من القتل إلى الهدم.. يا قلب لا تحزن
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
حمود أبو طالب
كان بهو فندق ماريوت الرياض يعج بالمفكرين والمثقفين والسياسيين والأدباء والإعلاميين الذين أتوا من مختلف دول العالم ضيوفا على مهرجان الجنادرية للتراث والثقافة. كان اليوم حافلا بالنقاشات خلال وبعد ندوة "رؤية الملك عبدالله بن عبدالعزيز للحوار والسلام وقبول الآخر".
وفي المساء كان الضيوف يتحاورون مع مثقفينا مبدين إعجابهم بالخطوات التي يسيرها وطننا في سبيل تعزيز القيم الإنسانية المشتركة كأساس لتعايش الشعوب وحوار الثقافات، ومتمنين معنا أن يضمحل فكر التشدد والغلو، وأن تخبو نيران الآراء المتطرفة التي تؤسس لممارسات العنف والتخريب.
كان الكل معجبا بالفعل بما وصلت إليه المملكة وما حققته على هذا الصعيد، وكنا سعداء معهم أن يكون لديهم هذا الانطباع، وفي الوقت نفسه ندعو الله ألا يعيد أحد منهم فتح ملف بعض الآراء والفتاوى الشاذة التي خرجت على الملأ مؤخرا لأن ما بنا من الألم بسببها لم يعد يجعلنا قادرين على اجترار الحديث عنها.
ولكن.. يا فرحة ما تمت..
فجأة بدأ أحد الزملاء يدور على الموائد سائلا: هل سمعتم عن آخر إصدار من الآراء المخيفة؟
خير "اللهم اجعله خير" هكذا ردد الجميع..
ولكنه لا خير ولا يحزنون، بل شر مستطير، عندما عرفنا أن أحدهم يدعو إلى هدم المسجد الحرام كاملا وإعادة بنائه من جديد ليمنع الاختلاط بين الرجال والنساء.. هكذا وبكل بساطة جاء الخبر الذي وجدناه بعد قليل وقد طارت به وكالات الأنباء في الفضاء الكوني.. وهكذا بكل بساطة أعادنا هذا الشخص إلى المربع الأول الذي نحاول إخلاءه من القابعين فيه من أهل الشذوذ الفكري الذين لم تعد تهمهم مشاعر الناس حيال حرماتهم ودمائهم ومقدساتهم.
لا زال صدى الفتوى السابقة يتردد في الأسماع حين تم تدوير وتخريج "الاختلاط" لتخرج منه معادلة القتل، وباسم الاختلاط ها هو شخص آخر، وببساطة شديدة يدعو إلى هدم المسجد الحرام وإعادة بنائه، فإلى أين سنصل بعد هذا الحد؟
بكل وضوح، لا بد من القول إن الأمر تجاوز كل الحدود، ولم يعد ممكنا أخذه على محمل الرأي الذي يقبل أو يرفض حين تصدر دعوة إلى هدم المسجد الحرام من البلد الذي يتشرف بخدمة الحرمين الشريفين، ولم يعد مستوعبا أن يستمر هذا المسلسل العبثي الذي لم يراع حرمة المسلم ولا أمنه ولا مقدساته، فماذا نحن فاعلون؟