هل أغضبت قطر تنظيم القاعدة ؟!
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
بينة الملحم
تعمّد مخرج إحدى المباريات وضع الصورة كاملةً على رجلٍ ملتحٍ، كان يصفّق ويستمتع كغيره من الحاضرين، لم تكن الرياضة تشكل أزمةً له، لكن وضع المخرج الصورة عليه، ومن ثم استغراب الناس من هذا المشهد يشير إلى وجود رؤية في "اللاوعي" تفترض وجود مشكلة بين بعض شرائح الإسلاميين وبين الرياضة، وحينما استضافت السعودية كأس الملك فهد للقارات سنة 1995 سمع الناس الخطب النارية المناوئة لمثل تلك الاستضافة، ثم تبعه كلام عن الولاء والبراء في الرياضة وضرورة منازلة غير المسلمين منهم وعدم إدخالهم للجزيرة، وحدثت نفس الممانعة أثناء حضور اللاعب الأرجنتيني "مارادونا" لاحتفالٍ في أحد الاندية السعودية، ومنذ تلك الموجة وبعض الكتب الدعوية لا تخلو من السؤال حول حكم الإعجاب بلاعبٍ غير مسلمٍ أو تشجيعه.
في مونديال كأس العالم لعام 2006 منعت المحاكم الإسلامية في الصومال مشاهدة المباريات معتبرةً مشاهدتها جريمة تستوجب العقوبة، وأثناء مونديال كأس العالم 2010 عقد المتحدث الرسمي للحزب الاسلامي الصومالي بقيادة "حسن طاهر أويس" مؤتمراً أعلن فيه عن صدور تعليمات جديدة من الحزب جاء فيها تحريم مشاهدة المباريات تحريماً مطلقاً وعلّة التحريم إضاعتها للوقت! بل تحدث عن أن الشريعة تحرّم مشاهدة المباريات الرياضية.
ومع ما بين التحريمين أو الموقفين؛ بين الموقف في السعودية من الرياضة، وبين الموقف في الصومال من فوارق، إلا أن المشتركات والأرضية المناوئة للأنشطة الرياضية صارت سمةً من سمات المتطرفين والغلاة الذين يريدون وأد أيّ وسيلة فرحٍ يحصل عليها المجتمع.
لم يكن مستغرباً أن يدخل تنظيم القاعدة فاتحاً نار إعلامه ضد استضافة قطر لكأس العالم لعام 2022 حيث نقلت صحيفة "الأخبار" اللبنانية مواقف لمعرّفات إلكترونية لأعضاء من تنظيم القاعدة يتوعّدون برسائلهم أن تكون قطر دولة إسلامية في العام 2022 يقول أحدهم: "في 2022، ليس هناك بلد اسمه قطر، وليس هناك محافظة اسمها الكويت، وليس هناك سعودية، بل هناك إمارة اسمها دولة الإسلام".
كل تلك المواقف التي أطلتُ في سرديتها جئت بها لأدلل على موقفٍ مرتبك وغير واضح من قبل تيارات وشرائح من الأصوليين ضد الرياضة، مع أن الرياضة هي رئة الترفيه الشعبية لدى المجتمعات. فمنذ العصر اليوناني، كانت المطارحات، والمسابقات وسيلةً للترفيه والأنس والسعادة، وفي الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم سبق عائشة ثم سبقته.
لا ننسى أيضاً أن "رياضة المرأة" تدخل على خط القلق المتغلغل في الرؤية المتطرفة، إنهم يمنعونها من ممارسة الرياضة حتى بين زميلاتها في المدرسة، ولا أدري هل تحتاج المرأة إلى أن تخلو بنفسها أثناء رغبتها بالرياضة؟!
لم تنجح تلك الرؤى في إقناع المجتمع بخطر الرياضة، مع محاولاتٍ حثيثة حينما استثمر الدعاة وجوه التائبين من الرياضة، من حارسٍ ترك الملعب، إلى حكمٍ قذف صافرته معلناً رجوعه إلى الله، كل تلك الحالات كانت ضجة وانتهت، بقيت الرياضة جزءاً من يوميات الإنسان السعودي، بل رأينا بعض رموز الصحوة "المتغيّرين" يذهبون إلى الأندية الرياضية ويستقبلون نجوم الملاعب في بيوتهم. لكن الصوت العالي المناوئ للرياضة لا يزال يحافظ على وجوده عبر المتطرفين الغلاة الذين يبحثون عن وسائل شتى لإبقاء المجتمع منعزلاً عن كل لحظات وممارسات الترفيه.
إن تهديد القاعدة لقطر، أو منع الأصوليين الصوماليين لشعبهم من مشاهدة المباريات، أو الضخ المنظّم في خطاب بعض المتطرفين السعوديين ضد الرياضة عامةً ورياضة النساء خاصة، كل تلك الأحداث تكشف عن خوفٍ غير مفهوم من قبل أولئك على رياضةٍ بريئة مليئة بالركض والترفيه والتشجيع الباعث على التسلية والأنس، ألم أقل لكم إنها ثقافة حياة تأتي قبالتها ثقافة موت، هذه هي قصتهم مع الرياضة ومع كل مجالات الترفيه.