.. وهل تلحق أوروبا غيرها في الاعتراف بالدولة الفلسطينية؟!
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
يوسف الكويليت
لا ندري حقيقة ما يدور -بصمت- عن أفكار أوروبية تقودها ألمانيا وفقاً للتصريحات الإسرائيلية، للاعتراف بحكومة فلسطينية على أراضي حدود ١٩٦٧م. فقد يكون ذلك نوعاً من الضغوط الدبلوماسية بعد أن عجزت أمريكا وفقاً لاعترافها، عن منع الاستيطان في الأراضي الفلسطينية، فأوروبا قد تقدمت بهذه الأفكار لمساندة الحليف الأكبر، بما أن إسرائيل تخطت الحدود الحمراء لمصالح هذه الدول مع المنطقة العربية، فالسلام ليس عملاً دبلوماسياً، بل خيار ضروري..
هناك إجماع على أن أمن المنطقة جزء من الأمن الأوروبي، وهذا صحيح إذ لم يعد للقوة وحدها الفصل النهائي في الأمور السياسية والأمنية، بل هناك مصالح هائلة بين الطرفين العربي والأوروبي، وعلى عكس إسرائيل التي أصبحت منذ إنشائها عالة على المعونات الخارجية العائدة من أوروبا في البداية، ثم تلقفت حضانتها أمريكا للقيام بالدور الأكبر..
لقد كان لشجاعة البرازيل والأرجنتين في الاعتراف بالدولة الفلسطينية موقف صادق، لم تأت احتجاجات عليه من حلفاء إسرائيل بالرفض أو الاعتراض على هذا التصرف، ما يعني أن حقيقة وجود هذه الدولة صحيح، ولا يحتاج الأمر إلا إلى دفعة أخرى تأتي من دول تخشاها إسرائيل وتهدد مصالحها، فقد انتهت المشاريع والدعوات الدبلوماسية إلى رفض مباشر للسلام من قبل إسرائيل، والناتج الوحيد لهذه المواقف، أنها لم تحدث تغييرات تلزمها بالاعتراف بالقرارات الدولية طالما تعتمد على المظلتين الأمريكية والأوروبية..
أوروبا تشعر بأن أدوارها المتناقضة وشبه المبتورة، أسبابها عدم استقلالية القرار، وخاصة في شؤون هذه المنطقة، فقد عارضت بعض المواقف على استحياء، ولكنها لم تكن قائمة على إرادة رفع الصوت والالتزام بمبادئ تنادي بها وتعارضها على الواقع، ولو صح أنها تدرس فعلياً الاعتراف بالدولة الفلسطينية، فقد تجد نفسها في موقع القوة والتكفير عن ذنوب تلاحقها تاريخياً؛ عندما فتحت باب الاستيطان وتسليم فلسطين لإسرائيل من خلال معوناتها المادية والعسكرية والاعتراف بها كدولة صاحبة حق تاريخي، والاقتناع بفكرها المتطرف، الذي يرى أن صاحب الحق نال حقه، وهي سابقة غريبة، تقوم على إحلال شعب مكان آخر، ولعل صحوة الضمير-ولو جاءت متأخرة وضمن حسابات تراعي ظروف المستقبل- تهب لها الشجاعة الأدبية في اتخاذ القرارات دون مراعاة للشراكة الروحية مع إسرائيل، أو ما تعتقد أنه امتداد ثقافي وإستراتيجي لها، وكأن دول المنطقة مجرد عالم من الرخويات والهلاميات..
ومثلما ناضلت شعوب كثيرة بفرض سيادتها على المستوطن، مثل طرد فرنسا عن الجزائر وتحقيق شعب جنوب أفريقيا استقلاله وحقوقه الشرعية، فإن الزمن -مهما كانت النكسات في المنطقة العربية- لن يجعل مستقبل إسرائيل قائماً على العداء المطلق وبناء الحوائط التي تزعم أنها تحميها، في عالم اختفت منه الحدود الجغرافية، دولة فلسطين ليست مخرجاً سياسياً، بل حقيقة إن لم تنل الاعتراف الآن، فقد يحدث هذا مستقبلاً..