ؛ فإذا لم يقم الإرهابيون بشن هجمات، وتم قتلهم واعتقالهم بشكل منتظم، فإن كل شيء يسير على ما يرام، لكن يبقى أن قياس نتائج مكافحة الإرهاب لا يزال أمراً صعباً. وحتى الآن تستطيع أية منظمة إرهابية مهما صغر حجمها وشأنها شن هجمات إرهابية تقوم من خلالها بتدمير العديد من المنشآت وإزهاق العديد من الأرواح البريئة. لذلك فإن الفشل في تحديد وسائل مناسبة لمكافحة الإرهاب يجهض كافة المحاولات للفهم والتمييز بين المقاومة المشروعة التي يقوم بها الوطنيون وبين الإرهاب ومفاهيمه التقليدية.
هذا الأمر يجعل من الصعب قياس أداء حركات حرب العصابات التي تخوض حروباً مشروعة ضد محتل غازي، والتمييز بينها وبين العصابات الإرهابية. أمام هذه الحالة ينشأ لدينا سؤال هو: هل الأمر يتعلق بالحرب ضد الإرهاب، أم بالحرب ضد حركات التحرر الوطني؟ وهذا السؤال صعب جداً بشكل خاص عندما تأتي الرغبة لتطبيق معايير عدة على حركة "طالبان" الأفغانية مثلاً، فهل هذه الحركة منظمة إرهابية أم أنها حركة مقاومة وطنية؟ هذه الحركة تقوم بشكل مكشوف باستخدام وسائل عنف إرهابية ضد أعدائها، لكن نشاطاتها تذهب بعيداً إلى ما وراء توصيفها الضيق. فبرغم من قيامها بهجمات وأعمال إرهابية ضد القوات الغربية العاملة في أفغانستان وضد الحكومة الأفغانية، إلا أن جزءاً من نشاط "طالبان" يركز على دعم الإسلام الثوري للانتشار على مستوى العالم. ولدى "طالبان" آلاف المقاتلين تحت السلاح الذين يحاولون السيطرة على أفغانستان، واستغلال المناطق التي تضعف فيها سلطة الحكومة المركزية، وتسعى إلى نشر ثقافة جديدة لحركة شعبية.
لذلك فإن "طالبان" يمكن تعريفها بشكل أفضل بأنها حركة ذات بواعث دينية، تستخدم وسائل العنف.
لكن المقاييس المستخدمة لدحر المقاومة الوطنية تختلف بشكل كبير عن تلك التي تستخدم لمكافحة الإرهاب، فحركات المقاومة عادة ما تشن حرب عصابات، وتستولي على أراضٍ ولها قاعدة تأييد أكبر، وتختلف في طبيعتها ونطاق تركيزها عن التنظيمات الإرهابية الصغيرة التي عادة ما تحظى بدعم محدود من قبل المواطنين الذين تتواجد في مناطقهم.