جريدة الجرائد

أين المشكلة في حق تقرير المصير للأكراد؟

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

خيرالله خيرالله

لم يفاجئ السيد مسعود بارزاني احدا عندما تحدث امام الذين حضروا جلسة الافتتاح لمؤتمر الحزب الوطني الديموقراطي الكردستاني عن "حق تقرير المصير" لاكراد العراق. فرئيس اقليم كردستان صادق مع نفسه إلى ابعد حدود. ولذلك تطرق إلى موضوع في غاية الحساسية امام كبار القياديين العراقيين بمن فيهم رئيس الجمهورية جلال طالباني ورئيس الوزراء نوري المالكي وزعيم اللائحة الفائزة فعلا في الانتخابات، اي "القائمة العراقية" برئاسة الدكتور اياد علاّوي وآخرين.
ما الذي يمكن ان يعنيه كلام مسعود بارزاني؟ هل يعني ان الاكراد سيسعون إلى قيام دولة مستقلة خاصة بهم ولم يعد ينقصهم سوى ضمّ كركوك لاقليمهم؟ ثمة من يستطيع الذهاب إلى مثل هذه التفسيرات والاجتهادات، خصوصا ان الشعب الكردي امتلك دائما مثل هذا النوع من الطموحات، لكن الظروف لم تساعده في الحصول على اكثر من حكم ذاتي، جاء تطبيقه ناقصا، بل كان صوريا في واقع الحال. لا شك ان الاوضاع الاقليمية لم تساعد الاكراد يوما في التفكير في اقامة دولة مستقلة فعلا.
سارع كثيرون إلى الكلام عن رغبة الاكراد في الانفصال عن العراق مؤكدين ان ذلك يشكل خطرا على وحدة البلد. لكنّ الاكراد يعرفون، إلى اشعار آخر، ان خيارهم ليس الاستقلال، اقلّه في الظروف الراهنة، على الرغم من الظلم التاريخي اللاحق بهم. لكن عليهم ان يعدوا أنفسهم لمرحلة جديدة تسمح لهم بتأمين افضل الظروف المعيشية لابناء المنطقة الكردية. ما يمكن ان يدفعهم إلى التفكير في خياراتهم المستقبلية الوضع السائد في العراق حيث فشلت الحكومات التي تولت ادارة البلد منذ سقوط النظام السابق في تأمين الحد الادنى من الاستقرار. لم تقم تلك الحكومات، خصوصا الحكومة الحالية، التي يفترض ان تكون مجرد حكومة تصريف اعمال منذ الانتخابات الاخيرة التي جرت قبل تسعة اشهر، بأي خطوة تؤكد ان هناك اهتماما بكل العراق وكل العراقيين. على العكس من ذلك، لم نشهد في السنوات الاخيرة سوى مزيد من التدهور الامني رافقته محاولة واضحة لتغيير طبيعة المجتمع العراقي تحت تأثير النفوذ الايراني الذي يمارس على كل المستويات. هل طبيعي ان تحصل مجزرة كنيسة سيدة النجاة في بغداد، في وقت بات هناك عشرات الآلاف من رجال الامن، يبدو ان آخر همّ عندهم حماية المواطنين العراقيين من ارهاب "القاعدة" وما شابهها من ميليشيات مذهبية؟ المؤسف ان هذه الميليشيات لا تقلّ خطورة عن "القاعدة" وهي تابعة للاحزاب المتسلطة التي ترفض قبول نتائج الانتخابات الاخيرة والتصرف انطلاقا من الارقام التي سجلت فيها ومن مواد الدستور.
بكلام اوضح، وجدت هذه الميليشيات التي تسللت إلى الادارات الرسمية وحولتها إلى خلايا حزبية، ان في استطاعتها منع تطبيق الدستور والقانون والاستعاضة عن ذلك باتفاق اميركي- ايراني يمنع وصول اياد علاّوي إلى موقع رئيس الوزراء استنادا إلى اللعبة الديموقراطية التي يفترض ان يحترمها الجميع، اكانوا في السلطة ام خارجها...
في المقابل، عمل الاكراد على لملمة اوضاعهم وتحويل منطقتهم ملجأ لكل المضطهدين في العراق، خصوصا المسيحيين. الاهم من ذلك كله انهم استوعبوا ان لا خيار امامهم سوى اقامة دولة القانون والسعي إلى اللحاق بكل ما هو حضاري في هذا العالم بعيدا عن التزمت والتطرف والتخلف. نجحوا في ذلك نسبيا ولم يترددوا في الاستعانة بافضل ما عندهم من شخصيات على تماس مع التطور والانفتاح. ابرز هؤلاء برهم صالح مثلا الذي انتقل من موقع نائب لرئيس الوزراء في بغداد إلى موقع رئيس الوزراء في اقليم كردستان.
هذا لا يعني ان الوضع مثالي في كردستان العراق. هناك بالطبع تجاوزات وفساد في بعض الدوائر والاوساط. ولكن مقارنة مع ما تشهده مناطق ومدن عراقية اخرى، بما في ذلك بغداد والبصرة، تبدو كردستان جنة. تكفي المقارنة بين البرامج التعليمية الحديثة في كردستان من جهة وما تسعى وزارة التربية العراقية إلى تطبيقه في المدارس والجامعات خارج كردستان من جهة اخرى للتثبت من البون الشاسع بين عقلين ونمطين في السلوك. في كردستان، هناك استعانة بأفضل الجامعات العالمية لتطوير البرامج التربوية، وفي بغداد والبصره والمدن والقرى الاخرى جدل يتناول تعليم الموسيقى والرسم والنحت والتمثيل والاختلاط...
من حق اكراد العراق التفكير في المستقبل وطرح مسألة حق تقرير المصير في بلد كبير يمتلك موارد هائلة، قرر الاميركيون تفكيكه من دون طرح سؤال من نوع هل في الامكان اعادة جمعه؟
نجحت ادارة بوش الابن في تفكيك العراق ولكن ماذا بعد؟ هل ينتظر الاكراد زحف التخلف إلى مناطقهم كي يثبتوا انهم وطنيون يؤمنون بوحدة العراق وانهم لا يريدون طعن العرب في الظهر؟ كل ما فعله مسعود بارزاني انه هيأ شعبه للمستقبل. لم يغشّ احدا. عندما انعقد مؤتمر المعارضة العراقية في لندن في كانون الاول 2002، تضمن البيان الصادر عن المؤتمر الذي كان برعاية ايرانية- اميركية مفضوحة نقطتين مهمتين هما الاعتراف بـ"الاكثرية الشيعية في العراق" واقامة نظام "فيديرالي". اين مشكلة الاكراد في حال سعوا إلى الفيديرالية والتزموا حرفيا بالبيان الصادر عن مؤتمر المعارضة الذي مهّد للاجتياح الاميركي الذي بدأ في آذار من العام 2003. لولا الاتفاق على الفيديرالية، التي هي جزء لا يتجزأ من الدستور، لما انضم الاكراد وقتذاك إلى المعارضة التي تحركت تحت الرايتين الاميركية والايرانية. الآن، وفي ضوء تطورات السنوات الماضية والانتخابات الاخيرة، من حق الاكراد التفكير في الصيغة التي تحفظ حقوقهم، خصوصا اذا كانت هذه الصيغة لا تتعارض مع الدستور والقوانين. اين المشكلة في ذلك؟

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
شكرا استاذ خيرالله
متابع -

مقال منصف واقعي فيه الكثير من النظر الانساني النبيل الذي لا يعرفه او لايستطيع ان يتحمله كثير من اصحاب الفكر والقلم العرب.اتوقع ان يهجم على الاستاذ خيرالله ومقاله الشوفينيون والعنصريون بعقولهم المظلمة وسيوفهم الخشبية.ولكن الرجل العادل لا يبطل حقا ولا يحق باطلا.

شكرا استاذ خيرالله
متابع -

مقال منصف واقعي فيه الكثير من النظر الانساني النبيل الذي لا يعرفه او لايستطيع ان يتحمله كثير من اصحاب الفكر والقلم العرب.اتوقع ان يهجم على الاستاذ خيرالله ومقاله الشوفينيون والعنصريون بعقولهم المظلمة وسيوفهم الخشبية.ولكن الرجل العادل لا يبطل حقا ولا يحق باطلا.

الماضى التعيس
سوران -

المشكلة هي لدى الحاقدين والعنصريين والمنافقين أنهم لا يرغبون الكورد مع العراق ليكون قويا ولا يريدون أنفصال الكورد,يتمنون ويحبذون ويحاولون ارجاع الكورد الى العهد السابق أى عهد التشرد والمأسى والويلات والصراع والاعدامات بالجملة ومعاملتهم كالعبيد, لأن هؤلاء الاشخاص لا يزالوا يشخرون فى نومهم العميق ويحلمون بأرجاع الماضى التعيس.

منصف وعادل
عادل -

شكرا جزيلا للكاتب والمحلل القدير مقالتكم في غاية الوضوح والحقيقة حبذا لو قرا جميع الاخوة العرب بكل تياراتهم الفكرية .هناك من يفسر حق تقرير المصير بالانفصال لكن هناك بون شاسع بين حق تقرير المصير والانفصال وابسط مثال على ذلك الاتحاد الاوروبي جميع الدول المنضوية تحت راية الاتحاد مستقلين تمام الاستقلال لكنهم متحدين في امور عديدة منها الحدود العملة وغيرها !؟.لماذا لايكون لدينا كل حقوق تقرير المصير والاتحاد الاختياري !والمثل الابسط (عائلة مؤلفة من عدة اخوة جميعم تزوجوا واستقلوا في امورهم الحياتية لكن يجمعهم الاخوة قبل كل شيء وابسطها الميراث)هل من ضير الكردي يتمتع بالحقوق التي وهبه الله للبشرية جمعاء!؟. لماذا يحل,ويحق للغير كل الحقوق ويمنع الكرد من هذا الحق!؟.شكرا جزيلا للكاتب القدير وشكر خاص لايلاف لتكرمه بنشر التعلق مع التقدير.

منصف وعادل
عادل -

شكرا جزيلا للكاتب والمحلل القدير مقالتكم في غاية الوضوح والحقيقة حبذا لو قرا جميع الاخوة العرب بكل تياراتهم الفكرية .هناك من يفسر حق تقرير المصير بالانفصال لكن هناك بون شاسع بين حق تقرير المصير والانفصال وابسط مثال على ذلك الاتحاد الاوروبي جميع الدول المنضوية تحت راية الاتحاد مستقلين تمام الاستقلال لكنهم متحدين في امور عديدة منها الحدود العملة وغيرها !؟.لماذا لايكون لدينا كل حقوق تقرير المصير والاتحاد الاختياري !والمثل الابسط (عائلة مؤلفة من عدة اخوة جميعم تزوجوا واستقلوا في امورهم الحياتية لكن يجمعهم الاخوة قبل كل شيء وابسطها الميراث)هل من ضير الكردي يتمتع بالحقوق التي وهبه الله للبشرية جمعاء!؟. لماذا يحل,ويحق للغير كل الحقوق ويمنع الكرد من هذا الحق!؟.شكرا جزيلا للكاتب القدير وشكر خاص لايلاف لتكرمه بنشر التعلق مع التقدير.

موقف شجاع
عبدالقادر بدرالدين -

الاستاذ القدير خيرالله صاحب مواقف جريئة في كل قضايا الشرق الاوسط, وهو مفكر وناقد كبير في المسائل العربية وخاصة منها اللبنانية, وله دور ايجابي و مؤثر في الفكر العربي ولا يرضى في اي خطأ استراتيجي يقع حيث يكون له بالمرصاد, نحن جميعا بحاجة ماسة الى هكذا شخصيات وخاصة في هذا الوقت الحرج, والى المزيد من الشجاعة يا اخوة العرب.

استاذي الكريم
زينب البيلي -

لا يستطيع القارئ إلا أن يتفق معك ، لأنك ببساطة تعوّم البديهيات دون النظر إلى التفاصيل ، حق تقرير المصير حق بديهي لكل الشعوب في المنطقة العربية ، لكن أن نمرر من خلال الحديث عن حق الأكراد البديهي في تقرير مصيرهم رسائل أخرى لخلط المعادلات فذاك في مكان آخر ، شكرا لك على كتاباتك

مفضوحة
Adam* -

عندما انعقد مؤتمر المعارضة العراقية في لندن في كانون الاول 2002، تضمن البيان الصادر عن المؤتمر الذي كان برعاية ايرانية- اميركية مفضوحة نقطتين مهمتين هما الاعتراف بـالاكثرية الشيعية في العراق; واقامة نظام ;فيديرالي;. --- هنا تقع المشكلة . التآمر مع الغزاة ضد ابناء طأئفة من البلد و التحيز لطائفة اخرى لغاية بنفس يعقوب. مشكور يا استاذ على هذا التنويه.

الكورد و تقريرالمصير
صخر -

كلمة حق كشرارة لهب , تحرق أللألاف من الكتابات الضلامية التي لا حصر لها في بلدان الشرق!!!!!فلتكن كلماتك يا عزيز الكاتب كالشرارة تلك, تحرق كل تلك الأفكار و الكتابات الضلامية البائسة...عشت و دمت و للألاف أيضا.

مفضوحة
Adam* -

عندما انعقد مؤتمر المعارضة العراقية في لندن في كانون الاول 2002، تضمن البيان الصادر عن المؤتمر الذي كان برعاية ايرانية- اميركية مفضوحة نقطتين مهمتين هما الاعتراف بـالاكثرية الشيعية في العراق; واقامة نظام ;فيديرالي;. --- هنا تقع المشكلة . التآمر مع الغزاة ضد ابناء طأئفة من البلد و التحيز لطائفة اخرى لغاية بنفس يعقوب. مشكور يا استاذ على هذا التنويه.

أنت تكيل بمكيالين
عاصم -

أنت تقر بحق الأكراد في تقرير مصيرهم وتقسيم العراق وسوريا وتركيا وإيران، وترفضه في حالة الصحراءالغربية مع أنه في الحالة الاولى هي إنفصال أما الحالة الثانية هي تصفية إستعمار.

أنت تكيل بمكيالين
عاصم -

أنت تقر بحق الأكراد في تقرير مصيرهم وتقسيم العراق وسوريا وتركيا وإيران، وترفضه في حالة الصحراءالغربية مع أنه في الحالة الاولى هي إنفصال أما الحالة الثانية هي تصفية إستعمار.

حق تقرير المصير
Rizgar -

حق تقرير المصير يُعد واحدا من الحقوق السامية التي تناضل من أجلها شعوب الأرض كلها لا الشعب الكردي فقط.

حق تقرير المصير
Rizgar -

حق تقرير المصير يُعد واحدا من الحقوق السامية التي تناضل من أجلها شعوب الأرض كلها لا الشعب الكردي فقط.