جريدة الجرائد

قصتنا مع القومية العربية

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

هشام العوضي

ثلاث كلمات لا تطربنا: "الضريبة"، "التجنيد الإلزامي" و"القومية العربية".. الضريبة انقرضت لما تدفق النفط، وأغنى الدولة عن المواطنين، وأفقر المواطنين إلى الدولة.. و"التجنيد الإلزامي" لما اقتنعنا بأن الجغرافيا فوق السياسة، وأن قدرنا أن نظل نحتاج إلى من يحمينا من الخارج.. و"القومية العربية" لما صفعنا على وجوهنا عرب كُثر في أغسطس 1990 باسم العروبة. ومع ذلك تظل قصتنا مع القومية العربية مثيرة للجدل، وتستحق أن تُروى ولاسيما لأجيال لم تعاصر الغزو، فضلا عن أنها لم تشهد المد القومي في الخمسينيات والستينيات من القرن الفائت.

بدأت تجربة الكويت مع الفكر العروبي، إن صح التعبير، مع الشيخ مبارك الكبير، عندما انضم مع مجموعة من أصدقائه، الشيخ خزعل في عربستان، والسيد طالب النقيب في البصرة، إلى حزب عربي يعارض سياسة التتريك القسرية التي كانت تمارسها اسطنبول ضد العرب منذ 1909. وأفضى ذلك إلى أن تقدم الكويت وغيرها من المشيخات دعمها لبريطانيا، على خصمها العثماني، في الحرب العالمية الأولى. كان الفكر القومي عندئذ ردة فعل من النخبة الحاكمة، أكثر منه حالة شعبية.. فالمجتمع كان بعيدا عن تأثيرات القومية العربية التي انطلقت من الشام، وظل، شعوريا على الأقل، مرتبطا بالعثمانيين، وإن كانوا أتراكا.. فالدين وقتئذ كان هو الرقم واحد، واللغة هي الرقم اثنين.

لما تدفق النفط، وانتشر التعليم، ودخلت إلى الكويت الصحف من العراق، والإذاعة من مصر، ومنظرو الفكر القومي من سورية، حصل حراك شعبي، لمصلحة كل دولة عربية تريد أن تفتك من الهمينة الأجنبية، بريطانية أم فرنسية. ولأن الشعور الديني لم يعد يصبّ في وعاء سياسي محدد بعدما تلاشى العثمانيون، وحلّت محلهم الدولة القومية، صارت اللغة، سياسيا على الأقل، هي الرقم واحد، والدين هو الرقم اثنين.

وجاء انقلاب عبدالناصر في 1952 كي يسجل أعلى ارتفاع لأسهم القومية العربية، ليس في مصر فحسب، وإنما في أدق زقاق وأضيق سكيك في الكويت. ولم تكن كاريزما ناصر الشخصية، ولا دعائيات أحمد سعيد في إذاعة صوت العرب، هما من رسل القومية العربية للكويت فحسب، وإنما طواقم المعلمين الذين وفدوا إلى الكويت، وصاغوا عقلية جيل المرحلة، وحوّلوا قِبلته الى القاهرة. وكان المد العروبي جارفا، لا يقبل أن يجمد أمامه، أو يعانده أحد، لدرجة أن الشيخ عبدالله السالم طرح على البريطانيين في 1958 رغبته في أن ينضم للجامعة العربية، مثلما انضم جده مع خزعل والنقيب إلى الحزب العربي في 1909. وعارضت بريطانيا الرغبة الأميرية، لأنها اعتبرت أن ذلك سيعد انتصارا للناصرية، وهذا آخر ما كانت لندن تتمناه.

ولما انقلب عبدالكريم قاسم على الهاشميين في العراق في 1958 استقبل الكويتيون ذلك بالترحيب، وزاره للتنهئة وفد رسمي وشعبي، إلى أن عقد قاسم مؤتمرا صحافيا بعد أسبوع من استقلال الكويت في 1961 طالب فيه بضم الكويت إلى العراق!! كانت صفعة على خدّ الكويتيين، لكن ظلت القومية العربية تطربهم، لأن ناصر، وباسم القومية العربية التي أساء لها قاسم، وقف إلى جانب الكويت في أزمتها. ولأن الجامعة العربية أرسلت إلى الكويت، باسم القومية العربية، قوات من السعودية ومصر وسورية والأردن والسودان وتونس.

وانتهى قاسم في 1963 ولم تنته علاقة، ولا قصة الكويت مع القومية، وإنما بدأت.. فتم تأسيس صندوق التنمية في بداية الستينيات لتقديم منح وقروض للدول العربية، واستفادت منه عواصم وحكومات مختلفة. وتأسست صحف وجمعيات محلية بهمًّ قومي.

صحيح أن هزيمة 67 ورحيل ناصر في 70 أحبطا أسهم القومية في أسواق العرب، لكنه لم يقض عليها تماما. إذ استمرت القضية الفلسطينية هي "الخيط الرفيع" الذي ظل يربط بين العرب في السبعينيات والثمانينيات، وعلى أساسه منعت الكويت تصدير نفطها للولايات المتحدة والدول المساندة لإسرائيل في 1973. وظلت الساحة المحلية تشهد حراكا على مستوى أنشطة طلابية، وإعلامية، ومجتمعية شكلت وعي أجيال تلك الفترة.. وأتت الحرب العراقية-الإيرانية كي تسجل الحلقة الأخيرة في مسلسل قصة الكويت مع القومية، إذ حلّت "فارس" محل العثمانيين، والبريطانيين، في الحفاظ على توهج الحس القومي، وإن لم يحلّ أحد محل ناصر.

لم تكسر هزيمة 67 القومية العربية في حس الكويتيين، مثلما كسرتها رِدة صدام في احتلاله البلد في 1990. ولم يرتد سياسيا الذي احتل فقط، وإنما كفر سياسيا بالقومية العربية الذين احتلهم.. كانت ردة فعل لا شعورية، وإن طالت واستمرت إلى الآن.. خلال هذه الفترة، وعلى مدى 20 سنة، نشأت أجيال لم تسمع عن القومية العربية إلا كل سوء، فاتخذت منها موقفا. وبينما كانت لاءاتنا في الستينيات هي "لا صلح، لا اعتراف، لا مفاوضات"، صارت لاءاتنا اليوم "لا ضريبة، لا تجنيد، لا قومية عربية".

تمت القصة.. فقل لي أنت: هل تعتبرها نهاية سعيدة؟

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
happy ending
ahmed -

A very happy ending for Kuwait, that is the silver lining of the brutal invasion 1990

رد
د.سعد منصور القطبي -

القومية هي العنصرية والعكس صحيح والعالم أصبح يخجل من القومية بعد هزيمة هتلر واليوم الوحدة بين مجتمعين تبنى على المصالح وليس على شيء أخر فمثلا لو قلت للفرنسي توحد مع ألأسباني سيسئلك هل سترخص ألأسعار ويزداد دخلي وعندها فقط سيوافق اذا كان جوابك نعم ولن يقول لك ان ألأسباني يختلف عني باللغة والتاريخ وغيرها من ألأمور التافهة وكذلك فمن المستحيل أن يقبل الخليجي المترف أقتصادياأن يتوحد مع المصري لكي يقف في طابور الجمعية لعدة ساعات من أجل فرخة وقد يقول قائل لايهم لأن الخليجي لو توحد مع المصري سيكون قوي وهذا قول ثيت بطلانه فكل الدول العربية لم تستطيع أخراج صدام من الكويت والحقيقة أن ألأنظمة الشمولية التي تظطهد شعوبها تتخذ من القومية منهجا الوسيلة والحجة وألأداة التي تسيطر بها على شعوبها ومنها نظام عبد الناصر وصدام ونظام ألأ فيس سورية .

احموا أنفسكم بأنفسك
lمصري عربي -

ليتك تكتب عن خطورة اعتمادكم على الآخر الأجنبي في حمايتكم. انتقد شبابكم المرفه وحكامكم الخائفين من جيوش وطنية حقيقة. قارنوا حالكم بحال دولة الاحتلال الصهيوني. هم يحمون وطنا سرقوه من أصحابه، وأنتم لا تستطيعون حماية ثروات بلادكم بأنفسكم. إلى متى يا عزيزي؟

رد
د.سعد منصور القطبي -

القومية هي العنصرية والعكس صحيح والعالم أصبح يخجل من القومية بعد هزيمة هتلر واليوم الوحدة بين مجتمعين تبنى على المصالح وليس على شيء أخر فمثلا لو قلت للفرنسي توحد مع ألأسباني سيسئلك هل سترخص ألأسعار ويزداد دخلي وعندها فقط سيوافق اذا كان جوابك نعم ولن يقول لك ان ألأسباني يختلف عني باللغة والتاريخ وغيرها من ألأمور التافهة وكذلك فمن المستحيل أن يقبل الخليجي المترف أقتصادياأن يتوحد مع المصري لكي يقف في طابور الجمعية لعدة ساعات من أجل فرخة وقد يقول قائل لايهم لأن الخليجي لو توحد مع المصري سيكون قوي وهذا قول ثيت بطلانه فكل الدول العربية لم تستطيع أخراج صدام من الكويت والحقيقة أن ألأنظمة الشمولية التي تظطهد شعوبها تتخذ من القومية منهجا الوسيلة والحجة وألأداة التي تسيطر بها على شعوبها ومنها نظام عبد الناصر وصدام ونظام ألأ فيس سورية .

إلى أخي المصري
Tarek Saad -

عزيزى المصري العربي تتكلم عن الخائفين ,ولم تذكر اسمك ..ياريت تبعد مصر عن الاراء الشخصية.

عربستان
عربي -

في المقال لقد ذكر السيد الكاتب بعض المعلومات التي لاول مرة تمر على بالي و لن اسمع عنها من قبل و هو تحالف الشيخ مبارك الكبير و الشيخ خزعل امير عربستان و هذا الموضوع جدير بالاهتمام حيث اليوم لن يبقى اي اثر لعربستان اين اصبحت هذه الدولة العربية و اين شعبها و هل لا يزالون متمسكين بعروبتهم اسالة كم اتمنى ان يجيبوا عليها القوميين العرب او اصبحت القومية العربية مجرد شعار و تتناسى قضاياها العربية المصيرية مع شكري لايلاف ارجوا النشر

عربستان
عربي -

في المقال لقد ذكر السيد الكاتب بعض المعلومات التي لاول مرة تمر على بالي و لن اسمع عنها من قبل و هو تحالف الشيخ مبارك الكبير و الشيخ خزعل امير عربستان و هذا الموضوع جدير بالاهتمام حيث اليوم لن يبقى اي اثر لعربستان اين اصبحت هذه الدولة العربية و اين شعبها و هل لا يزالون متمسكين بعروبتهم اسالة كم اتمنى ان يجيبوا عليها القوميين العرب او اصبحت القومية العربية مجرد شعار و تتناسى قضاياها العربية المصيرية مع شكري لايلاف ارجوا النشر