جريدة الجرائد

14 آذار "متمسّكة" و"حزب الله" هو المتمسكن الحقيقيّ

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

بيروت - وسام سعادة

يصف "حزب الله" المتمسّكين بالمحكمة الدوليّة والمتشوّقين لصدور القرار الإتهاميّ بأنهم "متمسكنين". حجّته في ذلك أن المدافعين اللبنانيين عن خط العدالة الدولية يقولون إن القضية لم تعد عندنا في إطارها القانوني القضائي وما عدنا نساءل فيها، ولم يعد ثمة مجال لإلغائها أو تمييعها بقرار داخليّ.
ما لا يفقهه "حزب الله" هنا ان استبعاد القدرة الداخلية على الإلغاء أو التمييع لا يفترض أبداً التبرؤ من المحكمة أو التردّد في التمسّك. طبعاً، ينبغي أن تبادر قوى 14 آذار إلى تظهير ذلك بشكل أفضل، فهي حين تقول بأنّها تنتظر القرار الإتهامي للبناء على الشيء فهذا لا يعني أبداً أن الحكم في نزاهة وصدقية التحقيق الدوليّ وفي شرعية المحكمة مؤجلان إلى بعد صدور القرار الإتهاميّ، إنّما يعني بكل بساطة، أنّ هناك كماً من الأسئلة والهواجس البديهية للمواطنين اللبنانيين، هي التي تبقى الإجابة عنها مؤجّلة إلى يوم قراءة القرار الإتهاميّ، وهي أسئلة وهواجس من نوع يطالب بحقّه في هذه القراءة، في أجواء مسالمة، هادئة، وينظر بعين الريبة، بل الشكّ، بل الإرتياب، بل الإتهام، لكل من ينكر عليه حقّه في إتمام هذه القراءة.
أما الشرك الذي ينصبه "حزب الله" للمتمسّكين بالمحكمة عندما يظهرهم بأنهم "متمسكنين" فهو بأن يخيّرهم إما بين إظهارهم في لبوس الراغبين خلسة في صدور قرار إتهاميّ في إتجاه محدّد ومعدّ سلفاً لـ"النيل من المقاومة"، وبين إظهارهم في لبوس المجاهرين علناً في هذا الخصوص. في الحالة الأولى، سيتهم بالنفاق والرياء والتآمر عليه، بحجة أنّهم "يتمسكنون". وفي الحالة الثانية، سيتهم بأنهم "يعتدون عليه". في الحالة الأولى، سيعتبر أنّ حديث اللبنانيين عن عدم قدرتهم على التأثير على عمل المحكمة هو خذلان وبهتان وتبديد للسيادة الوطنية. وفي الحالة الثانية، سيعتبر أنّ دعم اللبنانيين العلنيّ للمحكمة هو مصدر تسييسها، ومصدر مدّها بشهادات الزور. لأجل ذلك، ينبغي على "المتمسّكين" بالمحكمة الدوليّة إيضاح أشياء كثيرة، منها طبعاً أنّهم راغبون في السرّ والعلن في صدور القرار الإتهاميّ، ومنها أيضاً بأن "صيغ" الإتهام السياسيّ التي بادر اليها الوعي الشعبي في الحركة الإستقلالية قد تبدّلت أو تطوّرت من سنة إلى سنة، لكن "الوجهة الصميمة" الأساسية لم تتعدّل أبداً بالشكل الذي يتحدّث عنه فريق "حزب الله"، وليس هناك في كلّ المعطيات التي قدّمها الفريق الأخير منذ أشهر وإلى اليوم ما من شأنه أن يحمل المتمسّكين بالعدالة على التغيير في هذه "الوجهة الصميمة".. بل العكس تماماً.
ومما ينبغي إيضاحه أيضاً، أنّ قاعدة انتظار القرار الإتهاميّ عند الإستقلاليين هو أنّه سيكون بالفعل قراراً متكاملاً يستند إلى الحد الكافي من الأدلة والمستمسكات. هذه هي القاعدة التي سيقرأ فيها القرار الإتهامي وكل ما عدا ذلك إستثناء "وارد" بنسب طفيفة، وعلى سبيل رفع العتب.. أي أنه استثناء شبه مستبعد، بل مستبعد.. فهل هذا بتمسكن؟
في الواقع، يتخفى التمسكن الفعليّ وراء عنتريات التخوين ولغة "التنعيل" (وصف اللبنانيين الإستقلاليين بأنهم نعال) التي تتكشف بين ثناياها استرحامات واستغاثات، وصل بعضها حدّ الإستعانة بذاك المشعوذ العالميّ الذي اشتهر في السنوات الماضية بكتاب انكر فيه حصول هجمات 11 أيلول، ووصلت به العبقرية حدّ الإيمان بوجود صحون طائرة. هذا المشعوذ الآن يروّج لنظرية "صاروخ ألماني" مملوء بـ"كمشة يورانيوم"، جرى من خلال إغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، ثم جاء المحقّق الألماني ديتليف ميليس لإخفاء معالم.. الصاروخ الألماني!!
هذا هو التمسكن الفعليّ: السعي وراء الشعوذة والخرافة كما وراء لغة السباب والشتائم. وما زاد الطين بلّة مع "حزب العلوم والتكنولوجيا" هو التهافت المنقطع النظير لجميع المعطيات التوثيقية والسمعية والبصرية التي قدّمها، بالإضافة إلى تناسيه المعطيات التي وعد بتقديمها كل مرة "في الحلقة المقبلة" ولم يفعل. فالمسألة محرجة للغاية من هذا الجانب "التقنيّ" للأزمة، وتستحق أن تدرّس في "تاريخ النظريّات المضلّلة للعلم" تلك النظرية السحرية في "قطاع الإتصالات" حول "زرع رقم داخل رقم داخل رقم" والتي تبرز فيها بوضوح مسحة العلوم الهرمسية والباطنية.
والحقّ أنّه بعد الصحون الطائرة والصاروخ النووي الألماني ونظرية زرع الأرقام الخلوية.. لم يبق إلا الخيمياء والتنجيم يعتمد عليهما.. طبعاً، يمكن التعويل هنا على نظرية النائب نبيل نقولا في تلويث العدو الإسرائيليّ للسكاكر وقطع الشوكولاتة التي تباع في السوق اللبنانيّ بالكوكايين والمخدّرات.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف