جريدة الجرائد

قطر تتعرض لحملة تحريض شديدة على أسس أخلاقية

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

لندن - إلياس نصرالله

أصبح من الواضح بما لا يترك مجالاً للشك أن أوساطاً معينة في العالم ستستغل فوز قطر باستضافة كأس العالم لكرة القدم في عام 2022 كوسيلة لتجريح، ليس قطر وحدها، بل كل البلدان العربية في شكل عام. فبعد موجة التشكيك الواسعة في الطريقة التي فازت فيها قطر بالمنافسة الدولية والغمز واللمز من قناة القطريين وسلوكهم الشخصي وثرائهم بدأت أمس موجة جديدة من التشهير على خلفية أخلاقية بقطر والأمتين العربية والإسلامية.
فبعد أن تحدثت "الغارديان" أمس (الأربعاء) عن مطالبة بلاتر، رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا)، بتقديم استقالته من منصبه بسبب الإهانة التي وجهها لمثليي الجنس، قالت الصحيفة ان "موقف قطر من مثليي الجنس ومن حقوق المرأة أصبح تحت المجهر وموضع تساؤل، منذ فازت قطر باستضافة كأس العالم 2022، نظراً لأن الهدف من وراء هذه البطولة الرياضية هو جَسْرُ الهوة بين الشرق والغرب". وأشارت الصحيفة إلى تقارير سابقة صادرة عن منظمة العفو الدولية "أمنستي إنترناشونال" قد تحدثت عن اعتقال 18 شخصاً في قطر خلال العام الماضي، غالبيتهم من جنسيات غير قطرية، وحكم عليهم بالجلد ما بين 40 و100 جلدة لكل منهم على مخالفات تتعلق "بممارسة الجنس في شكل غير شرعي" أو لتناول الكحول.
وجاء حديث "الغارديان" عن الموضوع بمناسبة الضجة التي أثيرت أول من امس حول تصريحات عفوية صدرت عن بلاتر الإثنين الماضي خلال مؤتمر صحافي مشترك له مع رئيس جنوب أفريقيا جايكوب زوما في جوهانسبيرغ. إذ وجه أحد الصحافيين سؤالاً لبلاتر حول موقف الفيفا من القوانين الصارمة في قطر التي تجرّم ممارسات مثليي الجنس، فرد بلاتر مازحاً "على مثليي الجنس الذين سيحضرون كأس العالم 2022 الامتناع عن أي نشاط جنسي خلال وجودهم في الإمارة العربية"، فانفجر الحاضرون بالضحك ومن ضمنهم الرئيس زوما.
ولاحظ بلاتر أن كلامه قد لا يعجب البعض، خصوصا مثليي الجنس الذين أصبحوا يتمتعون بسطوة كبيرة في وسائل الإعلام الغربية وخارجها، فسارع لتوضيح موقفه، وفقاً لما أوردته صحيفة "نيويورك تايمز"، فقال "إننا نعيش في عالم حر. وأنا متأكد أنه عندما يحين موعد كأس العالم في قطر وذلك في عام 2022، سترون أن ثقافة جديدة ستنطلق في الشرق الأوسط، حيث توجد هناك ثقافة مختلفة، نظراً لوجود ديانة مختلفة هناك. لكن في كرة القدم لا توجد لدينا حدود. لدينا كل شيء متاح للجميع". وأضاف "أعتقد أنه ينبغي ألا يكون هناك تمييز ضد أي إنسان من هذا الطرف أو ذاك من اليمين أو من اليسار أو مهما كان. لأن كرة القدم لا تقبل التمييز أياً كان ونحن لا نريد التمييز بين الناس".
ورغم أن بلاتر دافع في المؤتمر الصحافي ذاته عن مثليي الجنس إلا أنه تعرّض لهجوم شديد من جانب رموزهم في مجال الرياضة، بالإضافة إلى هجوم من جانب اللورد أوسلي، رئيس الحملة البريطانية للدفاع عن مثليي الجنس الذي كان يتحدث في مجلس اللوردات أول من أمس (الثلاثاء) الذي ذكرت "الغارديان" أنه وصف تصريحات بلاتر بأنها "مشينة".
وأوردت "الغارديان" مقاطع أخرى من المؤتمر الصحافي الذي تحدث فيه بلاتر منها قوله ان "هناك لاعبي كرة قدم من مثليي الجنس، لكنهم لا يعلنون عن أنفسهم لأن ذلك غير مقبول في هذه المنظمة الذكورية. لكن انظروا إلى كرة القدم النسائية مثليات الجنس هناك أكثر شعبية". وهاجم نجم كرة السلة الأميركي المشهور المتقاعد جون أمايشي بلاتر بسبب هذه التصريحات واتهمه "بالجهل المطبق"، وقال ان كلامه يوحي بأن هناك توجها واسعا معاديا لمثليي الجنس في لعبة كرة القدم. وقال ان بلاتر "فرط بالضحك مثل طفل عمره ست سنوات عندما تحدث عن الموضوع"، مشيراً أيضا إلى الطريقة التي جرى فيها استقبال كلام بلاتر من جانب الصحافيين وغيرهم من الموجودين في القاعة التي عقد فيها المؤتمر الصحافي، وانفجار موجة الضحك لدى سماع ما تفوه به رئيس الفيفا.
فيما دعت حركات مثليي الجنس من مختلف البلدان الغربية بلاتر إلى تقديم اعتذار سريع عن أقواله أو تقديم استقالته من منصبه. وقال اللورد أوسلي "لدينا ديناصورات حقيقية في قمة المؤسسات الدولية. وبلاتر يتحدث كثيراً، لكنه لا يفعل شيئاً في هذه القضايا".
أما "حملة جوستن" لمناصرة مثليي الجنس في لعبة كرة القدم في بريطانيا فأصدرت بياناً قالت فيه "ينبغي لبلاتر أن يشعر بالخجل من أقواله"، وأضافت أن منح قطر حق استضافة كأس العالم 2022 يحمل رسالة واضحة إلى الرجال والنساء من مثليي الجنس معناها أنه "لا وجود لهم في نظره". يشار إلى أن "حملة جوستن" انطلقت لإحياء ذكرى لاعب كرة القدم الإنكليزي من أصل أفريقي جوستن فشانو،النجم السابق لنوريتش سيتي أحد فرق الدرجة الممتازة سابقاً، الذي انتحر عام 1998 نتيجة الضغوط النفسية التي واجهها عقب الكشف عن أنه من مثليي الجنس.
وقال رئيس "شبكة مؤيدي لاعبي كرة القدم من مثليي الجنس" كريس بازيرسكي، ان الكثير من "مثليي الجنس رجالاً ونساء يعيشون في بلدان من المحتمل أن يتعرضوا فيها لأحكام بالإعدام أو السجن إذا تم اكتشافهم. هؤلاء الناس بحاجة لمساعدتنا واحترامنا ودعمنا. إنهم مثلنا جميعاً، ويجب ألا يُسْخر منهم. على السيد بلاتر أن يسحب ملاحظاته والاعتذار حالاً. وإلا عليه أن يفكر بتقديم استقالته من منصبه".
وهاجمت "الغارديان" بلاتر وقالت ان لديه رصيدا كبيرا من هذه المواقف. وذكّرت القراء بالضجة التي أثارها بلاتر عام 2004 عندما اقترح بأن ترتدي لاعبات كرة القدم ملابس ضيقة لإبراز محاسنهن. وقالت انه لن يستجيب للدعوة التي وجهت له بالاستقالة، وأكدت أنه عازم على ترشيح نفسه مرة أخرى لرئاسة الفيفا في العام المقبل لمدة أربع سنوات إضافية، رغم سنه (74 عاماً). وأشارت الصحيفة إلى تهم الفساد التي وجهت لبلاتر في الماضي.



التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف