متكي البارد يفسح المجال لصالحي النووي
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
كاميليا انتخابي فارد
إن تعيين شخص له علاقة مباشرة ببرنامج إيران النووي المثير للجدل في منصب وزير الخارجية قد يبعث رسالة للدول الأخرى بأن الدبلوماسية النووية هي في أعلى أولويات السياسة الخارجية الإيرانية
في سبتمبر الماضي، عندما عين الرئيس أحمدي نجاد أربعة من مساعديه المقربين كمبعوثين خاصين في مناطق رئيسية من العالم، أظهر وزير الخارجية في ذلك الوقت منوشهر متكي عدم رضاه بشكل علني عن هذا التصرف ونقل احتجاجه إلى المرشد الأعلى للثورة آية الله علي خامنئي الذي أيد متكي وقال: إنه يجب ألا تكون هناك أي مؤسسة أخرى ترسم السياسة الخارجية الإيرانية بشكل موازٍ لوزارة الخارجية. كان هذا التصريح كافيا ليضع أحمدي نجاد أمام خيار واحد فقط هو التراجع عن هذه التعيينات.
منذ اليوم الذي وصل فيه أحمدي نجاد إلى السلطة عام 2006، كان واضحا لجميع السياسيين في إيران أن متكي لم يكن مرغوبا فيه في الحكومة. كان متكي خيار المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي، وهو الذي فرضه على الرئيس أحمدي نجاد منذ البداية. ولم ينجح أحمدي نجاد في التخلص من متكي حتى بعد بداية ولايته الرئاسية الثانية، لأن الأعضاء المحافظين في البرلمان الإيراني هددوا الرئيس بأنهم سوف يرفضون المصادقة على أي خيار آخر غير متكي في وزارة الخارجية.
يوم الاثنين الماضي، قام الرئيس أحمدي نجاد بإقالة متكي من منصبه فيما كان في زيارة رسمية إلى السنغال. تصرف الرئيس الإيراني السريع في إقالة وزير الخارجية الذي استمر خمس سنوات في منصبه فاجأ العديد من أعضاء البرلمان وربما آية الله خامنئي نفسه! ولا يزال السبب الذي جعل الرئيس الإيراني يقيل وزير خارجيته قبل عودته إلى البلاد غير واضح.
ربما اعتقد أحمدي نجاد أن وجود متكي في إيران والتشاور مـع أعضاء البرلمان في قضية عزله من منصبه قبل إصدار قرار بذلك قد يعطي المرشد الأعلى فرصة للتدخل في الأمر وإنقاذ متكي مـرة أخرى. كان متكي آخر أعضاء الحكومة الإيرانية المرتبطين مع التيار المحافظ المقـرب من آية الله علي خامنئي ورئيس البرلمان علي لاريجاني، أبرز منافسي الرئيس وأقوى رمـوز المعارضة داخل البرلمان.
استبدل أحمدي نجاد وزير الخارجية منوشهر متكي، الذي يتسم ببرودة الأعصاب، بالسيد علي أكبر صالحي الذي كان يرأس وكالة الطاقة الذرية في إيران والمعروف بطباعه الحادة. إن تعيين شخص له علاقة مباشرة ببرنامج إيران النووي المثير للجدل في منصب وزير الخارجية قد يبعث رسالة للدول الأخرى بأن الدبلوماسية النووية هي في أعلى أولويات السياسة الخارجية الإيرانية. وقد تم تكليف علي أكبر صالحي موقتا بمهام وزير الخارجية إلى أن يرشحه الرئيس رسميا لهذا المنصب ويطلب من البرلمان المصادقة على ذلك. لكننا قد نرى نشاطات أكثر حيوية للدبلوماسية الإيرانية ومفاوضات أكثر شدة مع دول (5+1) حول برنامج إيران النووي. كان متكي يتهم دائما بأنه تبنى دبلوماسية فاشلة وضعيفة، خاصة فيما يخص أداءه في الأمم المتحدة الذي أدى إلى فرض عقوبات دولية على إيران أربع مرات من قبل مجلس الأمن. المشرعون المقربون من نجاد وكذلك الإصلاحيون يحثون الرئيس الإيراني منذ سنوات على إقالة متكي، لأنهم يعتقدون أنه فشل في الدفاع عن إيران بشكل ملائم في المنظمات الدولية مثل الأمم المتحدة.
وبالعودة إلى ما حدث في نيجيريا الشهر الماضي عندما تم اكتشاف سفينة محملة بالأسلحة في أحد الموانئ النيجيرية، فإن منوشهر متكي توجه إلى نيجيريا لحل تلك المشكلة، ولدى عودته إلى إيران، وصف متكي الموقف بأنه ليس مهما وأنه توصل إلى حل القضية مع نظيره النيجيري، لكن القضية لم تحل وأبلغت نيجيريا مجلس الأمن الدولي بأمر شحنة الأسلحة غير الشرعية. وكانت آخر الفرص الذهبية التي أتيحت لمتكي تتمثل في المؤتمر الأمني الدولي الذي عقد في المنامة في 3-5 ديسمبر الماضي. جاء ذلك المؤتمر بعد أيام قليلة من تسريبات ويكيليكس التي تسببت ببعض الحرج للعلاقات الإيرانية مع بعض الدول العربية بسبب مواقفها القلقة من البرنامج النووي الإيراني، وكانت لدى متكي فرصة لاستعادة وبناء بعض الثقة مع هذه الدول، لكنه فشل في ذلك. كل ما فعله هو أنه صعد إلى المنبر وخاطب الحضور قائلا "نحن لم نستخدم القوة ضد أي من جيراننا ولن نفعل ذلك مطلقا، لأن جيراننا مسلمون."، لكن ذلك لم يكن كافيا بالطبع لتطمين دول الجوار التي تبدي قلقا واضحا من أهداف البرنامج النووي الإيراني. وبالطبع فإن خيبة أمل القادة ووزراء الخارجية العرب بتصريحات متكي لم تسعد الرئيس الإيراني. العقوبات الدولية تنهك الاقتصاد الإيراني، ولذلك فإن من المهم بالنسبة للرئيس أحمدي نجاد أن يكسب صداقة الدول العربية و ألا يجعلها على الأقل تتحول إلى المعسكر المعادي لإيران، لكن متكي فشل في تحقيق هذا الهدف.
وجود وجه جديد، مثل علي أكبر صالحي الذي يحمل شهادة الدكتوراه من جامعة أمريكية، في وزارة الخارجية قد يمنع تجديد العقوبات على إيران. الدبلوماسيون الأمريكيون قالوا: إن هناك خطة لتجديد العقوبات وزيادة الضغوط على إيران. جاري ساريمور صرح منذ أيام قائلا "نحن بحاجة لإيصال رسالة إلى إيران بأن العقوبات سوف تزيد إذا تجنبت إيران مفاوضات جادة ولن يتم رفعها إلى أن تزول أسباب قلقنا بالكامل."
بإقالة منوشهر متكي ربما يبعث الرئيس الإيراني أيضا رسالة بأنه يهدف لتعيين شخص أكثر ولاءً له لمساعدته على التوصل إلى اتفاق مع الدول الست!