جريدة الجرائد

الالتزام بالكويت

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

محمد الرميحي

في العمل الديمقراطي، ليس المهم أن يحتفل المنتصر، المهم أن يقبل الخاسر نتيجة العملية الديمقراطية. على رأس الدولة سمو الأمير، وقناعته المعروفة، التي يرددها دائما، أن العملية الديمقراطية يجب أن تستمر، ولا رجوع عنها، وأن آلياتها يجب أن تُحترم بوقوف أي عضو في السلطة التنفيذية للدفاع عن مرئياته وأعماله أمام ممثلي الشعب. وهذا الأمر أصبح حقيقة منذ أن اعتلى سمو رئيس الوزراء منصة المساءلة، وترجّل عنها مؤيَّدا من الأغلبية.

الاستجوابات الستة الماضية لها دروس ظاهرة، تتلخص في أن البعض، وهم قلة على كل حال، يعانون ألم الانسحاب. لذلك عاد بعضهم، كثُر العدد أم قلّ، للتأزيم مرة تلو المرة. لم يكونوا قد تبيّنوا مزاج الشعب الكويتي، وهو مزاج مال منذ الانتخابات الأخيرة إلى ترجيح كفة الاعتدال مقرونا بالإنجاز، وليس تغيير الوجوه.

هناك لازمة مصاحبة للديمقراطية؛ هي التعددية. ومن الاستجواب الأخير ظهرت التعددية بشكل جليّ، إلا أن البعض، مع الأسف، مازال يشعر بالألم، فقال فيمن صوّت للاستقرار أقوالاً كثيرة، وصلت إلى حد التشكيك في صدقية بعضهم، والتجريح في آخرين. وهذا ليس بالعمل الديمقراطي الرشيد.

لقد صوّت لوزير الإعلام بالثقة عدد من النواب، موزَّعين على شرائح المجتمع الكويتي، كما صوّت ضده أيضا عدد منهم، موزَّعين على الطيف السياسي والاجتماعي، وهذا دليل قاطع على أن الناس أصبح لديهم قناعاتهم الخاصة، فلنحترم تلك القناعات.

قلنا هنا، ونكرر، إن مِن حولنا عواصف سياسية بدأت تتجمع، وهي ليست بعيدة عن الحصيف المطّلع، لذلك فإن الالتزام بالكويت واستقرارها هو الشعار الذي يجب أن يُفعّل.. علينا الاعتراف بأن العمل السياسي في الكويت ليس مملّاً، فهو يضجّ بالنقاش والاختلاف، إلا أن ذلك النقاش يجب ألا يأخذنا إلى المشاحنات التي لا طائل من ورائها، ويجب ألا يأخذنا إلى العزة بالإثم والشخصانية المقيتة.

نعيش في بلد طيب، ورعاية ربّ كريم، وقيادة حكيمة. فكيف يمكن أن نوظف كل ذلك لمصلحة الإنسان الكويتي، فلا نغوص في أمنيات خادعة للذات؛ بأنّ خروج هذا أو ذاك من السلطة التنفيذية يُصلح الأمور، فقد تبين لكل ذي بصيرة أن خروج وزير ودخول آخر لا يعني تجويد الخدمة العامة وتطويرها، حيث سيف الاستجواب مصلت، فلا الشعب يستفيد، ولا الخدمة العامة تتطور.

لقد تجاوزنا المرحلة الانتقالية، وعلينا الالتفات إلى العمل.. فالمواطنون يهتمون أكثر بترقية شؤون حياتهم، وليس بإزاحة وزير وتوزير آخر.

طبعاً هناك خلل بيّنٌ في العلاقة بين البيت التشريعي والبيت التنفيذي، وهو ما خلق لنا ثنائية متوترة، لكنّ الخلل الأكبر أن الأغلبية، حتى الاستجوابات الستة الأخيرة، كانت تخفض رأسها للأقلية على سبيل "الميانة"، وليس العمل السياسي، أو بسبب ثقافة تخويفية انتشرت خطأ بأن من يقف مع السلطة التنفيذية فهو يحقق مآرب شخصية. هذه العقدة انتفت، أو هي في سبيلها إلى الانتفاء، ولعل ذلك مؤشر نضج.

باختصار.. المواطن الكويتي يريد للعمل السياسي أن يحقق مصالحه ويحافظ على العدل، ويسرّع في التنمية، ومن خلال نتائج الاستجوابات الستة أرى أن هذا المواطن يريدها "غير".. فالتنظيم أفضل من الارتجال، والتخطيط أجدى من العفوية، وتضافر الجهود خير ألف مرة من التنابز بالألقاب.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف