الجزائر تناقش «الأمن الفكري» وتبحث عن مرجعية دينية مغاربية
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
الجزائر - عاطف قدادرة
تنظم وزارة الشؤون الدينية والأوقاف الجزائرية في النصف الثاني من شهر نيسان (أبريل) المقبل، نقاشاً دينياً "مغاربياً" حول "الأمن الفكري ودور مؤسسات المغرب العربي في إرسائه". ووجهت الجزائر دعوات إلى كبار علماء الدين في الدول المغاربية لمناقشة "أفكار التطرّف والتكفير والإرهاب"، بحثاً عن "مرجعية دينية موحدة".
وقال مسؤول في وزارة الشؤون الدينية لـ "الحياة" إن النقاش سيعنى بموضوع "الأفكار الدخيلة في غير بيئتها، وتحولها إلى باعث لسلوك متطرف في الهجرة والتكفير"، والنتيجة كانت ولا تزال "الارتياب في صدقية المرجعية الدينية المغاربية". وأوضح أن المنطقة تركت المكان شاغراً أمام تيارات تستمد أفكارها غالباً من المنفى الفكري. وستسعى الوزارة ومنظمو ملتقى "الأمن الفكري ودور مؤسسات المغرب العربي في إرسائه"، إلى بلورة رد فعل ولو متأخراً على "المد الفكري الهدام"، بحسب تعبيرها. وتعتقد الوزارة بأن بعض المثقفين يخطئ "عندما يريد مواجهة هذا المد الفكري باستيراد أفكار مصدرها، هو المصدر ذاته لتلك الأفكار الهدامة، تنبع جميعها من مرجعية هي غير مرجعيتنا".
ويُلقي هذا النقاش الضوء أيضاً على التجربة الليبية، إثر مراجعات "الجماعة الليبية المقاتلة" التي قدمت نموذجاً لقي قبولاً لدى عموم علماء الدين، إذ أدت خطواتها في الحوار مع السلطات إلى الإفراج عن غالبية معتقليها في السجون الليبية.
وقال هذا المسؤول لـ "الحياة" إن الجزائر ترى أن تفكيك "آخر الألغام الفكرية"، يحتاج إلى "كلمة واحدة" من علماء المغرب العربي. وتعتقد وزارة الشؤون الدينية والمنظمين للملتقى بأن التطرف الفكري تجاوز حدوده، وتفترض أن للمغرب العربي في مرجعيته الدينية المشتركة وخصوصيته المذهبية في العقيدة والفقه والسلوك، حصانة ذاتية من التطرف والإرهاب. ويدعو المشاركون إلى مناقشة هذه الفرضية وإثراء النقاش حولها، و"اقتراح الحلول التفصيلية والتكميلية التي يمكن أن تصدر عن مؤسسات المجتمع الرسمية والمدنية، بما في ذلك اقتراح برامج التكوين التي تُخرّج للأمة علماء عدولاً يحملون العلم الصحيح عن السلف الصالح لهذه الأمة، ويحصنون به خلفها".
وتنخرط جهات جزائرية في نقل رأي علماء الدين في العمل المسلح. وزار البلاد خلال العام الماضي مئات رجال الدين، ولاقت التجربة نجاحاً بتعاون أجهزة الإعلام الحكومية. وتعتقد الحكومة الجزائرية بأنها تتفادى بذلك تكرار التجربة مع "الجهاديين". فأنشأت قناة تلفزيونية دينية وخصصت برامج لإذاعة القرآن. وتندرج الزيارات المتتالية للدعاة والعلماء المعروفين على الساحة الإسلامية إلى الجزائر في إطار مباركة رسمية لمثل هذه الزيارات من أجل المساهمة في توعية الشباب الجزائري ونصحه بضرورة الابتعاد عن الفكر المتطرف والعنف، وتوجيهه نحو الالتزام بمنهج الوسطية والاعتدال. وتشهد هذه الزيارات عادة توجيه مزيد من النداءات من الدعاة إلى من تبقى من أفراد الجماعات المسلحة، وعلى رأسها "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي" لإلقاء السلاح والكف عن إراقة دماء المسلمين، في إطار استكمال مسار المصالحة الوطنية. وتأتي خطوات الحكومة في هذا السياق كمرحلة ثانية بعد احتواء وزارة الشؤون الدينية الخطاب الديني في 15 ألف مسجد في الجزائر كانت تحت سيطرة التيار المتشدد، بحسب الوزارة.