جريدة الجرائد

ويكيليكس وبدء حقبة تاريخية جديدة

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

عبدالله بن إبراهيم العسكر


تم تأسيس موقع ويكيليكس في يوليو/ تموز 2007، وبدأ منذ ذلك الحين بالعمل على نشر المعلومات، وخوض الصراعات والمعارك القضائية والسياسية من أجل حماية المبادئ التي قام عليها، وأولها "صدقية وشفافية المعلومات والوثائق التاريخية وحق الناس في خلق تاريخ جديد".

لم أتفاجأ عندما اختارت مجلة تايم جوليان أسانج مؤسس موقع ويكيليكس رجل العام 2010 فهذا الشاب دشن حقبة تاريخية لا يمكن تجاهلها. لقد ارتبط اسمه باسم موقعه، وهو موقع تخصص في نشر الوثائق السرية المعروف بويكيليكس Wikileaks وهذه الكلمة تتكون من كلمتين ويكي wiki وتعني الحافلة الصغيرة في اللهجة الإنجليزية الدارجة. والكلمة الثانية ليكس leaks وتعني ترشيحات أو تسريبات. وكأن مدلول الكلمة يعني حافلة التسريبات. أي الحافلة الصغيرة التي تجوب شوارع العالم وتسرب ما بداخلها. وآخرون يعربون الكلمة الإنجليزية بتسريبات ويكي.

يعتبر موقع ويكيليكس -كما ورد في موسوعة ويكيبيديا - موقعا للخدمة العامة مخصصا لحماية الأشخاص الذين يكشفون الفضائح والأسرار التي تنال من المؤسسات أو الحكومات الفاسدة، وتكشف كل الانتهاكات التي تمس حقوق الإنسان. لكن هذا التعريف لا ينطبق تماماً على ما تقوم به ويكيليكس. فالموقع لم ينشر إلاّ 400.000 وثيقة تعود إلى وزارتي الخارجية والدفاع الأمريكيتين. ثم إن معظم الوثائق لا تتحدث عن انتهاكات لحقوق الإنسان، بل هي في معظمها رسائل سرية وغير سرية متبادلة بين وزارة الدفاع الأمريكية ووزارة الخارجية الأمريكية مع مسؤولين من داخل أمريكا وخارجها.

تم تأسيس الموقع في يوليو/ تموز 2007 وبدأ منذ ذلك الحين بالعمل على نشر المعلومات، وخوض الصراعات والمعارك القضائية والسياسية من أجل حماية المبادئ التي قام عليها، وأولها "صدقية وشفافية المعلومات والوثائق التاريخية وحق الناس في خلق تاريخ جديد".

ويعتمد الموقع في أغلبية مصادره على أشخاص يوفرون له المعلومات اللازمة من خلال الوثائق التي يكشفونها، ومن أجل حماية مصادر المعلومات يتبع موقع ويكيليكس إجراءات معينة منها وسائل التشفير المتطورة التي تمنع أي طرف من الحصول على معلومات تكشف المصدر الذي وفر تلك التسريبات.

ويتم تلقي المعلومات إما شخصيا أو عبر البريد، كما يحظى ويكيليكس بشبكة من المحامين وناشطين آخرين للدفاع عن المواد المنشورة ومصادرها التي لا يمكن -متى نشرت على صفحة الموقع- مراقبتها أو منعها. وسبق لويكيليكس أن حصل على حكم قضائي من المحكمة العليا بالولايات المتحدة التي برأته من أي مخالفة، عندما نشر ما بات يعرف باسم أوراق البنتاغون التي كشفت العديد من الأسرار حول حرب فيتنام.

يتم التدقيق في الوثائق والمستندات باستخدام طرق علمية متطورة للتأكد من صحتها وعدم تزويرها، لكن القائمين على الموقع يقرون بأن هذا لا يعني أن التزوير قد لا يجد طريقه إلى بعض الوثائق. وانطلاقا من هذه المقولة، يرى أصحاب ويكيليكس أن أفضل طريقة للتمييز بين المزور والحقيقي لا يتمثل بالخبراء فقط بل بعرض المعلومات على الناس وتحديدا المعنيين مباشرة بالأمر.

وتتم عملية النشر بطريقة بسيطة حيث لا يحتاج الشخص سوى تحميل الوثيقة التي يريد عرضها وتحديد اللغة والبلد ومنشأ الوثيقة قبل أن تذهب هذه المعلومات للتقويم من قبل خبراء متخصصين، وتتوفر فيها شروط النشر المطلوبة. وعند حصولها على الضوء الأخضر، يتم توزيع الوثيقة على مزودات خدمة احتياطية داعمة.

ومن المثير الأخبار التي نُشرت مؤخراً مصحوبة بصور فوتوغرافية لموقع مكتب ويكيليكس من الخارج والداخل ما يتعلق بمكتب ويكيليكس. لقد كان موقع ويكيليكس يستخدم لاستضافته خدمات شركة أمازون الأمريكية. ومع بدء الموقع إثارة مشكلات أمام الحكومة الأمريكية، التي ضغطت على شركة أمازون لقطع الخدمة عن موقع ويكيليكس. لهذا انتقل الموقع إلى مركز جديد.

يقع هذا المكان (اسمه مركز بيونين لخدمات الإنترنت ) داخل تل صخري في منتصف مدينة ستوكهولم، تحت سطح الأرض بعمق 30 مترا وتغطيه الصخور من جميع الجوانب، وهو مزود بأبواب فولاذية سمكها نصف متر ويمكنه احتمال أي هجوم نووي. ويمتد على مساحة 11,950 قدماً مربعاً ويعمل فيه 15 شخصاً فقط. ويحتوي المركز أيضاً على مركز عمليات شبكة بنهوف التي تعد واحدة من أكبر مقدمي خدمة الإنترنت في السويد

كان هذا الموقع في الأصل ملجأ للحماية من القنابل، بُني في العام 1943 ثم طورته الحكومة السويدية في السبعينيات خلال الحرب الباردة ليصبح مركز قيادة طوارئ في حالة تعرضت الدولة لهجوم نووي، وفي السنوات الماضية اشترته شركة بنهوف السويدية لخدمات الإنترنت لتحوله إلى مركز بيانات خارق. وزودته شركة بنهوف بمولد كهربائي صغير يعمل بالغاز، والمولد عبارة عن مكينة متطورة تم الحصول عليها من غواصات ألمانية معروفة بمختصر MTU وهي تحوي مولدي ديزل من نوع مايباخ.

والخبر المثير الآخر هو أن القائمين على الموقع لم يكتفوا بنقله إلى مركز بيانات بيونين الحصين، بل تم توزيعه على عدة خوادم حول العالم لضمان عدم توقف الموقع، وليس هذا فقط بل قاموا أيضاً بتوفير طريقة تتيح للزوار ممن يمتلكون خوادم خاصة أن يصنعوا نسخة من الموقع. لتكون النتيجة مئات النسخ من ويكيليكس في مختلف أنحاء العالم، مما يجعل من المستحيل غلق كل تلك النسخ أو تدمير بياناتها بصورة كلية. ألم أقل إن هذا الشاب بدأ حقبة تاريخية جديدة.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف