الخليج والإرهاب
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
شملان يوسف العيسى
أحبطت السعودية مجموعة عمليات انتحارية كان تنظيم "القاعدة" ينوي تنفيذها ضد مصالح حيوية نفطية للبلاد، وقد تم اعتقال 113 إرهابياً يمثلون شبكتين وخلايا انتحارية كانت تنتظر الإذن من "قاعدة" اليمن لتنفيذ تلك العمليات.
فما هو الجديد في العملية الأخيرة إذن؟ الجديد هو تغلغل "القاعدة" من اليمن إلى السعودية، فهذه هي المرة الثالثة التي يتم فيها كشف عملية كهذه وضبط عناصرها، حيث اتضح أن معظم الأسلحة والمتفجرات المهربة إلى السعودية كان مصدرها الأراضي اليمنية، عبر عمليات تهريب في منطقة يصل طولها الى أكثر من 2000 كيلو متر تفصل بين البلدين. كما اتضح أيضاً أن ثمة شبابا سعوديين منخرطون في العمل "الجهادي" تحت قيادة كوادر يمنية، خاصة بعد أن اعتقلت السلطات السعودية العديد من القيادات السعودية في تنظم "قاعدة" اليمن. وإلى ذلك فقد جُند بجانب السعوديين شباب إفريقي من الصومال وأرتيريا مما يعني أن الإرهاب في منطقتنا اتسع ليشمل منطقة تمتد من إفريقيا إلى أفغانستان.
المحاولات الإرهابية المتعاقبة في السعودية تثير تساؤلات حول الأسباب والدوافع التي تجعل الشباب السعوديين الذين تتراوح أعمارهم بين 22 و25 عاماً ينخرطون في العمل الجهادي ضد بلدهم!
علينا في هذه المرحلة معرفة جذور وأسباب التطرف والعنف الذي يظهر بين حين وآخر في السعودية، خاصة وأن ثمة متغيرات كثيرة حصلت منذ تولي خادم الحرمين الملك عبدالله بن عبدالعزيز مقاليد الحكم، حيث بدأت عملية الإصلاح والتغيير والانفتاح الداخلي والاهتمام بقضايا التعليم والصحة والمرأة.
ومرة أخرى يجب التساؤل لمعرفة العوامل التي أدت إلى استمرار ظاهرة العنف والإرهاب، سواء أكانت عوامل فكرية أو ثقافية، وما هي قوة تأثير هذه العوامل على الشباب السعودي؟ وهل سبب التطرف والعنف هو الفراغ الفكري وتفشي الأفكار الخاطئة حول الدين، أم أن السبب هو انحسار دور المؤسسات الدينية؟ هل أدت هذه المؤسسات دورها في التوعية ضد التطرف والمغالاة في الدين؟ وهل مستوى الوعاظ ورجال الدين وأئمة المساجد يرقى لتولي مسؤولية نشر المفاهيم الإسلامية السمحة التي تدعو للتعايش والمحبة والدعوة للسلام..؟ وهل يواكب هؤلاء الأئمة والعلماء تطورات العصر أم لا يزالون يلقون الخطب المحفوظة منذ العهد العثماني؟ وهل يربطون الدين بمستجدات العصر وتطوراته؟
ثم ماذا عن الإعلام الرسمي والصحافة، هل أديا دورهما في التوعية بمخاطر التطرف والمغالاة في الدين؟ وهل لعب التعليم دوراً في إبعاد الأفكار المتطرفة، أم بقي تعليماً تلقينياً يسوده الحفظ، مما عزز الموروث الثقافي القديم وأبقى عليه، الأمر الذي دفع الشباب السعودي إلى رفض الأفكار والأطروحات الحديثة؟
نحن نعي بأن المؤسسات الدينية والتعليمية ليست خالقه للتطرف والعنف، لكن كان بإمكانها أن تكون ضابطاً للعنف ومانعاً له لو أنها أحسنت القيام بدورها.
إن فشل الدول الخليجية في عملية التحديث السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي، يعد السبب الرئيسي لانتشار ثقافة التطرف الديني، خاصة وأن الظروف المادية في دول الخليج قد تغيرت كثيراً بعد اكتشاف النفط من دون أن يواكبها تغير في العقليات، وهذا يفسر لنا لماذا لا تدافع البرجوازية الخليجية المتعلمة في الغرب عن المبادئ الإنسانية الرافضة للتطرف والإرهاب والمغالاة في الدين، ويظل كثير من أفرادها سجناء العقلية الدينية القديمة رغم ثقافتهم الغربية..!
وأخيراً لا يمكن القضاء على الإرهاب في المنطقة باتباع الأسلوب الأمني فقط، بل نحتاج اليوم إلى تغيير الثقافة التي شكلت بيئة مناسبة للإرهابيين في بلداننا الخليجية.