مانديلا البحرين
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
حسن مدن
في البحرين يعرفونه بهذا الاسم، ليس فقط بسبب لون بشرته السمراء، ولا بتقاطيع وجهه الذكية التي تجعل منه شديد الشبه بالزعيم الإفريقي العظيم نيلسون مانديلا، وإنما أيضاً لسبب أعظم أهمية بكثير، هو تشابه السيرة النضالية للرجلين .
فمجيد مرهون مثله، مثل نيلسون مانديلا حُكم بالسجن المؤبد من قبل سلطات الاستعمار البريطاني التي كانت البحرين خاضعة لها، حيث أفنى في السجون اثنين وعشرين عاماً من عمره، وبقي سنوات منها ورجلاه مكبلتان بالأصفاد .
كان مجيد مرهون الذي انخرط منذ شبابه المبكر في صفوف جبهة التحرير الوطني مناضلاً ضد الاستعمار البريطاني وأعوانه، قد نفذ عملية بطولية بتصفية أحد رؤوس آلة القمع الاستعمارية في البحرين عام ،1966 اقتيد بعدها إلى محاكمة صورية لم تستغرق أكثر من نصف ساعة تُلي عليه فيها الحكم بالسجن المؤبد .
الفتى المنذور للنضال، منذور للإبداع أيضاً، هو الذي ولد بموهبة موسيقية فطرية، سعى جاهداً لتنميتها عبر تعليم نفسه بنفسه، سواء قبل اعتقاله، أو خصوصاً خلال سنوات سجنه الطويلة حتى تمكن من التأليف السيمفوني .
ألّف مقطوعة ldquo;الحنينrdquo;، وبعد قراءته المتأنية لرواية أحدب نوتردام جاءت مقطوعة ldquo;أزميرالداrdquo; معبرة عن تأثره العميق بأعمال فيكتور هوجو، خصوصاً أن توجهاته الموسيقية الرومانتيكية كانت تسير في اتجاه توجهات الرواية .
كما تأثر بموسيقا كل من هايدن وموتسارت وبيتهوفن على وجه الخصوص، والذي وجد فيه ضالّته كمؤلف موسيقي، فهو كما يقول مجيد كان مثله موسيقياً أصمّ علّم نفسه بنفسه، وصادفت هوى في نفس مجيد التوجهات الثورية لبيتهوفن الذي كان يرفض سلطة الأباطرة، ويمقت التزلف .
الأكاديمية الملكية في السويد منحته شهادة الاحتراف في التأليف السيمفوني، وفي الثمانينات وفي نطاق واحدة من أكبر الحملات للمطالبة بإطلاق سراحه، ستعزف فرقة الإذاعة السيمفونية في ألمانيا مقطوعتين موسيقيتين له، هما: ldquo;ذكرياتrdquo; وrdquo;نوستالجياrdquo;، وستطوف المقطوعتان العالم، وتلفتان الأنظار إلى موهبته ومعاناته .
كما وضع عملاً موسيقياً آخر مستوحى من فقد أمه وهو في السجن بعنوان: ldquo;حرقة القلبrdquo; بعد وفاتها بخمسة أو أربعة أيام، حيث كتبه كاملاً في جلسة واحدة، وهو اللحن الذي عزفته لاحقاً الدكتورة ويري دين بروفيسورة النشاطات الموسيقية في جامعة أوتاه الأمريكية .
عازف الساكسفون الحزين ودع الدنيا وسط حزنٍ عميق خيّم على كل محبيه، ويظل صدى موسيقاه محلقاً في الأعالي .