حرب اسرائيلية (لا المحكمة الدولية) وراء قلق «حزب الله»
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
حازم الأمين
هل يُسهل صدور قرار ظني عن المحكمة الدولية الخاصة بلبنان يتهم عناصر من "حزب الله" بالتورط في اغتيال رفيق الحريري، على اسرائيل، مهمة توجيه ضربة لـ "حزب الله"؟
ربما تفيد الاجابة عن هذا السؤال في تفسير حال التخبط التي يكابدها الحزب والتي تظهر على شكل تصريحات فظة لمسؤوليه، أو على مستويات أخرى من أدائه اليومي في الحياة السياسية. اذ من الواضح ان المحكمة بحد ذاتها لا تكفي لبعث هذا القدر من الارتباك في جسم ايديولوجي وديني صلب، وأن ثمة ما يتعداها وراء اندفاع الحزب الى الموقع الذي اختاره اليوم وجرّ اليه حلفاء ومريدين.
الأرجح ان الاجابة عن السؤال بـ "نعم" أو "لا"، تستبطن قدراً من التبسيط من ذلك النوع الذي تشهده السجالات السياسية الدائرة في لبنان. اذ ان قراراً ظنياً بحق عدد من عناصر الحزب، حتى لو كان من بينهم مسؤولون وقادة، قد يدفع الاسرائيليين الى الشعور بأن ثمة من يخوض المواجهة عنهم، وأن "حزب الله"، بدل ان يكون في حالة حرب مع اسرائيل وحدها، هو اليوم في حالة حرب مع المجتمع الدولي بأسره. وبالتالي لا شيء يدعو الدولة العبرية لأن تدفع فاتورة الحرب معه وحدها، خصوصاً ان حالة كهذه بينه وبينها محكومة بالقرار 1701 الذي يبدو واضحاً مدى التزام "حزب الله" به.
نحن هنا نجيب عن سؤال حول ما اذا كان القرار الظني ذريعة لشن الحرب. أما اذا كان السؤال عن مساعدة القرار الظني لإسرائيل في تنفيذ قرار سبق ان اتُّخذ بشن الحرب، فالإجابة ستكون مختلفة من دون شك، وهذا على الأرجح ما يُقلق "حزب الله"، ويدفعه الى رفع سقف خطابه الداخلي على نحو غير مسبوق في الحياة السياسية اللبنانية.
القرار الظني لا يكفي وحده ذريعة لشن الحرب، لكنه سيكون عاملاً مساعداً تضيفه اسرائيل الى "بنك الذرائع" الذي تعدّه في حال مباشرتها الحرب. وفي اسرائيل، وفي الأروقة الديبلوماسية الدولية والاقليمية، كلام كثير عن قرار متخذ في شأن حرب "مختلفة" تُشنّ على "حزب الله" أعد خططها الجيش الاسرائيلي وتنتظر نضوج الظروف لمباشرتها.
القرار الظني لن يتهم الحزب على ما ترجح التوقعات، لكنه قد يتهم عناصر ومسؤولين فيه، وهؤلاء لن يستجيبوا طبعاً لمذكرات التحقيق التي ستسطّرها المحكمة، والحزب بدوره لن يتعامل مع هذه الأخيرة وفق الشروط القانونية المرعية بموجب الاتفاقات المعقودة بينها وبين الدولة اللبنانية. وسيمثل ذلك، من دون شك، ورقة تعتمدها اسرائيل في سعيها لتسويق حرب على الحزب، يبدو ان ما يؤخرها شعور اسرائيل بأن المجتمع الدولي غير راغب فيها.
وحتى الآن، تبدو مخاوف "حزب الله" مشروعة، اذا ما وضعنا العدالة جانباً، بوصفها أمراً خلافياً، واستبدلنا ضروراتها بالسياسة وبما يسميه وليد جنبلاط "الواقع". لكن، وفي مقابل انعدام "واقعية" المتمسكين بـ "العدالة"، يُكابد "حزب الله" انعدام واقعية أكثر ضراوة ومرارة تدفع به أحياناً الى مستويات انتحارية. فالمخاوف التي يمكن ان يشكلها قرار اسرائيلي بشن حرب على الحزب تُترجم داخلياً تصعيداً في خطاب الحزب، وهو ما لا يخدم على الاطلاق السعي الى التحصن من تبعات الحرب. اذ ان الحزب وفي جميع الحروب التي خاضها مع اسرائيل لم يكن يوماً وحده. كانت وراءه حكومة مفاوضة، ومجتمع لبناني يتمتع بحد أدنى من التماسك والتضامن. وهذا ما لا يؤمّنه إمعان الحزب في خصومة الحكومة، وفي اعتماد خطاب غير مساعد على الاطلاق في احتضان سائر اللبنانيين مواطنيهم ممن تستهدفهم الحرب في شكل مباشر.
واذا كان الحزب يشعر ان تحديد ساعة الصفر من جانب اسرائيل في شن الحرب عليه أمر لن يكون في مصلحته، وهو ما ترجحه أوساط كثيرة، فإن أداءه لم يُساعد على تفادي هذا الاحتمال. ففي أي سياق نُفسر مثلاً زيارة أحمدي نجاد الى مدينة بنت جبيل في جنوب لبنان؟ اذ ان هذه الزيارة شكلت فرصة لإسرائيل تفوق في أهميتها الفرصة التي توفرها المحكمة الدولية لإسرائيل، اذ ان الاسرائيليين شرعوا، وبعد مغادرة نجاد فوراً، بحملة تسويق دولية عنوانها العبارة التالية: "ايران أحمدي نجاد صارت على حدودنا". واذا وضعنا الزيارة في ميزان الربح والخسارة، فمن غير المفهوم حتى الآن الارباح التي حققها "حزب الله" من وراء هذه الزيارة، باستثناء ما جناه نجاد نفسه منها عبر تعزيز صورته في الداخل الايراني في مواجهة خصومه من الاصلاحيين والمحافظين!
يبدو ان "حزب الله" مقيد بموقعيه الداخلي والاقليمي، ففي الداخل تشكل استحالة تخلي سعد الحريري عن المحكمة الدولية، معضلة الحزب الداخلية، لكن أيضاً ثمة من لم يساعد الحزب على التخفف من أعباء الانتماء الى منظومة اقليمية رتبت على الحزب استقبال احمدي نجاد في بنت جبيل كما سترتب عليه اندراجاً في حركة التجاذب حول الملف النووي الايراني.
لا تؤشر الوقائع الراهنة الى احتمال ان يتخفف الحزب في الوقت الراهن من موقعيه هذين. والغريب انه هو نفسه غير ساع في هذا الاتجاه على رغم ادراكه حجم المخاطر المحدقة به. فمساعدة سعد الحريري على تجنيب الحزب تبعات القرار الظني تتطلب درجة من "الواقعية" المقابلة التي لم يُظهر الحزب رغبة في اعتمادها، لا بل انه ممعن في اعتماد خطاب يظهر بموجبه أي تنازل يُقدمه الحريري بمثابة هزيمة للأخير قد تقضي على مستقبله السياسي. ثم ان الحزب لم يشعر انه معني بتقديم تطمينات لشرائح لبنانية أخرى يُشعرها عبرها بأنه يوازن بين اقليميته ولبنانيته.
وفي مقابل ذلك، من المؤكد ان القناعة بوجود قرار اسرائيلي بالحرب تقتضي من خصوم الحزب من اللبنانيين شكلاً مختلفاً من الخطاب، اذ ان هذه الحرب لن تقتصر على حزب ولا على مقاتلين ومسؤولين فيه، بل ستشمل بلداً بأكمله. ويستحق ذلك ان يُسبق بشيء من التأمل في شروط النجاة.
التعليقات
the end
abu samra -انا اعتقد ان هناك عدة عوامل تدعو هذا الحزب للقلق على مصيره هذه المرة فكما يقال لقد دارت عليه الدوائر من كل الجهات الا انا اهمها في رائي هو تعين وزير خارجية ايران الجديد ذو الاصول العراقية.. نعم لا يستغرب المراقب ولعل احدهم يقول وما دخل هذا في قلق الحزب ؟ الجواب يكمن في اول تصريح لوزير الخارجية الجديد بان اولويات ايران ستكون للتنسيق مع السعودية اولا وعدد ما هي السعودية من مركز اسلامي وثقل اقتصادي وو ويعيل الايراني التنسيق مع تركيا بالكامل انه مفهوم باعتبار ان تركيا ستلعب دور الامارات بالنسبة للعقوبات المفروضة على ايران ليس مهم لحزب الله هذا!! لنرجع الى بيت القصيد السعودية ؟ لقد اتخذ قرار استراتيجي على ما يبدو في ايران على الاستغناء تدريجيآ عن الشريك السوري الذي لم يعد حسب قرائتي يفيد ايران كثيرا حسب خبرتهم لاسباب عدة اهمها عدم تمكن سوريا لا وبل فشل سوريا في تسويق ايران لدى العرب فقد لاحظ الايراني ان سوريا نفسها معزولة من العالم العربي وتأثيرها في محيطها ضعيف وفي لبنان يكاد يكون لا يذكر اذا اوقف التنسيق معها حزب الله؟ اذآ سوريا مستفيدة من العلاقة مع ايران اكثر من الاستفادة الايرانية منها . فسوريا تلعب ورقة حزب الله وتحالفها مع ايران دوليآ وقد نجحت لحد كبير لفتح عزلتها وتريد السلام مع اسرائيل ولكن ما الذي جنته ايران وحليفها حزب الله لا شئ فايران زادت عليها العقوبات واصبحت في دائرة الخطر الحقيقي وحزب الله اصبح المتهم المنبوذ والذي ترك ليلاقي مصيره وحيدآ امام ارادة المجتمع الدولي واسودية اسرائيل التي تريد ان تنحره كالخراف هذه المرة واذا اردنا معرفة عمق الخلاف لنرى الابتعاد الرهيب لموقف الاسد الذي يقبل بقرار اتهامي ذو ادلة في حين يرفض حزب الله المحكمة جملة وتفصيلا . الذي حرك ايران الاتجاه الى السعودية بدون وسيط سوري قرار سيقلب كثير من الموازين واكبر الخاسرين هو هذا الحزب الذي لو غيرت سوريا موقفها لدرجات لاصبح الحزب في خبر كان وأصبح طائر باستطاعة كل جهة اطلاق النار عليه . في النهاية علمنا التأريخ ان الدهاء السوري اهم جدا من لاعب الشطرنج الايراني فماتيح الابواب برغم كل هذا وذاك بيد الاسد؟ اما القلق الاخر هو الحقن والكراهية الشعبية لهذا الحزب داخليآ سيجعل خاصرته داخليآ ركوة في اي نزاع اسرائيلي مع هذا الحزب التي سيدهش هذا الكيان المافيوي لما ستقوم به اسرائيل في هذه المنازلة؟