الولاية الثانية لأوباما تتوقف على إيران !
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
سركيس نعوم
كان توصٌّل الزعيم العراقي نوري المالكي الى تأليف "حكومة شراكة" بعد انقضاء زهاء تسعة اشهر على الانتخابات التشريعية في بلاده نجاحاً له من دون ادنى شك. لكنه في رأي مصادر ديبلوماسية غربية مطلعة على اوضاع العراق ومتابعة لها نجاح اكبر للجمهورية الاسلامية الايرانية. فهي التي رشحته للاستمرار في هذا الموقع. وهي التي اختلفت مع حليفتها الاستراتيجية في المنطقة سوريا بشار الاسد حوله. اذ ان المسؤولين في دمشق لم يخفوا تأييدهم لمنافسه "البعثي" السابق والعلماني او اللاطائفي اياد علاوي في الانتخابات النيابية، وقدموا اليه كل ما يستطيعون من دعم فعلي. كما انهم لم يخفوا بعد فوزه "النسبي" في الانتخابات تمسكهم به رئيساً للحكومة الجديدة. لكن القيادة الايرانية تجاوزت كل ذلك بإصرارها على استبعاد علاوي، وتمسكها بتولي المالكي رئاسة الحكومة، وحرصها على ألا يلحق موقفها هذا اي اذى بعلاقاتها الاستراتيجية مع سوريا. وكان لها ما ارادت اذ تفاهمت منذ اشهر على هذا الموضوع مع دمشق. طبعاً ما كان للنجاح المذكور ان يتحقق لولا مساهمة الاميركيين فيه. فهؤلاء لا يزالون موجودين عسكرياً في العراق. ولا يزالون قادرين عبر تحالفاتهم العربية وتحديداً الخليجية على تسهيل امور التسوية الحكومية العراقية او غيرها او على تعقيدها. وقد وجدوا ان مصلحتهم تكمن اولاً في استقرار العراق. وذلك امر لا يمكن ان يتحقق اذا لم تكن ايران الاسلامية طرفاً وازناً في المعادلة العراقية، واذا لم تكن في الوقت نفسه شريكاً وإن غير مباشر للولايات المتحدة في هذه البلاد. ذلك ان الاعتماد على دول الجوار الخليجي وفي مقدمها السعودية من اجل توفير الاستقرار الامني والسياسي في العراق لم يبدُ في واشنطن، كما في غيرها من دول العالم قابلاً للنجاح، لاسباب كثيرة قد يكون ابرزها أقلِّية مؤيديها العراقيين في مقابل تمتع ايران بتأييد الغالبية عموماً. كما في مقابل قدرتها على تحريك عناصر الرفض المؤيدة للسعودية كما للعناصر المؤيدة لها (اي ايران) ضد القوات الاميركية او "الدولة العراقية" الخاضعة للسيطرة الاميركية. انطلاقاً من ذلك كله شهدت العاصمة العراقية وربما امكنة اخرى لقاءات مباشرة عراقية - اميركية - ايرانية انتهت بتوافق عام وتام على الحكومة وربما على الكثير من تفاصيلها والمهمات. وهذا الاتفاق يعني ان استقرار العراق او تقدمه على طريق الاستقرار صار رهناً باستمرار التعاون المباشر الاميركي - الايراني. ويعني ايضاً ان الجمهورية الاسلامية الايرانية هي الطرف الاقليمي الوحيد الذي سيكون له نفوذ مهم في العراق الجديد. ويعني ثالثاً، ان الولايات المتحدة ستتمتع بدورها بنفوذ مهم في هذه الدولة. ويعني رابعاً، ان دول الجوار، وفي مقدمها السعودية، غير الحليفة لايران والدول العربية وفي مقدمها سوريا الحليفة لايران لن يكون لها دور سياسي مباشر في العراق. وربما يكون للبعض الحليف لها دور اقتصادي في اعادة البناء يستفيد منه الجميع. الا ان هذا الواقع يثير تساؤلاً مهماً هو الآتي: هل تكون سنة 2011 سنة حوار رسمي وجدي فتفاهم بين ايران الاسلامية واميركا، مثلما كانت سنة 2010 المشارفة الانتهاء سنة تعاون ميداني ليس في العراق فحسب بل ايضاً في افغانستان؟
الجواب عن هذا التساؤل ليس سهلاً بسبب عدم توافر الكثير من المعطيات عن العلاقة "الواقعية الميدانية" المتنامية بين واشنطن وطهران، وعن استمرار الخلاف الحاد بينهما رسمياً حول قضايا معقّدة اهمها على الاطلاق الملف النووي الايراني. لكن مصادر ديبلوماسية غربية واسعة الاطلاع تعتقد ان الإدارة الاميركية برئاسة باراك اوباما لا تزال على موقفها عدم اعتماد الخيار العسكري المباشر في مواجهة ايران، رغم تعنت الاخيرة في الملف النووي، وعدم تشجيع اسرائيل على اعتماده لا بل على نهيها عنه بحزم. وتعتقد ايضاً ان البديل منه، رغم استمراره على الطاولة، هو المزيد من العقوبات المؤذية. وتعتقد ثالثاً ان ايران ستشعر بوطأة هذه العقوبات وستلمس عدم قدرة شعبها المؤيد لنظامها على تحمل ضغطها. ومن شأن ذلك ان يدفعها الى ملاقاة الاميركيين في منتصف الطريق للبحث والحوار. وتعتقد رابعاً ان السنة المقبلة ستكون سنة الحوار التي قد يتخللها استمرار الاختلاف والتناقض وربما استمرار الصدام سواء داخل العراق او في افغانستان او حتى في لبنان وربما في امكنة اخرى من الشرق الاوسط، اي سنة التحضير لتفاهم او لتسوية. الا انه من المحتمل ان تكون السنة التي تليها اي 2012 سنة التسوية او التفاهم بين اميركا وايران الاسلامية بعد نحو ثلاثة عقود وثلاث سنوات من العداء و"التقاتل" المباشر وغير المباشر.
هل لتحديد السنة 2012 موعداً للتسوية الاميركية - الايرانية علاقة بالانتخابات الرئاسية الاميركية التي يفترض ان تجرى في اواخرها؟
تدعو المصادر الديبلوماسية الغربية المطلعة نفسها الذين يطرحون هذا السؤال فقط للايحاء بأن كل شيء انتخابي في اميركا او يخضع للمصالح الشخصية واستطراداً الحزبية الى الاعتراف بأن "الملف" بين واشنطن وطهران مثقل بالأزمات والمشكلات، ومليء بالمرارات والخيبات والدم المراق في اكثر من دولة شرق اوسطية اهمها لبنان ثم افغانستان والعراق، وبأنه لذلك يحتاج الى وقت طويل للانتهاء من درس قضاياه وانهائها. لكنها في الوقت نفسه لا تقلل من اثر التسوية اذا حصلت على الانتخابات الرئاسية المذكورة. والامر سيكون جعل فوز الرئيس اوباما بولاية ثانية اكيداً او شبه اكيد رغم كثرة ما يعترضه من مشكلات.