جريدة الجرائد

أكراد العراق وحق تقرير المصير

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

محمد عاكف جمال


في جلسة افتتاح المؤتمر الثالث عشر للحزب الديمقراطي الكردستاني، في 11 ديسمبر الجاري، بمشاركة 1300 عضو، وبحضور كبار القادة السياسيين والمسؤولين، بمن فيهم رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء ورئيس المجلس النيابي وقادة الكتل السياسية، أعلن رئيس إقليم كردستان العراق مسعود البرزاني الذي يتزعم الحزب "أن الحزب يرى أن المطالبة بحق تقرير المصير والكفاح العاصي والسلمي لبلوغ الهدف، تنسجم مع المرحلة المقبلة".

وسواء كان كبار الحاضرين أو بعضهم قد تسرب إلى علمه ما يزمع رئيس إقليم كردستان طرحه أم لا، فإن هذا الإعلان الخطير قد وضعهم في موقف لا يحسدون عليه، وخاصة رئيس الوزراء الذي يلتف حوله حلفاء لا يستسيغون طرحاً كهذا.

فالأكراد يتمتعون بوضع استثنائي جداً في العراق، وعدم الرضا به أو اعتباره مرحلة مؤقتة نحو هدف أكبر، وهو تأسيس دولة خاصة بهم والانفصال عن العراق، يعتبر نقلة كبيرة تدعو إلى القلق، خاصة أن هذا الإعلان قد رافقه التأكيد على كردستانية محافظة كركوك، التي تعتبرها قوى سياسية مهمة في العراق، وعلى رأسها ائتلاف العراقية، خطاً وطنياً أحمر لا يمكن تجاوزه.

ردود الفعل لهذا الإعلان جاءت متباينة، فجميع الكتل السياسية الكردية أعلنت دعمها ومساندتها لرئيس الإقليم وللمبدأ الذي نادى به؛ حق تقرير المصير، إلا أن ردود الفعل الأخرى كانت غير ذلك، فبعضها رافض لما طرحه البرزاني، وآخر متوجس، وآخر ممسك بالعصا من وسطها؛ لا يريد إغضاب أحد في المرحلة الحاضرة المليئة بالترقب، إلا أن رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء قد آثرا الصمت.

وللتخفيف من ردود الفعل لهذا الإعلان، سارع بعض كبار المسؤولين الأكراد إلى التصريح بأن ما أعلنه رئيس الإقليم قد فُسر بشكل خاطئ، وأنه لم يكن يقصد أن حق تقرير المصير يعني انفصال الإقليم عن العراق.

رئيس الإقليم بإعلانه هذا يضع أمام الجميع رؤيته لطبيعة الصراع بين أربيل وبغداد في المرحلة المقبلة، فهو الذي سيرسم مسارات هذا الصراع ويمسك المبادرة بيديه. ومن الطبيعي أن يختار عاصمة الإقليم أربيل مكاناً لهذا الإعلان، ويختار هذا الوقت بالذات لأنه الأكثر مناسبة.

فالتحالف الكردستاني رغم أنه جاء رابعاً في الانتخابات الأخيرة، إلا أنه وبفضل براعة وخبرات قياداته وضعف وتشرذم الآخرين، استطاع أن يوظف مخرجات العملية السياسية لصالحه، فتحول من الكتلة الأصغر حجماً، إلى الكتلة الأقوى فعلاً. من جانب آخر، تشكو الحكومة المركزية، التي لمّا تتشكل بعد، من أعراض مرضية كثيرة، فالمكلف بتشكيلها مكبل لهذا الطرف أو ذاك بترضيات على صعد مختلفة، وهو في أمس الحاجة إلى التهدئة وعدم فتح جبهة جديدة صعبة المسالك.

ورغم أن القضية الكردية كانت الشغل الشاغل للحكومات العراقية المتعاقبة في العهدين الملكي والجمهوري، إلا أنها اكتسبت بعداً جديداً في العهد الجمهوري، حين أصبح لها مساندون ومتعاطفون من غير الأكراد، داخل العراق وخارجه، وذلك لأسباب مختلفة، منها ما يتعلق باتفاق الأهداف في معارضة الأنظمة القائمة، ومنها ما يدخل تحت باب التعاطف مع طموحات الشعوب في تحقيق بعض ما تطمح إليه.

تخللت المعالجات لهذه القضية على مدى عشرات السنين، مشاريع سلمية وأخرى عسكرية، حسب قوة وضعف كل من الطرفين، إلا أن الأجواء بقيت على العموم ملبدة بما ينذر باندلاع القتال بين الطرفين، لعدم التوصل إلى قناعات مشتركة تتسم بالقدر الضروري من الصراحة والشفافية.

فالمعالجات السلمية للقضية كانت تتم في ظل اتفاقات من السهل الالتفاف عليها، في غياب ضمانات دستورية واضحة المعالم من جهة، وغياب ضمانات دولية من جهة أخرى.

هناك فاصل زمني بين مرحلتين من تاريخ إقليم كردستان العراق الحديث، وهو عام 1991 حيث حظي الإقليم منذ ذلك التاريخ بحماية أميركية شلت قدرة الحكومة المركزية في بغداد، وتمتع وفق ذلك بوضع أشبه ما يكون بالدولة المستقلة المنفصلة كلياً عن العراق.

كما أن المناطق الكردية لم تشهد منذ ذلك الوقت حروباً مع السلطة المركزية، رغم أنها شهدت احتراباً داخلياً دامياً بين الفصيلين الرئيسيين: الاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة جلال الطالباني، والحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود البرزاني.

مرحلة ما بعد 1991 شهدت انتهاج القيادات السياسية داخل الإقليم لسياسات تتسم بالابتعاد عن الانتماء إلى الجسد الكبير، فالجيل الذي ولد ووعى في هذه الحقبة الزمنية، لم ينشأ تربوياً ونفسياً في أطر الثقافة الوطنية العراقية، وإنما في أطر ثقافة ذات توجه قومي كردي.

وحين عاد الإقليم إلى الجسد الكبير بعد سقوط النظام السابق، لم يلتئم معه إلا بالشروط التي وضعها، وضمن شرعيتها واستحقاقاتها الزمنية في الدستور الدائم. وقد نجح في ذلك عن طريق تحالفاته مع قيادات الأحزاب الدينية الشيعية، التي شكلت معه بؤرة المعارضة العراقية في الخارج، وتقاسمت معه المغانم بعد سقوط النظام السابق.

لكن هذه الضمانات فيها الكثير من الإشكاليات التي من شأنها خلق أزمات وليس تقديم حلول، فالمادة 140 تلقي الكثير من التحفظ داخل الأوساط العربية والتركمانية، وقد نجحت الأمم المتحدة بصعوبة في إقناع القيادات الكردية بتأجيل البدء في تنفيذ آليات هذه المادة، عن طريق تأجيل الإحصاء السكاني في كركوك وفي المناطق الأخرى المتنازع عليها، منذ استحقاقه الزمني، حسب الدستور، في عام 2007 وحتى الآن.

حق تقرير المصير حق مشروع لجميع الأمم والشعوب تنص عليه الشرائع والقوانين الدولية، وليس هناك منصف يقف ضد هذا الحق لشعب من الشعوب حين يكون مستكملاً لمستلزمات مهمة تتعلق بحقوق الآخرين التاريخية والمكتسبة.

الشعب الكردي ليس استثناء من هذا، إذا كانت طموحاته تتجاوز الاكتفاء بوضعه الفيدرالي الحالي داخل العراق الاتحادي، وكان ذلك في مصلحته على الأمدين القريب والبعيد، وكانت المعادلات السياسية الإقليمية مرنة وقادرة على استيعاب المولود الجديد في توازناتها القلقة، على ألا يسبب ذلك ضرراً أو يلحق غبناً بأطراف وشرائح أخرى في العراق.

المعركة من أجل كركوك هي معركة من أجل حق تقرير المصير بالنسبة للقيادات الكردية، فدولة كردية من غير كركوك ليس من المضمون قدرتها على الاستمرار في البقاء.

فما ينتج من نفط كركوك (670 ألف برميل يومياً) يعادل ما يقرب من 27% من مجمل الإنتاج النفطي في العراق (البالغ قرابة 5,2 مليون برميل يومياً)، وبكلمة أخرى من مجمل ميزانية الدولة، على اعتبار أن النفط هو المصدر شبه الوحيد للخزانة العراقية. وهذه النسبة تزيد كثيراً على النسبة المخصصة لإقليم كردستان من ميزانية الدولة العراقية، والبالغة 17%.


التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
هل انتم عراقيين
احفاد البابليين -

من حق اي قوميه ان تقرر مصيرها اذا رغبت ان ترجع الى بلدها الاصلي وبلد اجدادهم الذين تركوا القوقاز وجبال ايران او البقاء ضيوف على ارض شمال العراق هذه الارض بابليه ليست للتقسيم ولاللبيع

نعم والله
علاوي -

نعم والله حق لهم لكن موعلى حساب العراق والاسلام واخذ عار الاكراد يفتح مكاتب بلعلني في اسرائيل وهي ارض مختصبه من العرب والمسلمين علما انهم كانو من وراء الستار يتواصلون مع اليهود ويتامرو على الاسلام

الى صغار البابلين هه
qamishli -

روح يا روح امك.ايام الدكتاتورية راحت شمال العراق هي حق الاكراد و كركوك هي قلب كردستان..ابن مدينة قامشلو QAMISLO

أصبت الحق.
صخر -

كتابة هادئة و هادفة, مفيدة للقراء...ان كانت الغايةمن القراءة هي ألأستزادة من المعرفة..و تنوير العقول, و شكرا ألأيلاف.

كركوك عراقيه والقامش
احفاد البابليين -

شنو هاي الاخلاق العاليه والتربيه عند اهل الشام نحن نعرف ان الشام اصحاب حضارة عريقه بس اكيد انت كور-دي من سوريا او كور-دي من تركيا او كور-دي من ايران على فكرة اكيد انت موكوردي عراقي من شمال العراق لاننا وحتى اكرادنا اثقف من جميع شعوب المنطقه بكوردهم واعرابهم وعن اي كركوك تتكلم كركوك عراقيه وليست قامشليه روح حرروا الجولان لان كركوك عراقيه

شكرا على الضيافة
هوشنك احسان -

طالما يوجد اشخاص(امثال المدعو احفاد البابليين)يعيشون معنا وهم بهذه العقلية البربرية الجنكيزخانية سيكون من حقنا ان نطالب بتقرير مصيرنا لان من يعلم ماذا يخفي لنا الغد من مفاجآت؟اما لأول مرة اسمع من فم هذا الحفيد ان كوردستان ارض البابليين فهذه كذبة نيسان ونحن الان في اوآخر شهور السنة!!المعلومات التي لدينا ان مدينة بابل تقع في جنوب العراق و لست ادري منذ متى انتقلت المدينة التاريخية بأهلها الكرام لكوردستان؟و اخيرا يخيرنا الاخ بين الرجوع لقوقاس او البقاء ضيوفا في شمال الوطن وهكذا نحن نقرر البقاء ضيوفا عندكم لان العالم اصبح قرية صغيرة و حق الجار على الجار.

كركوك قلب بابل
احفاد البابليين -

لو كان كل من يتكلم بالغه او يعبد مايعتقد ويريد الانفصال لكانت الهند الان اكثر من 180 دوله اتقوا الله ياعراقيين الشمال واشكروا الله انكم تعيشون في عراق الحضارة وليس على ارض تركيا او ايران او سوريا لان لغتكم ممنوعه هناك وليس عيب ان ادافع على بلدي من التقسيم لان حتى الصومالي القذر او السوداني الفقير يفتخر انه صومالي فكيف ببلدي وتاريخي وحضارة اجدادي على فكرة لو انفصلتم من سيحكم هل جماعه البرزاني او جماعه الطلباني لان ولائكم للقائد وليس للتراب وهذا ليس مخفي علينا والكل يعرف الحرب بين السوران والبادينان

حق
Adam* -

لكثرة ما فرأت على صفحات ايلاف من مقالات عن شمال العراق و الفحوى نفسه, اجد انه من حق الاكراد الان تكرير العصير. يعني شو المشكلة!!

حق
Adam* -

لكثرة ما فرأت على صفحات ايلاف من مقالات عن شمال العراق و الفحوى نفسه, اجد انه من حق الاكراد الان تكرير العصير. يعني شو المشكلة!!

اية حضارة؟
هوشنك احسان -

اقول للمعلق رقم6 احفاد البابلي_عن اية حضارة تتكلم و انت تنعت الصومالي بالقذر و تعيب السوداني بالفقر!ثم لا اعلم ماهي العلاقة بين قضية الكوردية و الهند؟لكل انسان حق في ان يقرر مصيره بالطريقة التي يعجبه ثم اين هذه الحضارة العراقية التي تتكلمون عنه ليل نهار؟الانفالات او المقابر الجماعية ام قصر النهاية ام الحروب الخارجبة والداخلية التي لا تعد ولا تحصى؟ام قصدك حضارة صنع العرق الزحلاوي وزرع العدس في قرقوش؟اما سؤالك من سيحكم في كوردستان(بارزاني او طالباني)اكيد بارزاني يحكمنا والان هو رئيس الاقليم الفعلي ومام جلال موجود عندكم ليحكمكم لان بصراحة لا يوجد عندكم سياسي عاقل في ان يحكمكم،طبعا مام جلال بقدر تلك المسؤولية وزيادة و اتمنى له النجاح.ونحن ايضا لدينا علم بقضيتكم(سرياني اشوري كلداني ارمني اثوري نسطوري)و ليس مخفي علينا ايضا(شيعي سني صدري بدري هاشمي مالكي مطلكي)و ازيدك علما بأننا نعرف بصراع(داخل الجبهة و الاخاء وتلعفري وكوبري)اما قولك بأن(ولاء الكورد للقائد و ليس للتراب)اقول لو كان كلامك صحيح لهربنا للخارج و انقرضنا مثلكم من زمان!!!

هوشنكو حبيتك والله
نور الدين المارديني -

هوشنك والله العظيم حبيتك يا ريت تبعتلي ايميلك لك دخيل تعليقاتك الرائعة بس يا ريتك رديت على الكاتب الذي اشم منه رائحة تركمانية .... يا هوشنك رد على الكاتب الذي يكتب بقلم تركماني وحبر تركي هيك حسيت يا اخي واقول لحفيد البابليين انا من الشام من حي الاكراد من احفادالايوبيين الذين حرروالكم الشام ومصر من بني دينك الصليبيين ونحن فعلا ضيوف على دمشق لكن ضيوف جئنا لنجدتكم اما من اين جئنا فمن كوردستان فقد كان قائد جدي صلاح الدين من شمال تكريت وجدي اللي كان جندي معه من ماردين عرفت يا مؤدب البابلين الذي تصف شعباعريقا مؤدباحقا رائعا مسالما مؤمنا مثل الصوماليين بانهم فذرون استغفر الله واتوب اليه

هوشنكو حبيتك والله
نور الدين المارديني -

هوشنك والله العظيم حبيتك يا ريت تبعتلي ايميلك لك دخيل تعليقاتك الرائعة بس يا ريتك رديت على الكاتب الذي اشم منه رائحة تركمانية .... يا هوشنك رد على الكاتب الذي يكتب بقلم تركماني وحبر تركي هيك حسيت يا اخي واقول لحفيد البابليين انا من الشام من حي الاكراد من احفادالايوبيين الذين حرروالكم الشام ومصر من بني دينك الصليبيين ونحن فعلا ضيوف على دمشق لكن ضيوف جئنا لنجدتكم اما من اين جئنا فمن كوردستان فقد كان قائد جدي صلاح الدين من شمال تكريت وجدي اللي كان جندي معه من ماردين عرفت يا مؤدب البابلين الذي تصف شعباعريقا مؤدباحقا رائعا مسالما مؤمنا مثل الصوماليين بانهم فذرون استغفر الله واتوب اليه