جريدة الجرائد

ماذا لو كان مجلس الأمة هو الفاسد?

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

يوسف عبدالكريم الزنكوي

بقايا خيال
لماذا لا نعمل على تشريع قانون معتدل يحافظ على الحد الأدنى من حرية التعبير عن الرأي

تطور مفهوم السجن في كثير من دول العالم بمقدار كبير, ليتحول من مكان لقضاء فترة الحكم أو العقوبة إلى مؤسسات إصلاحية تعيد تأهيل المنحرفين للانخراط من جديد في المجتمع ومشاركة أفراده في البناء. والإصلاح هو الهدف الأسمى من تنفيذ القانون في حق المنحرفين عن جادة الصواب, وإلا صارت النظرة العامة إلى المجرمين دونية وكأن لا فائدة ترجى منهم لإجبار المؤسسات العقابية على تنفيذ حكم الإعدام للتخلص من المنحرفين وإلى الأبد.
جميع وسائل الإعلام تعتبر مصدر اللتثقيف والتعليم والتربية ومعينا للتطوير والبناء, وإذا لم نكن نعتقد بهذا المبدأ فإن نظرتنا هذه تجاه الإعلام عموما تبدو قاصرة. ويبدو أن الإعلام "المخطىء" أو "الخطاء" macr; وليس الإعلام الفاسد macr; يشبه إلى حد بعيد هذا المجرم الذي يحاول البعض إصلاحه ليساهم في مشاريع البناء, بينما يحاول البعض الآخر إنهاء حياته وكأن لا فائدة ترجى منه.
فاليوم ليس كالأمس القريب, ووسائل الاتصال بالجماهير اليوم تختلف عما كان عليه إعلامنا المحلي بالأمس عندما كان يقتصر فقط على قناة تلفزيونية واحدة, وعلى عدد قليل من الصحف اليومية. وقانون المرئي والمسموع ليس كقانون الأمس الخاص بالمطبوعات والنشر. وأهم من هذا كله أنه إذا كانت محاولة حجب معلومة من المعلومات لدرء الفساد عن أي فرد من أفراد المجتمع سهلة وميسرة قديما بمجرد إغلاق شاشة تلفزيون أو زر راديو أو مقاطعة صحيفة, فإن مثل هذه المحاولات تعتبر شبه مستحيلة اليوم.
وإذا كان بعضنا خطاء من باب أن الكمال لله وحده, وإذا كان أفضل الحلول للفكاك من كل إعلام فاسد سواء كان مقروءا أو مسموعا أو مرئيا هو سحب الترخيص ومن ثم الإغلاق, فإن المحصلة النهائية من هذا الاسلوب ستنتهي بنا عند إغلاق كل وسائل الإعلام العاملة على الساحة الكويتية. ولماذا نحتاج إلى قانون أو تشريع للإعلام إذا كان تطبيق بند واحد من بنود مواد قانون المرئي والمسموع, ألا وهو سحب الترخيص والإغلاق أو الإعدام هو الحل الأمثل عندنا?
لنفترض أن مجلس الأمة أخطأ خطأ جسيما في حق الوطن, هل نحاول عندها تقويم هذا الاعوجاج وإعادة البرلمان macr;macr;macr;macr;macr;macr; مصدر ديمقراطيتنا ومرآة دستورنا macr;macr;macr;macr;macr;macr; إلى جادة الصواب ليواصل مسيرة البناء?, أم نطلق عليه رصاصة الرحمة من خلال الحل غير الدستوري لكي نرتاح منه وإلى الأبد?. ولماذا لا نحاول الحفاظ على وسيلة الإعلام ونشرع قانونا معتدلا يحافظ على الحد الأدنى من حرية التعبير عن الرأي "المحترم", فنحافظ بذلك على العنب والناطور بدلا من التطرف في التعبير عن الرأي يتبعه تطرف في اتخاذ قرار العقوبة?
ولهذا نقول إن المشكلة ليست في الإعلام ولا في القانون الذي نتمنى تشذيبه من الغرامات الفلكية, بل في النواب أنفسهم فرغم أن النواب جاءوا عن طريق الديمقراطية والانتخاب الحر وأقسموا على الحفاظ على المكتسبات الدستورية, إلا أنهم وفي الوقت نفسه لا يتحملون التعبير العلني عن الرأي الحر لدى الطرف الآخر وبمعنى آخر يريدون التحدث بشتى الأمور والقضايا حتى لو كانت قضايا شخصية تمس سمعة أحد من المواطنين, وفي الوقت نفسه لا يريدون أن يمس أحد شعرة من رأسهم حتى لو كانوا macr;macr; أي النواب macr;macr;macr; مخطئين ومرتكبي جرائم في حق الوطن والمواطنين.
وما أسهل اختيار لقب الإعلام الفاسد لدى بعض النواب. فأي ديمقراطية هذه التي يريدوننا أن نمارسها معهم?


التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف