جريدة الجرائد

مشاري الذايدي وحسام عيتاني: لبنان .. حزب الله والفلتان الأكبر

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

كيف يفهمون "حزب الله"؟

حسام عيتانيالحياةتُظهر مداخلات وأحاديث عدد من قيادات قوى 14 آذار (مارس)، أزمة عميقة في تشخيص وفهم ومن ثم التعامل مع مطالب "حزب الله" وحساسياته. الكلمات التي أُلقيت في مهرجان طرابلس قبل أيام، تقع في صميم التعبئة الداخلية للفريق الذي أطلقها، وهي لا تعني الكثير أو القليل على مستوى المناخ العام المشحون أصلاً في البلاد. أما العودة إلى تشبيه أفكار "حزب الله" بالعقيدة النازية، فأقل ما يقال فيه أنه يصدر عن مقارنة غير سليمة للعقيدتين وللبيئتين السياسيتين اللتين ظهر فيهما كل من الحزب الوطني الاشتراكي (النازي) و"حزب الله". فالأخير لم يخدع أحداً يوماً بوهم الخروج من الإطار المذهبي - الأهلي، إلى إطار وطني - دولتي. في حين أن النازية وكل المتفرعات السابقة واللاحقة لها، لا تقوم سوى على أساس مصادرة المجال الوطني برمته وعلى "تسوية النتوءات" القومية والإثنية والحزبية، بالقوة العارية. ومن الحزب الشيوعي إلى الكنيسة الكاثوليكية، كانت حملات الملاحقة والتصفية لا تتوقف في العهد النازي.حالة "حزب الله" ليست على هذه الشاكلة. بل انه في كثير من الظروف اضطر إلى مراعاة "الخصوصيات" الأهلية، كالانتماء العشائري وأوضاع بعض الأسر الدينية. الفلتان الأمني في الضاحية الجنوبية، معقل "حزب الله" وحصنه، دليل على امتناع الحزب عن الانزلاق إلى مواجهة لا يمكن التنبؤ بنتائجها مع العشائر والعائلات التي تستمد قوتها من مصادر لا يرتاح أي حزب عقيدي لها، بما في ذلك الأحزاب الدينية. وإذا كان الحزب يسعى سعياً جلياً وواضحاً إلى تسيير الدولة ومؤسساتها وسياساتها بحسب مصالحه ورؤاه، إلا أن ذلك يختلف عن فرض هيمنته المباشرة عليها، وهو ما لا يقبل الفاشيون بديلاً منه. مهما يكن من أمر، لا تكمن المسألة في تعريف اصطلاحي أو منهجي لأيديولوجيا "حزب الله"، بل هي تتأسس على عجز 14 آذار عن الرد على التحدي الذي يشكله الحزب، معتمداً على قوته الذاتية وعلى منظومة التحالفات المحلية والخارجية التي بناها. ومقابل القوة والمنظومة تلك، لا تصدر سوى عبارات فارغة تتراوح بين "الاعتماد الكلي على الدولة وأجهزتها للدفاع عن اللبنانيين" وبين التلويح "بكسر الأصابع وقلع العيون"، على ما تفتقت عنه فصاحة النائب محمد كبارة في مهرجان طرابلس. وليس اعتماد "تكسير الأصابع" كردٍ على أصحاب مقولات "قطع الأيدي" بمدخل إلى توازن جديد لعلاقات القوى بين اللبنانيين. ونبرة التهديد والتهويل غير المستند إلى قوى مادية فعلية، لا تكفي لإقناع الطرف الآخر بجدية التهديد. وهذه لعبة مكشوفة لم يعد أي من هواة السياسة يأخذ بها. قصارى القول، أن قوى 14 آذار تكرر في الخطابة الفشل الذي بلغته في الممارسة السياسية. إذ أن القوى هذه، التي تعلم أن الصراع يدور وسينتهي خارج مؤسسات الدولة، وأن التسوية، السلمية أو العنيفة، ستُفرض على الدولة من خارج مؤسساتها أيضاً، استناداً إلى موازين القوى الحقيقية، لم تفلح في تطوير سلسلة ردود، سياسية و"ثقافية" على طروحات "حزب الله". وبين "تكسير الأصابع" و"التشابه مع النازية"، فراغ تملؤه أوهام الوساطات الخارجية والمساعي المشكورةهذه هي البذاءة يا فخامة الرئيس!مشاري الذايدي الشرق الاوسطيقول الخبر، حسب جريدة "إيلاف" الإنترنتية، إن رئيس الجمهورية اللبنانية العماد ميشال سليمان اتصل بوزير الإعلام طارق متري، مؤخرا، وأبلغه بأنه مستاء مما يتضمنه برنامج "أهضم شي" الذي تقدمه محطة "إم تي في" M.T.V التلفزيونية، من عبارات بذيئة وكلمات مسيئة للذوق العام تحت ستار إطلاق النكات التي يقوم عليها البرنامج المذكور.وذكر رئيس الجمهورية أنه وزوجته تلقيا عشرات الاتصالات من شخصيات مختلفة لوضع حد لما سمته هذه الشخصيات الاعتبارية بـ"الفلتان الإعلامي" المتمادي الذي ينعكس سلبا على الأسرة اللبنانية.لست متابعا لهذا البرنامج الذي غضب منه الرئيس سليمان وعقيلته وآخرون من أهل لبنان، وإن كان هو البرنامج الذي أطلعني صديق على جانب من إحدى حلقاته، من خلال "إيميل" أرسله لي، فهو برنامج لا يجوز أن يصنف برنامجا عائليا مفتوحا للجميع.ومن حق، لا بل من واجب، الرئيس، أي رئيس في العالم، أن يتفاعل مع قيم مجتمعه العامة والمتفق عليها من الجميع كأساسات مشتركة، ويحمي الذوق العام من "الفلتان".لكن لا يملك المرء إلا أن يتساءل: هل "الفلتان" محصور فقط في نكتة جنسية أو إيماءة بذيئة من هذا أو ذاك؟!نتحدث عن لبنان تحديدا، وبما أن الخبر يتعلق به، فأين هو "الفلتان" الأكبر؟ هل في برنامج فكاهي "بذيء"، أو في "اغتصاب" الدولة علنا، وأمام أنظار العالم من قبل فريق يظهر خنجره من تحت ثياب القدسية ويغرزه في خاصرة الدولة ويسوقها عبر الأزقة المظلمة إلى حيث يريد ورغم أنف "أهل الحارة" كلهم؟.. أليس هذا هو "الفلتان" الأكبر؟!البذاءة الحقيقية هي في التصريحات التي يطلقها هذا النائب أو السياسي مهددا بالويل والثبور وعظائم الأمور، وألف "7 أيار" ثانية، وأنه يجب على الجميع أن يخافوا من "صرماية" العماد أو قبضة النائب الجبلي، أو من حزب الله لو غضب، وأنه لو أخضع أحد فردا من أفراد حزب الله للمساءلة القانونية، فستقطع يد من يمس عضوا من هذا الحزب الإلهي الذي لا يأتيه الباطل من خلف يديه ولا من ظهره! أو على اللبنانيين أن يخافوا من جحافل السلفيين الجدد أتباع "القاعدة" في الشمال الذين سيكررون بالشيعة ما فعله الزرقاوي بهم في العراق.حماية الأخلاق العامة أمر جيد، ومطلوب، ولكن الأخلاق والذوق العام ليست حكرا على الجنس وما يتعلق به، فمهما كانت خطورة "الفلتان" في هذا الجانب، فإن قيم الأسرة الخاصة، وحرص الأب والأم، كفيلان بالانتباه لأولادهما دون "الاضطرار" الملح إلى تدخل الدولة التفصيلي.لا مشكلة مصيرية في هذا، المشكلة الكبرى في أنه ليس هناك من يحمي الدولة، وقيم الدولة، وجسد قيم المواطنة العامة من التحرش والاعتداء، بل والاغتصاب اليومي العلني. تحرش واغتصاب يعري الدولة من ملابس الانتماء المشترك بين كل أهلها، ويبقيها مهيضة الجناح في العراء.. ومن يفعل ذلك بها، للأسف، هم بعض أهلها!تلك هي البذاءة، وهذا هو "الفلتان" الأكبر يا فخامة الرئيس!

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف