جريدة الجرائد

إيران تشجع المصالحة الفلسطينية لإشعال انتفاضة ثالثة

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

هدى الحسيني

أفضل ما تقوم به الأكثرية اللبنانية، أن تظل ترفض الطروحات الآتية من الخارج، عبر أصوات داخلية، على شكل تهديدات واتهامات وتخوين، من أجل فرض مقاومة حزب الله كبديل لإرادة الشعب اللبناني أولا، وبديل عن الدولة - رغم تعبها وهرمها - وعن الجيش وقوى الأمن. فطالما ظل رفض هذه الأكثرية عاليا يصل حتى إيران، تدرك هذه أن تقديم لبنان، مرة ثانية، ضحية هو أصعب مما تظن. ويبدو أن طهران بدأت تفكر في البديل، وصوبت على الفلسطينيين، فهي بدأت تدفعهم إلى المصالحة، ليس باتجاه إيجاد حل سلمي للقضية، بل لانتفاضة ثالثة. وتهدف إيران في هذه المرحلة إلى استغلال التوتر في العلاقة ما بين الولايات المتحدة وإسرائيل، لتوحد القيادة الفلسطينية، وتشجع على عملية إسرائيلية عسكرية في الأراضي المحتلة بقصد نسف كل المحاولات الدبلوماسية الأميركية والإسرائيلية لتشكيل تحالف دولي ضدها هدفه فرض عقوبات مشددة عليها، قد يليها إما سقوط النظام، أو ربما ضربة عسكرية.

المشكلة التي تواجهها إيران مع الفلسطينيين، أن حماس تفضل أن تنطلق الانتفاضة من الضفة الغربية، في حين يفضل بعض قياديي فتح أن تبدأ حماس بإطلاق الصواريخ من غزة باتجاه جنوب إسرائيل، فتتحمل غزة المدمرة أصلا، وتنجو فتح من الدمار.

أكثر المتحمسين لمصالحة فلسطينية من هذا النوع، هو تنظيم الجهاد الإسلامي الفلسطيني الذي أطلق فعلا الأسبوع الماضي صاروخا لجس النبض. حتى الآن لا تسيطر إيران سيطرة كاملة على أصحاب القرار الفلسطيني، لكن نفوذها على حماس تضاعف في السنوات الأخيرة، إلى درجة أن هذه بدأت تفقد استقلاليتها في اتخاذ القرار.

عندما توجه خالد مشعل في بداية العام إلى السعودية والكويت قال للمسؤولين هناك، إنه يرفض تهمة العمالة لإيران، فهو ليس كذلك ولا يمكن أن يكون. ويذكر أنه في المؤتمر الصحافي الذي عقده مع وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل، أكد على إسلاميته وعروبته.

لكن، في لقاء مغلق في إحدى الدول الخليجية جوبه مشعل بأن كلامه غير مقنع، وقيل له: نحن نتفهم أن تتعاون حتى مع الشيطان من أجل تحرير أرضك، لكن لا يمكننا أن نقبل أن تتعاون مع إيران في التآمر على دول الخليج!

واضطر مشعل إلى القول علنا إن حماس لا تقدم المساعدة للحوثيين في اليمن كجزء من تعاونها مع إيران. وكانت السعودية وجهت دعوة لمشعل لزيارتها بعد تقارير نشرت في الصحافة العربية في التاسع من شهر ديسمبر (كانون الأول) عن المساعدة التي تقدمها حماس لإيران في اليمن. ولتنقية الأجواء، تعهد مسؤول أمني سوري كبير بأن مشعل سيوضح كل سوء تفاهم أثناء زيارته.

لكن، بعد تصريحاته في الخليج وعودته إلى دمشق، أسرع حسن مهداوي المسؤول عن "فيلق القدس" الإيراني في لبنان، إلى الاتصال به طالبا توضيح ما قصد في تصريحاته.

خلال اللقاء الذي عقد في دمشق، أبلغ مشعل مهداوي أن السعوديين استعملوا أقسى العبارات في موقفهم من حماس ومعارضتهم لدورها الذي يخدم "المصالح الشيعية على حساب المصالح السنية"، وأن مسؤولين خليجيين أبلغوه صدمتهم، كيف أن حماس تنضم إلى معسكر الأعداء.

وقال مشعل، إن السعوديين لم يصدقوا أن حماس من المفروض أن تجد حلا لمشكلاتها في غزة، وتتردد في تحقيق المصالحة مع السلطة الفلسطينية، تستثمر كل جهودها لاعتقادها بأنها ستصبح لاعبا إقليميا، في حين أنها تحولت إلى ورقة تتقاذفها أطراف كثيرة.

خلال اجتماع مهداوي - مشعل، بدا الأخير كأنه في كرسي الاعتراف، قال إن السعودية لم توجه تهديدات صريحة ضد حماس، وإنه على الرغم من الاتفاق بينه وبين السعودية بأن أي خلاف في الرأي يجب ألا يخرج إلى العلن، فقد رفض السعوديون تصديق نفيه وطلبوا منه أن "تترك حماس اليمن". ثم أبلغ مهداوي، أنه سيحيل الوعد الذي أعطاه لإيران بتقديم المساعدة في اليمن إلى مجلس شورى حماس لمناقشته، وأضاف: "إن السعودية التي زرتها لم تكن كما في السابق، بل كانت ردود فعلها متشددة ضد كل ما يمكن أن يهدد مصالحها، خصوصا إذا كانت إيران طرفا في هذا التهديد". وقال: "إن السعودية لن توافق على أي نشاط لإيران أو حماس في ملعبها الخلفي، وكنا على خطأ عندما اعتقدنا أننا كما نجحنا في تجاوز مصالح مصر عبر تهريب أسلحة عن طريق السودان، يمكننا فعل الشيء ذاته مع السعودية".

زيارة مشعل إلى السعودية أثارت غضب الإيرانيين الذين أبلغوه أنه كان عليه التشاور معهم قبل قبول الدعوة. وأبلغوه أنه من الآن وصاعدا، على أي مسؤول في حماس، إذا تلقى دعوة كهذه أن يبحث أولا مع طهران مسألة تلبيتها، وأبلغ مهداوي مشعل: "لا تهتم للتهديد السعودي، وتستطيع ببساطة أن ترفض أي دعوة من الرياض". ولفته إلى مصر، التي تحد غزة، وكيف أن حماس تقاوم دعوتها لتوقيع اتفاقية مصالحة مع السلطة الفلسطينية، وكيف أن مصر تماطل وتبحث عن مخرج، بعدما اكتشفت نشاطا لحزب الله فوق أراضيها.

بعد هذا اللقاء، طلب الإيرانيون من مشعل أن يطبق ما التزم به تجاه إيران، بحضور مسؤولين سوريين كبار، أي مساعدتها في اليمن عبر إرسال مقاتلين. وأبلغوه أن مساعدة حماس لإيران في اليمن جزء أساسي من المساعدة التي توفرها إيران لحماس في غزة، وقالوا: "إن السعودية، واليمن، ومصر، والسودان ملعب واحد كبير".

وأمام تردد مشعل، عادت إيران لتؤكد أنها مستعدة أن تقدم المساعدات المالية التي تحتاجها حماس، وما عليها إلا أن تعد قائمة بمتطلباتها وتقدمها خلال الأشهر القليلة المقبلة، وبالتالي سيقوم مسؤولون إيرانيون كبار بزيارة سورية ولقاء أعضاء من قيادة حماس لبحث المتطلبات. ولطمأنة مشعل، أبلغت طهران، أن التصدع في العلاقة بين الشيعة والسنة الذي تحذر منه السعودية، صار من "الماضي"، خصوصا أن السنة يتعاونون بـ"وئام" مع إيران، "بما فيهم الدولة التي تستضيفك" وهي "القوة الصاعدة في الشرق الأوسط".

بعد هذا اللقاء وما تخلله من مناقشات قال مشعل إنه اقتنع بالطرح الإيراني وسينقل القرار إلى مجلس شورى حماس "لدعم التعاون الاستراتيجي بين الطرفين".

وبالفعل، وبعد مجادلات حامية طالت ثلاثة أسابيع، وافق مجلس شورى حماس على القرار الذي نقله مشعل إلى إيران عندما التقى الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد في سورية في الخامس والعشرين من الشهر الماضي.

بعد ذلك بثلاثة أيام كان مشعل في طهران للمشاركة في "مؤتمر التضامن الإسلامي والوطني من أجل مستقبل فلسطين"، حيث حضر ورمضان شلح أمين عام "الجهاد الإسلامي الفلسطيني" وممثل عن الرئيس السوري بشار الأسد، لقاء مع المرشد الأعلى للثورة آية الله علي خامنئي.

الأهم كان لقاء مشعل مع وزير الأمن الإيراني خيضر مصلحي لتثبيت التنسيق الذي على أساسه تستأنف حماس نشاطها في اليمن متجنبة إظهار أي علاقة لها بإيران، وقد تم إبلاغ ممثل حماس في صنعاء جمال عيسى بذلك. بعد كل هذه التطورات، نشط مسؤولو "الجهاد الإسلامي الفلسطيني" وعلى رأسهم خالد البطش، فإذا بطهران تعلن عن رغبتها بجمع حماس وفتح، قائلة إنها لم تعد تمانع بالمصالحة في ظل مصر. في السابق، كانت طهران تعنف مسؤولي حماس المقيمين في دمشق لمحاولتهم المصالحة مع فتح، مفضلة أن يبقى الانقسام بينهما عميقا. الآن تغير الموقف الإيراني بسبب القناعة بأن المصالحة لن تؤدي إلى استئناف مفاوضات السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين.

كلما اقتربت إيران من مواجهة ساعة الصفر، اشتدت حاجتها لطرف عربي، من أجل إشعال نار الدمار في أي بقعة عربية قادرة على تأجيل ساعة المواجهة الإيرانية مع العالم!

والآن، كما يبدو جاء دور الفاتورة الفلسطينية!



التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
الامة ايران وحماس
د محمود الدراويش -

ما شاء الله كم هو رفيع وعي الامة وطلائعها المثقفة , فالكثير من كتابنا يكتبون ولسان حالهم ومجمل فكرهم خليط مشوه لا يعكس واقع ولا يلتزم بمنطق ويخرج على مصالح الامة والسلم الاجتماعي بين مكوناتها ويقود عاجلا ام آجلا الى صدام مريع يذهب بنا جميعا الى مستنقع التلاشي ومربع الضياع والفقر والتشتت والضعف والفشل وربما الفناء , اراقب منذ فترة طويلة ما يكتب في صحفنا العربية واحلل الكلمات والصيغ ومدلولاتها ودلالاتها , فلا اجد الا قلة من الموضوعية والاتزان والتوازن والالتزام بمصالح الامة ومستقبلها ومنعتها وتطورها اللاحق , فهناك كتاب اجلاء مشبعون بالوطنية والاتزان جل كتاباتهم توفيقية تحاول التقريب بين مكونات الامة وشرائحها المختلفة , يكتبون بوعي وحكمة ومسؤولية وحس قومي رفيع وانتماء عقدي وسطي ومتزن , وهناك فئة اخرى لا لون ولا رائحة ولا طعم لما تكتب وليس هناك ثيات في طروحاتها ومواقفها , تتاثر بالحدث والواقعة ويغلب على كتاباتهم العاطفة المقيتة وتعصب واضح ويكتبون في الكثير من الاوقات بدافع لا يمكن وصفه بالوطني ابدا , وهناك فئة ثالثة لا هم لها الا التخريب والايقاع بين مكونات الامة ,تبذر كراهية وحقد وتحرض وتثير مشاعر سالبةوضيق واذى للقارىء, لا حدود لخيالها المقيت, وتدفع باتجاه الصدام والنفور والريب والشكوك والخشية من الآخر ورفضه بل وقمعه , انها فئة لا تربطها بالامة رابطة وتخلو من الانتماء الاخلاقي والانساني والعقدي للامة , حماعة تتذلل وتسترزق وتتزلف لا يحكمها مبدا ولا شرف مهني قطعا ,وفي الفترة الاخيرة لاحظت من خلال مسح عام لالاف المقالات ان مصطلحا جديدا بات يحتل كامل دائرة العداء والخوف بل وفوبيا مصطنعة بغيضة لا مصلحة للامة فيها , ويضر بامننا وتطورنا واهم من هذا كله بوفاقنا والسلم الداخلي في بلادنا وعلى كامل رقعة الوطن العربي , والمصطلح هو (الشيعة وايران ) لقد سقطت اسرائيل من حسابات الكتير من كتابنا ولم تعد دولة معادية قتلت ودمرت وتآمرت وحاصرت واجرت الدماء في بلادنا انهارا واشلاء اطفالنا ونسائنا وشيوخنا ما زالت حاضرة في اذهاننا وقلوبنا , نعم ليس على السنة الكثير من الكتاب وفي عقولهم التي تمتهن تسطيح الاشياء وتبسيطها تبسيطا يخل تماما بالحقائق والوقائع الا متابعة ذات العبث والجهل القاتل لآمالنا وتطلعات بناء دول فاعلة ديمقراطية تدمن الابداع وتقبل الآخر ورعايته وتحقيق العدالة والمساوة وت

الامة ايران وحماس
د محمود الدراويش -

ما شاء الله كم هو رفيع وعي الامة وطلائعها المثقفة , فالكثير من كتابنا يكتبون ولسان حالهم ومجمل فكرهم خليط مشوه لا يعكس واقع ولا يلتزم بمنطق ويخرج على مصالح الامة والسلم الاجتماعي بين مكوناتها ويقود عاجلا ام آجلا الى صدام مريع يذهب بنا جميعا الى مستنقع التلاشي ومربع الضياع والفقر والتشتت والضعف والفشل وربما الفناء , اراقب منذ فترة طويلة ما يكتب في صحفنا العربية واحلل الكلمات والصيغ ومدلولاتها ودلالاتها , فلا اجد الا قلة من الموضوعية والاتزان والتوازن والالتزام بمصالح الامة ومستقبلها ومنعتها وتطورها اللاحق , فهناك كتاب اجلاء مشبعون بالوطنية والاتزان جل كتاباتهم توفيقية تحاول التقريب بين مكونات الامة وشرائحها المختلفة , يكتبون بوعي وحكمة ومسؤولية وحس قومي رفيع وانتماء عقدي وسطي ومتزن , وهناك فئة اخرى لا لون ولا رائحة ولا طعم لما تكتب وليس هناك ثيات في طروحاتها ومواقفها , تتاثر بالحدث والواقعة ويغلب على كتاباتهم العاطفة المقيتة وتعصب واضح ويكتبون في الكثير من الاوقات بدافع لا يمكن وصفه بالوطني ابدا , وهناك فئة ثالثة لا هم لها الا التخريب والايقاع بين مكونات الامة ,تبذر كراهية وحقد وتحرض وتثير مشاعر سالبةوضيق واذى للقارىء, لا حدود لخيالها المقيت, وتدفع باتجاه الصدام والنفور والريب والشكوك والخشية من الآخر ورفضه بل وقمعه , انها فئة لا تربطها بالامة رابطة وتخلو من الانتماء الاخلاقي والانساني والعقدي للامة , حماعة تتذلل وتسترزق وتتزلف لا يحكمها مبدا ولا شرف مهني قطعا ,وفي الفترة الاخيرة لاحظت من خلال مسح عام لالاف المقالات ان مصطلحا جديدا بات يحتل كامل دائرة العداء والخوف بل وفوبيا مصطنعة بغيضة لا مصلحة للامة فيها , ويضر بامننا وتطورنا واهم من هذا كله بوفاقنا والسلم الداخلي في بلادنا وعلى كامل رقعة الوطن العربي , والمصطلح هو (الشيعة وايران ) لقد سقطت اسرائيل من حسابات الكتير من كتابنا ولم تعد دولة معادية قتلت ودمرت وتآمرت وحاصرت واجرت الدماء في بلادنا انهارا واشلاء اطفالنا ونسائنا وشيوخنا ما زالت حاضرة في اذهاننا وقلوبنا , نعم ليس على السنة الكثير من الكتاب وفي عقولهم التي تمتهن تسطيح الاشياء وتبسيطها تبسيطا يخل تماما بالحقائق والوقائع الا متابعة ذات العبث والجهل القاتل لآمالنا وتطلعات بناء دول فاعلة ديمقراطية تدمن الابداع وتقبل الآخر ورعايته وتحقيق العدالة والمساوة وت