صحافة أجنبية : «من يضخم قضية ويكيليكس» ولماذا؟
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
إيتوغي
والتحليلات تبين أن العملية التي نفذت من خلال الموقع هي محاولة من قبل محافل عابرة للقوميات، وبالدرجة الأولى شركات مالية دولية، للحط من دور الدولة في النظام العالمي القائم، وتسطيح مكانتها إلى حد جعلها تحت السيطرة التامة.
فكيف يمكن تحقيق هذا الهدف؟
لقد بينت لنا تلك الأطراف كيفية القيام بذلك. إنه العمل على تشويه سمعة النخب، والحاكمة منها في المقام الأول. ليس ثمة أسلوب أكثر فعالية من اسلوب التشهير. وهنا ثمة قوى تسمح لنفسها ألا تقيم وزنا حتى للولايات المتحدة. ونجد على رأس قائمة المتصدرين في عالم اليوم ما يسمى المحافل العابرة للقوميات التي تسيطر كحد أدنى على %80 من الموارد المالية العالمية، وتتعطش إلى التحكم بالعالم أجمع. إن الولايات المتحدة اليوم دولة خاضعة كغيرها من الدول، مع فارق يتلخص بالسماح للأميركيين باختيار رئيسهم، والقيام بأعمال ما وفق رغباتهم. أما النظام الاحتياطي الفدرالي الأميركي فيفرض سيطرته على الدولة منذ أمد بعيد. إن تصرف ويكيليكس جزء لا يتجزأ من عملية جيوسياسية عولمية ينجم عنها انتقال مركز القوة من الدول إلى الشركات العابرة للقوميات.
وهذه العملية (وفق الجنرال إيفاشوف) لن تنتهي بما قام بها ويكيليكس، على الرغم من أن دور الدولة قد تضاءل كثيرا. وتجدر الإشارة في هذا الصدد إلى أن الأمين العام الأسبق للامم المتحدة بطرس غالي كان يرى وهو على رأس المنظمة الأممية أن الدول المستقلة اختفت من العالم تقريبا. إن من يتعرضون لحملات التشهير اليوم (وهم ليسوا أبسط الناس في أوروبا وآسيا) سيتصرفون بحذر، وسيتجنبون الخطوات والتصريحات الحادة. وهؤلاء يدركون بالتأكيد أنهم باتوا في تبعية لا لموقع الكتروني، وإنما لبنية أشد جبروتا بكثير. وعلى مرأى من الجميع يتصاعد الصدام بين الدول، وبين الحضارات سواء بسواء. ووراء هذه العملية تقف جهة مالية عابرة للقوميات تضم وفق بعض التقديرات 16 مركز ماليا عالميا، وأكثر من ألف بنك متعدد الجنسيات؛ وتحت تصرفها طاقات تحليلية جبارة، تتنبأ باتجاهات تطور الأحداث، وفي الوقت نفسه لا تزدري أساليب التشهير العادية. أما البديل عن هيمنة المحافل المالية العابرة للقوميات فهو المتحدات الاجتماعية - السياسية الجديدة. ونلاحظ اليوم أن أوروبا تحاول التصدي للمحافل المذكورة عبر إقامة دولة موحدة. ونرى كيف تكاتفت الصين والهند ردا على تلك التحديات، وما تؤدي إليه العمليات الجارية ما بين الحضارات من قيام بنى جديدة كمنظمة شنغهاي للتعاون، أو مجموعة دول بريك (البرازيل وروسيا والهند والصين)، فضلا عن الخطوات الرامية إلى توحيد العالم الإسلامي.
والمهمة الآن تتلخص- وفق إيفاشوف - بمنع تعزيز قوة المنافس الرئيس الذي قد يتمكن بمرور الوقت من تدمير النظام العالمي الحالي. إن العالم ينتقل إلى نمط جديد يتسم بالمواجهة بين الحضارات الاثنو- ثقافية التقليدية والجهات المالية العابرة للقوميات، بحيث تغدو مكونات هذين الفريقين العناصر الفاعلة في المجريات العالمية. وهذا يعني نظاما عالميا جديدا لن تلعب فيه الدول أدوارها السابقة. وبالنسبة إلى روسيا، ولكي لا تزول كدولة، من المهم جدا إحياء وتعزيز جوهرها الحضاري.
أما "الغسيل القذر" الذي نشره ويكيليكس، فهو محاولة لزرع الشقاق بين الدول ومنعها من التكاتف.