جريدة الجرائد

صديقي أوباما خيّب أملي

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

الياس حرفوش


رغم انشغال الرئيس باراك أوباما هذا الأسبوع بالحملة الضخمة التي قام بها لإقرار برنامج الرعاية الصحية، ورغم القلق الذي انتابه على عملية السلام في منطقتنا، بسبب خلافه مع بنيامين نتانياهو، فقد وجد مشكوراً وقتاً ليبعث لي رسالتين على بريدي الالكتروني يشكرني فيهما على ما بذلته من جهد لمساعدته في موضوع البرنامج الصحي! ولأن الكلفة مرفوعة بيني وبين باراك أوباما، لم يتردد في مخاطبتي بالقول: "الياس، هذه الليلة (أي ليلة التصويت في مجلس النواب) وبفضلك حققنا ما نريد"، ثم ختم قائلاً: "الليلة وبسبب جهودك الجبارة فان الجواب المؤكد على مشاكلنا هو: أجل نستطيع Yes we can".

قطعاً للتأويلات أود أن أوضح أن المراسلات بيني وبين صديقي باراك كانت حتى الآن من جانب واحد، أي من جانبه، وذلك منذ بعثت برسالة يتيمة خلال الحملة الانتخابية الى بريده أطلب الحصول على معلومات عن برنامجه الانتخابي، الذي كان مثيراً للفضول آنذاك. منذ ذلك التاريخ، أي منذ حوالى ثلاث سنوات، لم يتركني باراك أرتاح. كل أسبوع هناك رسالة منه، يطلب فيها مساعدة أو يعرض علي برنامج عمله لذلك اليوم. وأخجل من القول إنني غالباً ما أعمد الى إزالة رسائل باراك من بريدي حتى قبل قراءتها، مثلما أفعل مع الرسائل التي تصلني كل يوم من مرضى أو عجائز في نيجيريا أو أستراليا أو بنغلادش أو الغابون، يعرضون علي "مساعدتهم" والموافقة على الحصول على ارثهم الذي يقدر بالملايين، لأنهم اكتشفوا انني رجل طيب ويستحق هذه الأموال أكثر من أولادهم.

لكن هؤلاء شيء وباراك أوباما أمر آخر. هؤلاء قد يكونون أشخاصاً وهميين يسعون الى الحصول على معلومات عن حسابي البنكي للدخول اليه واختلاس أموالي، مع أنهم لو فعلوا لكانت صدمتهم كافية لقتلهم من دون مرض! أما رئيس أميركا فكنت أظن أن لديه أموراً أكثر أهمية للقيام بها من صرف وقته على كتابة الرسائل إلي. فأنا أعرف أنه مغرم بالانترنت وأن "البلاك بيري" لا يفارق يده، وصحيح أنني بذلت جهداً خارقاً لمساعدته على إقرار برنامج الرعاية الصحية، لكن الحقيقة إنني فعلت ذلك، ليس إرضاء لأوباما (رغم صداقتنا) ولا للحزب الديموقراطي، ولكن لأن قلبي كان يلتاع وأنا أفكر بأوضاع 32 مليون أميركي من أصحاب المداخيل المتواضعة وهم يعانون للحصول على الطبابة اللائقة. ومع أنني لا أستفيد شخصياً من ذلك، فقد حرصت على ممارسة نفوذي هناك وجندت ما أستطيع من "لوبيات" لإخراج باراك أوباما من ضائقته وتحقيق حلمه الرئاسي. والحقيقة أن الرجل كان وفياً وصادقاً عندما كتب لي في رسالته يقول: "بفضلك سيتمكن كل أميركي من ضمان مستوى عال من الضمان الصحي يستطيع تحمل تكاليفه".

ما أسفت له أن صديقي باراك الذي بعث الي رسالتين في أسبوع واحد يمتدح مساعدتي له على إقرار برنامج الرعاية الصحية، لم يكلّف خاطره ويشرح لي أسباب عجزه أمام نتانياهو واضطراره لقبول الإهانات التي تعرض لها. فالطريقة التي عامله بها رئيس حكومة إسرائيل تغضب العدو، فكيف إذا كان صديقاً. كنت أتمنى لو أمكنني مساعدته في أزمته هذه أيضاً، لكن في هذا الموضوع العين بصيرة واليد قصيرة، خصوصاً أن الرجل اختار الهزيمة قبل أن يخوض المعركة.

لقد خاب أملي حقاً بصديقي باراك. ويبدو لي أن صاحب شعار Yes we can أسقط هذا الشعار بالضربة القاضية أمام الصلف الإسرائيلي واختار الرهان على كسب الولاية الثانية بدل احترام الالتزامات التي قطعها على نفسه لتحسين صورة بلده والحرص على تطبيق القرارات الدولية. هناك بين أصدقائي من يقول لي: لا تكن قاسياً مع الرجل وامنحه فرصة ثانية، لكن الحقيقة انني قررت بعد اليوم أن أزيل عنوان باراك أوباما من بريدي الإلكتروني، وأن أعتبر أن مساعدتي له في معركته الصحية كانت الخدمة الأخيرة التي أقدمها له.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف