جريدة الجرائد

واشنطن: متمسكون بدعم الديموقراطية وليست جميع الحركات الاسلامية حزب الله وحماس

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

واشنطن - جويس كرم

تسير الادارة الأميركية على خيط رفيع في التوفيق بين مصالحها وأولوياتها الخارجية في المنطقة، مثل الدفع بعملية السلام والتعاون مع الحكومات والأنظمة لاستقرار المنطقة وكبح التهديدات الأمنية من جهة، والاستمرار بالتزامها في حماية مبادئ الديموقراطية والمجتمع المدني، من جهة أخرى. واذ تتعرض ادارة الرئيس أوباما لجملة انتقادات لغيابها أو تأخرها عن دعم الحركات والشارع الديموقراطي في أكثر من محطة شرق أوسطية، بينها ايران وخفضها المساعدات للمجتمع المدني في مصر مثلا، تؤكد مسؤولة الملف في الخارجية الأميركية تمارا ويتس، أن واشنطن "لم تتراجع عن هذا الدعم"، وملتزمة بأجندة "أكثر تماسكاً" من ادارة سلفها جورج بوش.

وقد يكون صعود أوباما وتواصله مع العالم الاسلامي عبر خطاب القاهرة ومبادرات أخرى مثل العمل على اغلاق معتقل غوانتانامو ومنع التعذيب، مهّد الى اعادة مد الجسور مع شعوب المنطقة، لكن الانتقادات الموجهة للادارة من وجوه بارزة في أوساط دعم الديموقراطية والحريات في المنطقة جاءت لتعكس الفجوة العميقة للادارة في التعامل مع هذه المسألة. وتشير الخبيرة في شؤون الاصلاح والديموقراطية من معهد كارنيغي للسلام ميشال دان لـ"الحياة" إلى أن "الادارة ليس لديها بعد استراتيجية واضحة لدعم الديموقراطية والمجتمع المدني في الشرق الأوسط"، وأن "ليس ثمة انخراط ديبلوماسي فاعل حول هذه المسألة"، وكونها "ليست في جدول أولوياتها". وتعتبر هذا كردة فعل عن حقبة بوش والأضرار التي لحقت هذا الملف بعد حرب العراق، وخطاب تغيير الأنظمة الذي تبنته الادارة السابقة، وفي نفس ذاته تعزوه إلى انشغال الادارة بملفات ساخنة، مثل الأزمة الاقتصادية والعراق وأفغانستان وعملية السلام، وسعي أوباما لاصلاح الضرر مع الحكومات والأنظمة الناجم عن عهد بوش.

وبدورها، تحاول الادارة دحض هذه التهم والتأكيد على التزامها بأسس برامج دعم الديموقراطية في المنطقة. وتضع ويتس، التي عملت قبل توليها المنصب لسنوات في معهد بروكينغز وعلى ملف الاصلاح في الشرق الأوسط، ثلاثة مبادئ كركيزة للنهج الجديد: الأول، بناء علاقات على "المصالح المشتركة والاحترام المتبادل". والثاني، احترام القيم العالمية. والثالث تعزيز روح الشراكة والمسؤولية المتبادلة. وتنفي ويتس، في لقاء مع عدد من الصحافيين، أن الادارة تنازلت لمصلحة الأنظمة عن أجندة الديموقراطية. وتشير الى أن هناك حوار مع تلك الأنطمة، وهم "شركاء مهمون لنا". وتنوه، في الوقت ذاته، بأن بعض هذه الحكومات قدمت التزامات للدفع نحو مسار الاصلاح الديموقراطي، وأن أركان الادارة يتطرقون إلى هذه المسألة في اجتماعاتهم الدورية مع تلك الحكومات.

ويبرز النموذج المصري في الجدال بين الادارة ومعارضيها، اذ، وفيما تؤكد ويتس أن الادارة الأميركية والرئيس أوباما بحث مع نظيره المصري حسني مبارك "في وعوده التي قطعها في الحملة الانتخابية الأخيرة" (2004-2005)، وحيث تعهد للمصريين بـ"ازالة قانون الطوارئ وقيود السجن عن الصحافيين وفتح الباب أمام منافسة سياسية مفتوحة"، تشير الى أن الادارة تتحاشى أحيانا استحضار هذه المسائل في اللقاءات، متفادية "اثارة حفيظة الحكومات" التي هي بأمس الحاجة الى تعاونها في ملفات خارجية مثل عملية السلام والأزمة مع ايران. غير أن ويتس تؤكد أن واشنطن "تود رؤية عملية انتخابية منفتحة ونزيهة أكثر في مصر هذا العام... ونعمل على الخط الديبلوماسي من خلال برامج المساعدات على الأرض"، لضمان هذا التوجه.

وبالنظر الى الأرقام والمساعدات المقدمة لبرامج الديموقراطية والمجتمع المدني، تلفت ويتس أن ادارة أوباما عملت على زيادة ما نسبته 30 في المئة لبرنامج "الشراكة مع الشرق الأوسط"، الذي تبلغ موازنته حالياً 65 مليون دولار. الا أن هذه الزيادة، قابلها بحسب الخبيرة دان، شطب ما نسبته 40 في المئة من الدعم لنشر الديموقراطية والمجتمع المدني من الموازنة الاقتصادية. ففي حالة مصر، "كل الدعم الاقتصادي انخفض بنسبة 50 في المئة (200 مليون دولار) وهذه كانت فكرة ادارة الرئيس السابق بوش". وفيما يشدد المسؤولون في الادارة على أن الخفض في برامج الديموقراطية "حافظ على النسبة نفسها من المجموع الكامل"، تشير دان إلى أن "ادارة بوش أرادت أن خفض المساعدات الاقتصادية من دون خفض مستوى المساعدات للديموقراطية والمجتمع المدني"، وهو ما جرى الابتعاد عنه مع ادارة أوباما "حيث، اضافة الى قطع كل المساعدات بالنصف، انخفضت النسبة المخصصة للديموقراطية والمجتمع المدني من ربع الى عشر المساعدات."

الاختلاف في النهج عن الادارة السابقة ينعكس أيضا في أسلوب الادارة الجديدة، اذ، فيما شاعت خلال ادارات بوش اللقاءات مع مجموعات معارضة للأنظمة في واشنطن، تؤكد ويتس أنها لم تتلق أي طلبات للاجتماع بهكذا مجموعات. كما تبدي مفهوما أكثر تعمقا بالنظر الى الحركات الاسلامية وتشدد على "أهمية المقارنة بين منظمة مثل "حماس" أو "حزب الله" وحركات اسلامية أخرى في المنطقة"، مضيفة أن "حماس وحزب الله هما من المجموعات المسلحة الملتزمة باستخدام العنف لبلوغ أهدافها السياسية... وهذا فارق مهم بالنسبة الينا". وتوضح ويتس "مشكلتنا ليست مع الميول الاسلامية بل في تصرف بعض هذه الحركات، ونريد أن نرى تغييرات في تصرف حماس للمشاركة بمسؤولية في العملية السياسية."

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف