حق تقرير المصير طلقة أصابت السودان في مقتل
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
عزوز مقدم
بدأت قضية حق تقرير المصير لجنوب السودان (التعبير "حق تقرير المصير" يعني حق شعب ما أن يختار شكل الحكم الذي يرغب العيش في ظلّه والسيادة التي يريد الانتماء إليها) تطرح على مسرح السياسة السودانية منذ العام 1991، حيث عقدت الحركة الشعبية المتمردة آنذاك بقيادة جون قرنق مؤتمرا في سبتمبر/ أيلول في مدينة توريت الجنوبية، أكدت فيه
أن الاستقلال وحق تقرير المصير نتيجتان محتملتان إذا تقرر الوصول إلى سودان علماني ديمقراطي موحد وصدر "إعلان توريت" الذي ورد فيه حق تقرير المصير لأول مرة كخيار ضمن خيارات الحركة المتمردة التي ظلت تعلن أنها تحارب من أجل الوحدة وترفض الانفصال.
وفي يناير/ كانون الثاني 1992 تم توقيع وثيقة في فرانكفورت الألمانية بين حكومة الإنقاذ (برئاسة عمر البشير) التي يمثلها في المفاوضات علي الحاج محمد، ولام أكول (وزير الخارجية السابق) الذي يمثل الحركة المتمردة، وهي الوثيقة التي اعترفت فيها ولأول مرة حكومة سودانية بحق تقرير المصير، ثم أخذ هذا الحق يتطور، إذ اجتمعت مجموعة من المثقفين الجنوبيين منهم بونا ملوال وفرانسيس دينق مجوك وغوردن مورتان وبيتر نيوت كوك في مدينة أدنبرا في ايرلندا لمناقشة الوضع في السودان وصدر "إعلان ادنبرا" الذي حدد ثلاثة خيارات: الفيدرالية (وجود حكومة مركزية وحكومات في الأقاليم أو الولايات)، والكونفيدرالية (عبارة عن اتفاق بين دولتين أو أكثر لتكوين اتحاد فيما بينها مع احتفاظ كل دولة بكيانها وشخصيتها واستقلالها وسيادتها، وتمارس اختصاصها الدولي)، والانفصال، على أن يتم الحسم في هذه الخيارات عن طريق استفتاء الجنوبيين لكي يحددوا الخيار الأفضل بالنسبة لهم.
وتجلى شعار حق تقرير المصير لجنوب السودان بصورة أكثر وضوحا لدى الحركة الشعبية المتمردة في ندوة بواشنطن في أكتوبر/ تشرين الأول 1992 في محاولة لاحتواء الآثار الناجمة عن انشقاق فصيل من المتمردين بزعامة رياك مشار ولام أكول، وقد أكدت الحركة الشعبية في هذه الندوة استمرار معارضتها لحكومة البشير (الإسلامية) في الخرطوم وأية حكومة قادمة لا تحترم حق شعب الجنوب وجبال النوبة (في إقليم جنوب كردفان) والمناطق المهمشة (أبيي والنيل الازرق) في تقرير المصير.
من جانبه طلب الرئيس البشير في أكتوبر العام 1993 من قمة منظمة "إيقاد" الإفريقية أن تتدخل للمساعدة في حل المشكلة السودانية.
شكلت القمة الإفريقية لجنة دائمة للسلام في السودان في سبتمبر/ أيلول 1993 تكونت من رؤساء دول كينيا وأوغندا وإريتريا وإثيوبيا ودعت الحكومة والحركة المتمردة إلى أول لقاء بينهما تحت مظلة "إيقاد" في مارس/ آذار 1994، ثم في مايو/ أيار 1994 في نيروبي وهي الجولة التي شهدت إعلان "إيقاد" عن تصورها في شأن حل النزاع السوداني وعرف هذا التصور فيما بعد باسم "إعلان المبادئ" الذي أكد أن كل الأطراف يجب أن تعطي الأولوية للمحافظة على وحدة السودان، والتأكيد على حق تقرير المصير على أساس الفيدرالية أو الحكم الذاتي لجميع المناطق المختلفة، فإذا تقرر الاتفاق على هذه "المبادئ" يكون للطرف المعني الخيار في تقرير المصير بما في ذلك الاستقلال عن طريق الاستفتاء.
دخلت الأحزاب السياسية الكبرى المعارضة في الشمال على الخط وأعلنت من خلال كيانها الجامع المسمى "التجمع الديمقراطي" في يونيو/ حزيران 1995 ما اشتهر بـ "مقررات القضايا المصيرية - في أسمرة"، إذ تم الاتفاق على "المبادئ" المتعلقة بإنهاء الحرب الأهلية في الجنوب. وقد أقرت "المبادئ" حق تقرير المصير كمدخل أساسي لإنهاء الحرب. ووافقت القوى السياسية الشمالية تحت ضغط الحركة المتمردة في الجنوب (لأنها تملك مقاتلين أشداء فيما أرادت الأحزاب الاستفادة منهم لإسقاط حكومة البشير) على حق تقرير المصير واعتبرته بندا أساسيا في مواثيقها، وذلك على الرغم من أن اتفاقية "الميرغني/ قرنق" في نوفمبر/ تشرين الثاني 1988 تمسكت بوحدة السودان.
ومع اشتداد الحرب في الجنوب وانتقالها إلى الشرق وقعت الحكومة السودانية مع حركة استقلال جنوب السودان (الفصيل المنشق عن حركة قرنق) بقيادة رياك مشار ومجموعة بحر الغزال بقيادة كاربينو كوانين على ميثاق السلام في أبريل/ نيسان 1996 واعتبر بمثابة "إعلان مبادئ" وتضمنت هذه الاتفاقية التي تمت في الخرطوم حق تقرير المصير لمواطني جنوب السودان.
شعرت الدول العربية المجاورة بخطر تطورات الوضع في السودان ومن ثم طرحت مصر وليبيا مبادرة مشتركة العام 1999 لإنهاء الحرب الأهلية في الجنوب ولكن المبادرة لم تحرز تقدما ربما لأنها لم تشر إلى حق تقرير المصير للجنوبيين.
تبدلت السياسة الأميركية مع مجيء بوش الابن للإدارة الأميركية وتعيين السناتور جون دانفورث كمبعوث رئاسي لواشنطن في السودان الأمر الذي تمخضت عنه اتفاقية جبال النوبة في يناير/ كانون الثاني 2002 لتنطلق بعدها عملية التسوية في كينيا التي أحدثت اختراقا هائلا بتوقيع "اتفاق مشاكوس" الإطاري.
نص الاتفاق الإطاري الذي تم توقيعه في مشاكوس الكينية في 20 يوليو/ تموز 2002 على منح حق تقرير المصير لجنوب السودان بعد مرحلة انتقالية قدرها 6 سنوات من خلال استفتاء تحت رقابة دولية. ونص الاتفاق الإطاري أيضا على اتفاق الطرفين (الحكومة والمتمردين) على العمل سويا على إعطاء الأولوية للوحدة وجعلها جاذبة لأهل جنوب السودان.
في 9 يناير 2005 وقعت اتفاقية السلام الشامل في نيروبي وبحضور سوداني وإقليمي ودولي كبير. الاتفاقية أعطت الحركة الشعبية المتمردة إدارة الجنوب بالكامل بعد انسحاب الجيش القومي منه وأيضا منحتها المشاركة في الحكم الاتحادي وفي ولايات السودان الأخرى.
لقد عمت الأفراح جميع أنحاء السودان عندما وقعت اتفاقية السلام، إذ ملّ الشعب الحرب الأهلية الطاحنة التي أحدثت خسائر مادية وبشرية هائلة ولم يتوقع احد أن يأتي يوم الاستفتاء بهذه السرعة، إذ في واقع الأمر كانت الاتفاقية تحمل بين جنباتها أخطر بند في الوجود وهو حق تقرير المصير لشعب الجنوب الذي يعتبر بمثابة طلقة ستصيب السودان في مقتل.
التعليقات
تقسيم شيء عظيم
Rizgar -تحمل بين جنباتها أخطر بند في الوجود وهو حق تقرير المصير لشعب الجنوب الذي يعتبر بمثابة طلقة ستصيب السودان في مقتل. Sir Moqadem, keep your racist dreams, you have definitely right to your primative and racist dreams , but South Sudan today and Kurdistan tomorrow. God bless South Sudan, God bless Kurdistan. دولة مصطنعةفالدول العربية المصطنعة في طريقيها للتفكك عاجلا ام اجلا. انا اقسم ان الحباة تحت حكم اسرائيل افضل من الحياة تحت حكم اي عربي. اذا الشعب يوما اراد الحياة فلا بد ان يستجيب القدر، اليس كذلك؟!I
not charity
Narina -First liberation is not a Charity Gala, second You have not achieved anything during a thousand years of disaster and killing. So my point is that you are really not in a position to give advice .Can you tell me what your nation''s contribution to mankind has been except murder, suicide and killing of innocent people. Please keep your racist inhuman values for yourself ...
Bahrain
Strange -let first Bahrain to be a part of Saudi Arabian, then attack others liberation