جريدة الجرائد

هل بدأ عصر تراجع «الإخوان المسلمين» في مصر؟!

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

تحقيق بعد الانقسام الداخلي والإطاحة بحبيب وعزت.. ومهادنة المرشد الجديد للحكومة

القاهرة - محمد الشاعر

الكثير كانوا يراهنون على أن الانتخابات البرلمانية المقبلة في مصر، التي ستشمل انتخابات مجلسي الشعب والشورى، وتستمر على مدار الشهور المقبلة، ستشهد نجاحا وتفوقا كبيرا لجماعة الإخوان في مصر، امتدادا لتفوقها الذي بدأ مع انتخابات عام 2000 وحصلت خلاله على 17 مقعدا ثم انتخابات عام 2005 وحصلت فيه على 88 مقعدا، محققة اعلى نسبة تحصل عليها المعارضة المصرية منذ ثورة يوليو 1952.
لكن الرياح قد تأتي بما لا تشتهي السفن.. فمنذ إعلان المرشد السابق محمد مهدي عاكف عن نيته ترك منصبه وإجراء انتخابات على من يخلفه والجماعة تعاني حالات شد وجذب وصلت ذروتها مع انتخابات مكتب الإرشاد، التي سرعان ما شكك النائب الأول للمرشد السابق محمد حبيب في إجراءاتها واعتبرها مخالفة للائحة الداخلية لتدخل بعدها الجماعة في أصعب محنة تمر عليها منذ تأسيسها عام 1928، حيث كانت الأزمة هذه المرة من الداخل ولم تكن من قبل النظام مثلما كانت الحال على مدار أكثر من 80 عاما.

ووقف كثير من المراقبين أمام التغيرات التي تحدث داخل "الإخوان" بعد الإطاحة بحبيب، رغم أنه كان الأوفر حظا في خلافة عاكف والإطاحة ايضا بعبدالمنعم أبوالفتوح من عضوية مكتب الإرشاد، ثم جرت الانتخابات وجاء المرشد الجديد محمد بديع ليفاجئ الجميع بعزله للامين العام للجماعة محمود عزت، الذي وصف من قبل وسائل الاعلام بانه "مهندس الانقلاب" الاخير الذي أطاح بحبيب، وبأنه الرجل القوي وصاحب الكلمة المسموعة، ولم يكتف بديع بهذا، بل أعلن في أول ظهور إعلامي له انه لا يمانع من ترشيح جمال مبارك لمنصب الرئاسة اذا توافرت شروط نزيهة لترشيحه تتيح لكل المصريين التقدم لهذا المنصب، ورغم ان كلامه يحمل في ظاهره رفضا لجمال بسبب عدم رغبة الحزب الحاكم في إجراء تعديلات على الشروط القاسية للترشح، فإن المراقبين اعتبروها بمنزلة هدنة بين الجماعة والنظام، لتحقيق صفقة في الانتخابات المقبلة وتمكنها من الحفاظ على وجودها، مقابل تمرير عملية توريث نجل الرئيس مبارك؟
"القبس" طرحت تساؤلات على عدد من قيادات "الإخوان" أنفسهم وعدد من المراقبين والسياسيين حول التحولات في الجماعة ومستقبلها، وعما اذا كانت الفترة المقبلة ستشهد تراجعا لها ام ستستمر في تقدمها، وخرجنا بالمحصلة التالية:

إعادة ترتيب البيت


الباحث في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي قال: التحولات التي حدثت داخل جماعة الإخوان من إبعاد للدكتور حبيب، والدكتور أبوالفتوح، تعكس تحولاً أعمق للجماعة في اتجاه الانطلاق نحو القضايا العامة، والانعزال عن القضايا السياسية، بعدما كانت منغلقة، والتحولات التي جاء فيها الدكتور محمود حسين بديلاً عن الدكتور محمود عزت هي إعادة ترتيب للبيت الداخلي للجماعة، لأن الدكتور عزت لا يزال هو الرجل القوي داخل الجماعة، ولكنها ترتيبات في مواجهة النظام، حيث إن "الإخوان" ليسوا على استعداد للدخول مع النظام في حرب تكسير عظام من أجل الوقوف في وجه مشروع التوريث، وأن مسألة قبولهم المشروط بجمال مبارك ليس إلا إمساك للعصا من المنتصف، فهذه الموافقة لا تعني القبول، ولا تعني الرفض أيضاً، خاصة أن الإخوان لن يكون لهم تمثيل يذكر في الانتخابات البرلمانية القادمة، ولن يصبح لهم أي دور سياسي في المرحلة المقبلة.

معادية للديموقراطية


عضو لجنة السياسات في الحزب الوطني الحاكم مجدي الدقاق نفي وجود أي صفقة بين النظام والجماعة وقال: "هم بالنسبة الينا جماعة محظورة قانوناً، ومعادية للديموقراطية، وأي إيحاءات حول هذا الموضوع غير صحيحة، وهدفها الوقيعة، وإفساد الحياة السياسية في مصر، وموقف الدولة واضح، أنه لا تعامل مع جماعة محظورة وما يقوله مرشدهم، هو محاولة لهذا الإيحاء وهو مرفوض".
وأضاف: ليس من حق الإخوان الحديث عن مرشح الحزب، أو الرئيس القادم، فمن له الحق في ذلك هو صندوق الانتخاب، وهناك قانون ينظم الانتخاب، والرئيس لا يأتي بموافقة أميركا أو الإخوان، بل سيأتي بإرادة الناخب المصري.
وقال الدقاق: جماعة الإخوان هي جماعة سرية فاشية معادية للديموقراطية، وما يحدث من انقلاب فيها على رموزهم مثل الدكتور حبيب، والدكتور أبوالفتوح، وأخيراً الدكتور محمود عزت، هو نتيجة للصراع على السلطة والنفوذ داخل الجماعة، وهم جميعاً فى سلة واحدة، فالكل يعادي الديموقراطية ويتفق على السمع والطاعة، ولكنها كشفت عن أنها جماعة سياسية فقط وليست إسلامية، وعلى جميع المفكرين المصريين ألا يراهنوا على تغير داخل جماعة الإخوان، ولكن يجب أن يراهنوا على مزيد من تصعيدهم ومعاداتهم للمجتمع، والدولة المدنية، فهم جماعة فاشية هدفهم نموذج خمينى آخر.

اتفاق غير متصور


أما النائب الأول لمرشد الجماعة السابق الدكتور محمد حبيب والمعروف بمعارضته الشديدة للتوريث فقال لـ"القبس": من غير المتصور أن تبرم جماعة الإخوان اتفاقا مع النظام حول تمرير عملية التوريث لمصلحة نجل مبارك.
وأضاف: لا أتصور، ولا أظن أن يكون هناك اتفاق بهذا المعنى، وأنا شخصياً أؤكد أنه مرفوض بكل المقاييس، للأسباب التالية: أولاً، أن جمال أحدث انقلابا على الدستور وقام بتعديل 34 مادة منه، أدت الى تحويل الأجهزة الأمنية إلى قبضة حديدية تمسك بتلابيب الوطن والمواطنين، والاعتداء على الحريات العامة والخاصة، وكيف أن هذا الانقلاب جاء ليضيق، أو ليفرض مزيداً من التضييق على جماعة الإخوان المسلمين من خلال المحاكم العسكرية والاعتقالات والملاحقات والمطاردة، ومداهمة البيوت، ليس هذا فقط. لكنه تجاوز هذا كله إلى حرب في الأرزاق، وكيف أن هذا الانقلاب احدث إبعاداً للقضاة عن الإشراف الحقيقي على الانتخابات البرلمانية، وتجسد هذا في انتخابات التجديد النصفي لمجلس الشورى 2007، وانتخابات المحليات، الذي سيكون ظاهراً وبارزاً في انتخابات البرلمان، والشورى القادمة، التي ستجرى بنسبة تزوير تصل إلى نسبة 100 %، وكيف أن الانقلاب على الدستور في المادة 179 وضعت الوطن كله في دائرة الاشتباه، وكيف أن جمال مبارك يتبنى أجندة أميركية 100 % لا تراعى البعد الاجتماعي للمصريين. وأن التشريعات، والقوانين تصب في يد وخدمة رجال المال والأعمال الذين يحيطون به، وذلك على حساب المصلحة العامة للشعب.

زيادة الهوة


وأضاف حبيب: ولذلك أتوقع خلال الفترة المقبلة "ازدياد الهوة" الفاصلة بين الطبقة العليا، التي يمثلها فئة محدودة من المصريين أصحاب الثروة من الذين تحالفوا مع السلطة، وبين الطبقة الدنيا التي تمثل غالبية المصريين، الأمر الذي سيترتب عليه مزيد من التوتر والاحتقان والغليان. وبالتالي، عن ماذا نتكلم؟1 هل نتكلم عن المادة 76 التي فصلت تفصيلاً لنجل الرئيس، التي أغلقت الباب تماماً أمام آلاف المصريين من أصحاب الكفاءات، والقدرات العظيمة والخلاقة، التي يمكن لها أن تنهض بالبلاد والعباد، وبعد ذلك نتكلم أنه لا معارضة للابن في الترشح لرئاسة الجمهورية؟ لا يا سيدي.
أما بخصوص قضية تولي المرأة، والأقباط منصب رئيس الجمهورية، التي رفضها المرشد الجديد، فقال حبيب: ما اتفقنا عليه أنه إذا شكل الإخوان حزباً سياسياً، أو لم يشكلوا حزباً فلن يرشحوا من بينهم امرأة أو قبطيا، سواء كان من بينهم أو إذا كان هناك حزب يضم "الإخوان"، أو غير الإخوان فلن نرشح امرأة، أو قبطيا، ولكن النقطة المهمة، أننا كإخوان أعلنا قبولنا بالديموقراطية الحقيقية المرتكزة على التعددية السياسية، والتداول السلمي للسلطة، واعتبار الأمة مصدر السلطات، فإذا قلنا إننا مع التعددية فمعنى هذا أن هناك أحزابا وشرائح في المجتمع سترشح امرأة أو قبطياً، خاصة أن الدستور المصري لا يمنع ذلك، كما أن الخيار للشعب، باعتباره مصدراً للسلطات، فإذا اختار الشعب امرأة أو قبطياً فهل نستطيع أن نجبره على ألا يختار؟ أو التراجع عن اختياره؟ قطعاً لا نملك، ومع هذا سنقول رأينا بصراحة، وهذا هو فقه الإخوان.

موقف واضح


أما عضو مكتب الإرشاد بجماعة الإخوان المسلمين الدكتور مصطفى طاهر الغنيمي فنفي ان تكون الجماعة موافقة على التوريث وقال: "رأي الجماعة واضح بالنسبة الى قضية التوريث، لأن مبدأ التوريث مرفوض، وكان كلام المرشد الدكتور محمد بديع واضحا في ذلك، حيث أكد انه إذا جاء جمال مبارك على رأس السلطة في انتخابات حرة نزيهة، تتساوى فيها كل حقوق المرشحين، فالإخوان لا يمانعون في ذلك، وإذا لم يتحقق ذلك فالكلام في هذا الأمر مرفوض شكلاً وموضوعاً.
وواصل قائلاً: أما بالنسبة الى المرأة، والأقباط فكل أدبياتنا، وعلى مدار تاريخ الجماعة موقفنا من المرأة لم يتغير، فهي على قدم المساواة مع الرجل، ولها كل الحقوق والواجبات التي للرجل، ولها أن تتبوأ جميع المناصب باستثناء الولاية العامة (رئاسة الدولة)، كذلك الشأن بالنسبة الى المسيحي فهو شريك لنا في الوطن، ونحن نرى أن له حقوقاً منتقصة يجب النظر فيها، أما الولاية العامة فنحن لنا رأى فيها ولا يقلل ذلك من شأنه، فذلك من صميم العقيدة الإسلامية.
وأضاف الغنيمي بالنسبة الى تولي الدكتور محمود حسين الأمانة العامة، فهذا ليس انقلابا في الجماعة، كما يحلو لبعض الصحافيين وصفه، ولكنه مبدأ الإيثار الذي تنتهجه الجماعة، فالمواقع عندنا في الجماعة غير مرغوب فيها.
وبالنسبة الى ما يثار من وجود صفقة مع النظام لتمرير التوريث، قال الغنيمي: لا توجد صفقة، لأن الصفقة تعني تبادل شيء مكان شيء آخر، وهذا الأمر غير موجود في الجماعة بأي حال من الأحوال، وعلى مدار تاريخها، أما مد جسور التعاون مع الأنظمة في دائرة المصلحة العامة للأمة دون أن تتنازل عن أي شيء من ثوابتنا التي لا يمكن أن نتنازل عنها فهو مسموح به.
وواصل قائلاً: أين الصفقة التي يتحدث الإعلام عنها و"الإخوان" في السجون؟! فهذا النائب الثاني للمرشد خيرت الشاطر، ورفاقه داخل السجون، وقد أغلقت شركاتهم، على الرغم من وجود أحكام قضائية في مصلحتهم، ولكنها لم تنفذ. فهل هناك صفقة وكل هؤلاء في السجن؟!.. لا أعتقد!

اتفاق غير معلن مع النظام على التوريث

اكد رئيس الحزب الدستوري الحر ممدوح قناوي على وجود اتفاق غير معلن بين الإخوان والنظام، حول عملية التوريث قائلاً: كل الأمور التي حدثت داخل الجماعة، ومن خلال الضربات الأمنية جعلتهم يقبلون بعملية التوريث، عندما أعلن مرشدهم الجديد محمد بديع، قبوله لجمال مبارك إذا جاء على رأس السلطة في انتخابات نزيهة، وهذه الضربات الأمنية، وعدم تمتعهم بشرعية قانونية أو دستورية، يجعلهم عراة أمام الأمن، ويخضعون له عندما يداهمهم بالتضييق والاعتقال، وهذا ما جعلهم جاهزين لمثل هذا التنازل.
وواصل قناوي قائلاً: المتضرر الوحيد من هذا الوضع هو فرص الديموقراطية في مصر، فالإخوان هم القوة المعارضة الوحيدة المنظمة في مصر، وهي الوجه الآخر للسلطة الحاكمة، والنظام يستفيد منهم، وهناك مبايعة غير معلنة بينهم.


وأضاف قناوي: على الشعب المصري أن يرفض تولي نجل الرئيس سدة الحكم في مصر بعد كفاح 60 عاماً من الجمهورية.

تقليص دور الأمانة العامة

رداً على سؤال عن كيفية خروج الدكتور محمود عزت من منصبه كأمين عام للجماعة، قال الدكتور محمد حبيب: هناك توجه داخل الجماعة لتقليص دور الأمانة العامة، وجعل مساحتها محدودة، لأنها تدخلت في تفاصيل، وعوقت أعمالا، وقتلت روح الابتكار والإبداع على مستوى الأقسام والمكاتب الإدارية، وبالتالي فلابد من إعادة النظر في هذا بحيث تكون الأمانة مقصورة على مساحة محددة لا تؤثر على مفاصل الجماعة.
وأضاف: ثانياً الأمانة في شقها السابق كان بينها وبين بعض الأقسام تداخل، واشتباك مثل الاشتباك الحاصل بين الأمانة العامة وقسم التنمية الإدارية، وبين الأمانة ولجنة الخطة، وبينها وبين المشرفين على القطاعات، وهكذا، وكان هذا الأمر يعوق أداء الجماعة، ولذلك كان تقليص دورها عملاً مطلوباً، وإذا كانت مساحة الأمانة سوف تتقلص إلى هذا الحد فمن سيسعى إليها؟ أو القيام بدور الأمين العام ؟

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف