خالد القحص وأحمد عيسى: الكويت .. الانقضاض على النظام و الإعلام الفاسد
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
عن الإعلام الفاسد أتحدث!
خالد القحص
الوطن الكويتية
لا يمكن للخطاب الإعلامي الأحادي أو البذيء أو الرديء أن يستمر في تأثيره
يشغلني كثيراً ما يحدث في المشهد الاعلامي الكويتي خاصة في السنوات الأخيرة، وتحديداً مع السماح بصدور صحف جديدة وكذلك القنوات الفضائية الخاصة.ولذا أقول بكل وضوح ودون مواربة بأن الاعلام الكويتي يمر بأسوأ فتراته، وتحديداً بعض الصحف وبعض القنوات الفضائية الخاصة. انه فعلاً لأمر مثير للحزن وللتساؤل حول ما يجري في المشهد الاعلامي، أشخاص غير مؤهلين يديرون او يعملون في صحف أو قنوات فضائية يقتحمون بها ملفات ساخنة، ومناطق حساسة في مجتمعنا، ويتم طرحها بشكل يغلب عليه الاثارة الرخيصة، ويسيطر عليه الانفعال المتهور، ويبتعد بشكل فج عن الاحترافية والمهنية والعقلانية.
التصريح الذي أدلى به رئيس مجلس الامة جاسم الخرافي قبل أسبوع حول "أن تصنيف وسائل الاعلام ونعت بعضها "بالفاسد" ليس أسلوباً صحيحاً ولا ديموقراطياً مشدداً على ضرورة احترام الاعلام والاحتكام الى القانون والقضاء لحسم أي خلاف. وأضاف "مهما كان الخلاف مع الاعلام فلابد من احترامه وان كان هناك خلاف في وجهات النظر أو ملاحظات معينة فان القانون نظم هذه المسألة كما أعطى حق التقاضي".
وأنا أتفق مع السيد الخرافي من الناحية النظرية، ولكن لو أسقطنا الأمر على المشهد الاعلامي الكويتي، فاني أختلف معه كثيراً، حيث ان الاعلام الكويتي يعاني من فساد مستشر وكبير تظهر علاماته ومؤشراته في الطريقة التي تدار بها بعض المؤسسات، وتظهر بكل جلاء في طبيعة الخطاب الاعلامي وباللغة المستخدمة، وبالهجوم غير المبرر تجاه بعض أعضاء مجلس الأمة، واستخدام أفظع الألفاظ وأقساها معهم، كما تظهر في تغييب الرأي الآخر، واعتماد سياسة الرأي الأوحد، واخفاء الحقيقة، أو اظهار بعضها وحجب بعضها، كما تظهر في الدفاع المستميت والمستمر والمنهجي عن الحكومة في كل مواقفها، وتظهر في تخوين الطرف الآخر المعارض للحكومة، وتظهر في اثارة الفتنة بين أطياف المجتمع الكويتي، والتشهير بمواطنين بطريقة فجة ورخيصة، بل يكفيك للدلالة على وجود اعلام فاسد في الكويت هو في طريقة التغطية الاعلامية لأحداث الصليبيخات حيث عمدت بعض وسائل الاعلام الى "التغطية" فعلاً على ما حصل، واخراج نسخة أخرى مغايرة للحقيقة وتسويقها للرأي العام على ان هذا هو ما حصل.
عندما كنت أقرأ تصريح السيد الخرافي تذكرت تصريحاً سابقاً له في شهر ابريل الماضي خلال اللقاء المفتوح في الملتقى الاعلامي السابع الذي تم عقده في دولة الكويت حين حمل رئيس مجلس الأمة جاسم الخرافي وسائل الاعلام الكويتية مسؤولية مايحصل في البلاد حين قال "الاعلام هو مشكلة المشاكل وليس الحكومة أو المجلس، بل هي في الاعلام لعدم وجود التوعية الاعلامية، فضلا عن التركيز على النظرية الشهيرة "رجل عض كلبا"، وصحيح ان ناقل الكفر ليس بكافر ولكنه يساهم بهذا الكفر".
العمل الاعلامي (كغيره من أوجه النشاط الانساني) في أي مجتمع عرضة للفساد، بل يرى البعض أنه بحكم قرب الاعلاميين من النخب الاقتصادية والسياسية في أي مجتمع فان هذا قد يعرضهم لمغريات مادية ومصالح متبادلة، وهذا يهيئ البيئة الحاضنة لظاهرة الفساد الاعلامي، والاعلام في الكويت لم يعد محايداً، بل اصبح لاعباً بارزاً وقوياً في المشهد السياسي، وتزاوجت السياسة بالاعلام، فأنتجت لنا طفلاً هجيناً مشوهاً، ويراد لنا ان نتعامل معه.
لا يمكن لأحد ان يحتكر الحقيقة، ولا يمكن لأحد ان يضحك على كل الناس طوال الوقت، ولا يمكن للخطاب الاعلامي الأحادي أو البذيء أو الرديء ان يستمر في تأثيره، لأن الناس سوف تأتيها مناعة مما تشاهده أو تقرأه، لأنها تعودت عليه.بامكان الاعلام الفاسد ان يكذب، ولكن ليس بامكانه ان يقنعني بكذبه.هناك فرق بين الليل والنهار، وبين الوهم والحقيقة، وبين الاعلام الفاسد والنزيه، وكل يختار طريقه.
الانقضاض على النظام
أحمد عيسى
الجريدة
هل يدرك نواب البرلمان مسؤولياتهم؟ وهل يعلمون أن "الديمقراطية" كنموذج للإدارة أصبح مشكوكاً فيه نتيجة ممارستهم، فخطورة ما يحدث أننا أمام حالة جديدة يعاب فيها على المبدأ بسبب الممارسة، فاستعراض العضلات المفرط واستخدام القوة المبالغ فيه لن يفرضا هيبة ولن يحققا مكسباً.
لم يعد للزمن أي قيمة بعد تضاغط الوقت ما جعل الأيام تمر كاللحظات، فها نحن نقف اليوم على مبعدة أسبوع من استجواب رئيس مجلس الوزراء، وهو ثامن استجواب له خلال أربع سنوات، وأمام سادس حكومة، وثالث مجلس.
دعونا نسترجع بهدوء ما حدث ونعيد تأمل مشهدنا السياسي، لم يتغير الشيء الكثير، رحل عدد بسيط من الوزراء والنواب، مقابل أحداث كثيرة مرت علينا دون أن ننتبه لها.
في تشريح الوضع الحالي نرى موالاة ومعارضة: نواب يرفعون شعار 'إلا الدستور' وآخرون يردون عليهم 'إلا الرئيس'، ومراقبون يعلون من شأن من يراقبونه، فنجدهم يراقبون زملاءهم بدلاً من الوزراء ورئيسهم، ومعارضة تقدم لنا قرابين يومية تفتدي بها الدستور بينما لا تقوم بأي جهد يذكر لتطبيقه أو تفعيل قوانينه.
تعودنا على 'لت الحكي'، فقررنا الممارسة بالكلام بدلاً من التطبيق، ويحرص نوابنا على إرسال أسئلتهم البرلمانية إلى الصحف قبل تسليمها للأمانة العامة، ومنهم من يمارس عمله في وسائل الإعلام بدلاً من 'قاعة عبدالله السالم'، ونراهم يستغربون تقييد حريات التجمع ولا يشرعون شيئاً بالمقابل، يستنكرون تكميم الأفواه باسم القانون ولا يغيرونه.
أما الوزراء فمرتاحون على الآخر، 'داخلين بالربح وطالعين من الخسارة'، ينجزون باسم الحكومة ويتحمل الرئيس إخفاقاتهم، وما بين ذلك تصريف العاجل من الأمور وتسيير الحد الأدنى مما يطلب منهم.
هل تستحق الكويت منا كل هذا؟
'تشخنصت' القضايا، وتاه الناس في التفاصيل، وبحسب الأسماء تتشكل المواقف، لم يعد لصوت العقل مكان مقابل الصخب الذي نراه يومياً، وبت فعلياً أخشى على الديمقراطية وأنا أراقب ما يجري وأتابع ما يتناقله من يتابعنا من الخارج.
هل يدرك نواب البرلمان مسؤولياتهم؟ وهل يعلمون أن 'الديمقراطية' كنموذج للإدارة أصبح مشكوكاً فيه نتيجة ممارستهم، فخطورة ما يحدث أننا أمام حالة جديدة يعاب فيها على المبدأ بسبب الممارسة، فاستعراض العضلات المفرط واستخدام القوة المبالغ فيه لن يفرضا هيبة ولن يحققا مكسباً.
وسط هذا الضجيج نسأل: ماذا قدمت المعارضة الجديدة للكويت، وماذا قدم رموزها وأقطابها انتصاراً للحريات والمبادئ العامة للدستور والمجتمع؟ الجواب: لا شيء، بل بالعكس نراهم يدمرونه من الداخل ويفرغونه من محتواه، يدافعون عن حقهم في التعبير ويحجرون على غيرهم، يزيدون من مكتسباتهم الشعبية على حساب الدولة والمال العام، وإذا أردتم تمريناً على ما يحدث أجيبوا عن السؤال التالي: ماذا جنت الكويت من تحالف النواب الإسلاميين مع القبليين كواجهة عامة للمعارضة بمواجهة النواب الشيعة والحضر بخندق الموالاة؟
مشهدنا السياسي تراجيدي، وقضايا الرأي في ازدياد، ورئيس الوزراء يجر خصومه إلى ساحات المحاكم، والحريات الشخصية مهددة، ومشهد رجال الأمن وسط التجمعات والندوات أصبح مألوفاً، وأستاذ جامعة يُسحل ويُركل بعنف أمام المصورين، وإغلاق قناة 'الجزيرة' بينما وسائل إعلام محلية تقدم محتوى أخطر وأسوأ منها، حكومة تسعى إلى إفشال عقد جلسات البرلمان وتعقد صفقات لتمرير ما تريد، لغة الحوار تحولت إلى لغة شارع، وأخيرا تمعنوا بمن يدافع عن النظام وأركانه.