جريدة الجرائد

المرأة والسفر

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

عبدالعزيز السماري

قد نختلف عند تناول قضايا حقوق المرأة في المجتمع، فهي متشعبة وتحتاج إلى مجلدات عند التفصيل، ولكن قد نتفق أن المفاهيم الدينية والقبلية لها التأثير الأكبر على المرأة، لكنني سأتناول قضية ظاهرة وتواجهها المرأة كثيراً في الآونة الأخيرة، وهي قضية المرأة والسفر، فعلى سبيل المثال يريد البعض منها أن تقر في بيتها، ولا تخرج أو تسافر إلا بموافقة ولي أمرها، بينما يجد آخرون في تحديد حركتها هضماً لأدنى حقوقها الطبيعية، وفيها إهانة وعدم ثقة في المرأة..

دائماً ما نتحدث بإسهاب عن دور المرأة في بناء الأسرة الصالحة، وفي فضل الأم ورفعة مكانتها عند الله عز وجل إلا أن صورة التناقض تبرز عند الاطلاع على بعض المعوقات التي تواجهها المرأة عند السفر، فعلى سبيل المثال عندما تتقدم سيدة أعمال أو أستاذة جامعية أو طبيبة أو معلمة أو أم أفنت عمرها في إعانة وتربية أسرتها، طلباً للحصول على جواز سفر يأتي الجواب المشروط بموافقة ولي الأمر، وأن القُصَّر والنساء يحتاجون إلى موافقة من ولي الأمر لاستخراج جواز سفر..

أي أن الشاب المراهق ذا الثمانية عشر عاماً يملك الصلاحية لاستخراج جواز سفر والسفر أيضاً دون موافقة ولي الأمر، بينما لا تملك المرأة البالغة والناضجة والناجحة في حياتها العملية والأسرية ومربية الأجيال قرارها في الحصول على جواز سفر أو السفر دون موافقة خطية من زوجها أو ولي أمرها..

أعترف أنني لا زلت أجد المعاناة في الحصول على إجاية مقنعة لهذا التمييز بين الرجل والمرأة، قد يحاول البعض أن يعطي لهذه النظرة الدونية للمرأة خلفية شرعية، وأنهن مهما علا شأنهن العلمي والأسري والاقتصادي لا يستحقن الثقة، بينما يستحقها شاب مراهق لم يحقق أي نجاحات في حياته، أو أنهن يختلفن في طبيعتهن عن الرجل، ولذلك يجب مراقبتهن والخوف عليهم من غرائزهن.

حسب وجهة نظري يكمن سوء الفهم في إدراك مقاصد الأحكام الفقهية في صدر الإسلام، والنظر إليها على أنها أحكام مطلقة، لكن الفتوى تتغير بتغير الزمان والمكان، فالسفر في تلك الأزمنة كان محفوفاً بالمخاطر، إذ يصعب على المرأة السفر عبر الصحاري والمسافات الطويلة، وتحتاج إلى الرجل من أجل تأمين السلامة لها في طريق السفر، وتؤكد الأحاديث الشريفة على السفر الطويل (عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا تسافر المرأة ثلاثة أيام إلا مع ذي محرم". وفي رواية صحيح مسلم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تسافر المرأة يومين من الدهر إلا ومعها ذو محرم منها أو زوجها" وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة يوم وليلة ليس معها حرمة"...

كان المنع مرتبطاً بمدى الأمن في الطريق، والدليل تحديد منع السفر في رحلة اليومين والثلاثة، ولم يكن المنع لعدم الثقة أو لاختلال في عقلها أو لسبب ضعف في دينها، وهو ما يخالف البديهة والفطرة، والدين الإسلامي دين الفطرة، إذ لا يعقل أن يكون الشاب المراهق أكثر رجاحة في العقل من أستاذة جامعية على سبيل المثال، لذلك أجد أن اشتراط موافقة ولي الأمر الذكر لسفر المرأة البالغة حالياً ليس له مبرر، فالرحلة الجوية الحالية إلى أبعد نقطة على سطح الأرض لا تتجاوز الأربع والعشرين ساعة، بالإضافة لتوفر الأمن والراحة في وسائل السفر الحالية..

الجدير بالذكر أن المحكمة الدستورية في الكويت في أكتوبر 2009، أصدرت قراراً بمنح النساء حق الحصول على جوازات سفر وحق السفر من دون موافقة مسبقة من أزواجهن. وألغت المحكمة بنداً في قانون الجوازات الذي يعود إلى عام 1962 والذي ينص على حاجة المرأة لموافقة زوجها قبل الحصول على جواز سفر. واعتبرت المحكمة - حسب نص الحكم - أن البند القانوني المُلغى يتعارض مع الدستور الذي يضمن الحريات الشخصية والمساواة بين الرجال والنساء. وأتى الحكم بعد أن رفعت كويتية دعوى ضد زوجها الذي رفض إعطاءها جواز سفرها وجواز سفر أبنائهما الثلاثة بهدف منعهم من مغادرة البلاد..

في ظل ارتفاع مفاهيم حقوق الإنسان في العصر الحالي، من المفترض أن نعيد قراءة منع المرأة من السفر والحصول على جواز سفر إلا بإذن ولي الأمر، وأن نتعامل معها من خلال موقف المساواة في الحقوق العامة التي كفلتها الشريعة والقوانين الحديثة في العالم.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
هل المرأة من القصر
سعد الدين -

لكي تحتاج إلى ولي أمر لإخراج جواز سفر. هذه التفرقة بين الرجل و المرأة ظالمة وتعطي صورة سيئة عن السعوديين