جريدة الجرائد

حصانة لص الشرق الأوسط

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

مصطفى زين


لا نأتي بجديد إذا قلنا إن العالم العربي كله ساحة حرب تشنها إسرائيل على الفلسطينيين.لا فرق لديها بين دولة في المغرب أو في المشرق. صديقة أو عدوة. علاقاتها معها علنية أو سرية. وقفت إلى جانبها في حربيها على لبنان وغزة أو دانت اللبنانيين والفلسطينيين وحملتهم المسؤولية.

عام 1997 تعرض رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" خالد مشعل لمحاولة اغتيال في الأردن. لم تأخذ إسرائيل في الاعتبار أن هناك معاهدة سلام تقوم بينها وبين الأردن. وأن الملك حسين شخصياً كان يسعى إلى هدنة بين اسرائيل وحركة "حماس"، على ما كشف في ما بعد، وربما كانت العملية لتعطيل مساعيه، إذ أن بنيامين نتانياهو شخصياً، أعطى أوامره بتنفيذ العملية مهما كلف الأمر، شرط أن تنجح نجاحاً كاملاً. لكن المنفذين سجلوا غباء وفشلاً ذريعاً، ما دعا الولايات المتحدة إلى التدخل لإقناع إسرائيل باستجابة طلب الملك حسين وإرسال الترياق المضاد للسم الذي حقن به مشعل. أنقذ الرجل. وسوي الخلاف. وبقيت المسألة ضمن هذه الحدود "كي لا تؤثر في عملية السلام".

بين محاولة اغتيال مشعل قبل 13 عاماً، واغتيال القيادي الآخر في "حماس" محمود المبحوح في دبي، جرت عمليات إسرائيلية كثيرة ضد فلسطينيين في العالم العربي وخارجه. بعضها نجح ومعظمها فشل، من دون أن تؤثر في علاقات تل أبيب بالدول التي وقعت تلك العمليات على أراضيها، ما شجعها على التمادي فيها واعتبارها مشروعة، فما من أحد ذهب أبعد من الاستنكار الإعلامي. وربما كان في السلوك البريطاني والايرلندي والفرنسي بعد انكشاف عملية المبحوح خير مثال على ذلك. لم يتعد رد فعل الدول الثلاث "استضافة" سفراء نتانياهو، وليس استدعاءهم، للتعاون في توضيح ما حصل وكيف استخدمت جوازات سفر هذه الدول في محاولة الإغتيال. وهل هي أصلية أم مزورة. أما في إسرائيل نفسها فعم الغضب الجميع، ليس لأن العملية تضر بالعلاقات مع دبي والدول الأخرى، بل لأن الموساد فشل وبدا عمله عمل هواة.

ردود الفعل الضعيفة، وبعضها مشجع، تغري إسرائيل بالتمادي في هذه العمليات، وربما اعتمدتها بديلاً لحروبها الكبيرة، خصوصاً بعد فشلها في حربي لبنان وغزة. حربان فرضتا عليها صرف الكثير من الأموال والجهد لاستعادة قوتها الردعية، بعدما سقطت أسطورتها. وبعدما اهتزت صورة الجيش، وهو مصنع الجنرالات والزعماء السياسيين، ومنشئ المجتمع الحربي والمدني.

نجحت دبي في إشهار فضيحة إسرائيل واستخباراتها. والعمل جار في أوروبا وأميركا لاحتوائها. لكن تل أبيب تعكف على دراسة الموقف لاستدراك التقصير في المرات المقبلة. فالعمليات اللصوصية لن تتوقف لأن لص الشرق الأوسط يتمتع بالحصانة. حصانته ناجمة عن ضعف الآخرين.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف