طمئِنوا سوريا! ماذا عن لبنان؟
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
سركيس نعوم
تعتقد مصادر ديبلوماسية عريقة جداً ومطَّلعة ان "النكسة" التي اصابت سوريا بشار الاسد في لبنان بعد اضطرارها الى سحب جيشها منه تحت ضغط اميركي واوروبي وعربي غير مسبوق دفعتها الى اتخاذ قرار بازالة آثار هذه النكسة وان اقتضى ذلك توظيف كل طاقاتها والتحول طرفاً اساسياً في المحور الاقليمي المواجه لاميركا وحلفائها العرب وحليفتها الاولى اسرائيل. وكذلك مراجعة، ليس استراتيجيتها الاقليمية وخصوصاً الشق المتعلق بلبنان، بل الخطط التنفيذية لها والممارسات التي اقدمت عليها سواء داخل لبنان او في العراق او في فلسطين وذلك بغية اكتشاف الأخطاء التي وقعت فيها والتي ادت الى نفور غالبية الشعوب اللبنانية منها وكذلك نفور غالبية الدول العربية والمجتمع الدولي تمهيداً لتصحيحها وتلافي الوقوع فيها مجدداً وتالياً التخلص من طوق العزلة الذي كان يشتد حول عنقها. هذه المراجعة تضيف المصادر اياها جرت واثمرت بداية تحوُّل وإن غير نهائي في المواقف السلبية منها التي اتخذتها جهات لبنانية وعربية واقليمية ودولية. ومما ساعد على جعلها مثمرة تطورات سلبية اعاقت جهود المحور الدولي - الاقليمي العربي "المعادي" لسوريا والمحور الذي تنتمي اليه اولا في العراق وثانياً في لبنان وثالثاً في افغانستان ودفعته الى الاقتناع بضرورة الانفتاح على بعض المحور المعادي وتحديداً سوريا سواء حداً للخسائر او تعزيزاً لفرص النجاح في المواجهة الدائرة.
متى بدأ الانفتاح على سوريا بشار الاسد؟
تلفت المصادر الديبلوماسية العريقة والمطلعة اياها قبل الجواب عن هذا السؤال الى ان المحور الدولي - الاقليمي - العربي توصل بنتيجة مراجعة للأوضاع في المنطقة بعد انسحاب سوريا من لبنان في 26 نيسان 2005 الى ان للأخيرة مشكلات كثيرة مثل كل الدول. لكن لها مشكلات اربعاً صعبة بل خطيرة بعضها حديث وبعضها "عتيق" يؤدي استعمالها بكفاية في المواجهة الى الحاق ضرر بسوريا لا يعوّض، كما تؤدي محاولة توظيفها لاستمالة سوريا او تحييدها او عودتها صاحبة "دور بنّاء" كما كان يقول الاميركيون والاسرائيليون دوماً الى تقليل خطر انفجار المنطقة وتخفيف الضغوط التي يعانيها المحور المذكور في المنطقة.
والمشكلات هي اولاً سلامة النظام الحاكم في سوريا واستقراره وديمومته. وثانياً، استعادة كل الاراضي السورية التي احتلتها اسرائيل عام 1967 (الجولان). وثالثاً، استعادة لبنان دولة تتأثر بها وتنفّذ سياستها وتدور في فلكها. ورابعاً، ازالة سيف "المحكمة الدولية" المصلت فوق رقبة سوريا من المجتمع الدولي وزعيمته اميركا سواء كان نظامها مذنباً في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري او بريئاً.
اما بالعودة الى السؤال المطروح اعلاه فان المصادر الديبلوماسية العريقة والمطلعة نفسها تجيب عنه بأن "بدايات" الانفتاح الدولي وتحديداً الاوروبي على سوريا بدأت عام 2007 وتعمقت لاحقاً في ضوء التطورات الاقليمية التي كانت ايجابية بالنسبة اليها وخصوصاً في لبنان. وكان عنوانه "طمئِنوا سوريا". طبعاً كانت وجهة هذه الدعوة لبنان او جهات لبنانية معينة. لكن وجهاتها الاكثر اهمية كانت اميركا واسرائيل والدول العربية وفي مقدمها المملكة العربية السعودية ومصر فضلاً عن أوروبا.
اما طرق الطمأنة التي افاض في شرحها المقتنعون بها والعاملون في سبيلها فكانت عديدة. فعلى الصعيد اللبناني مثلاً تمّت الدعوة الى اعتراف، او بالأحرى الى تجديد الاعتراف الدولي وتحديداً الاميركي - الاسرائيلي "بمصالح سوريا المشروعة في لبنان". وأُضيفت الى المصالح صفات ثلاث هي السياسية والامنية والاقتصادية. وعلى الصعيد اللبناني ايضاً بدأت جهات دولية مهمة تتساءل عن جدوى "المحكمة الدولية"، لا بل سألت لبنانيين معنيين: لشو المحكمة؟ فأجابوا: لمنع العنف والاغتيالات. وكان ردها: من قال ان المحكمة تمنع كل ذلك؟ وعلى الصعيد السوري - العربي قيل لسوريا ان مؤتمر موسكو الدولي الذي سيحيي عملية السلام في الشرق الاوسط سينعقد وبتأييد من المجتمع الدولي وتحديداً كباره. وان استعادة الجولان ستكون في صدارة الابحاث. وتجاوبت سوريا وأبدت استعدادها لمفاوضات مباشرة (جديدة) مع اسرائيل كانت رفضتها في السابق. وانطلاقاً منه اشتركت في مؤتمر انابوليس الذي لم يسفر عن شيء كما هو معروف. وعلى صعيد النظام السوري عادت اميركا جورج بوش الابن عن سياسة تغييره بعدما كانت قالت: اتوني ببرويز مشرف سوري لأمشي في التغيير.
لماذا هذا الكلام الآن؟
لأن الانفتاح الذي بدأ على سوريا عام 2007 يتوسع باطراد. ولأن العزلة العربية والدولية التي كادت ان تُحكم حول رقبة نظامها انفكت. ولأنها بدأت استعادة لبنان. ولأنها تقاتل الآن وإن على نحو غير مباشر لكسر سيف المحكمة المصلت فوق رأسها. ولأن الاعتراف بـ"اوراقها" المهمة وتالياً بدورها الاقليمي عاد الى العالم. وليس لأننا نتزلف اليها بعدما عادت "عزيزة مكرّمة" من اعدائها في الداخل اللبناني وفي الخارجين العربي والدولي. ولأن مصلحة لبنان تقتضي اقدامه على تفاهم نهائي معها يحفظ استقلاله وسيادته ويعترف بمصالحها. وهذا امر كان يجب ان يقوم به بعد انسحابها من لبنان في 2005 على حد قول جهات دولية مهمة جداً معنوياً وعرف عنها دائماً الاهتمام بلبنان وليس بسوريا.
طبعاً لا يعني كل هذا الكلام ان سوريا صارت في أمان وان لبنان صار جرماً ثابتاً في فلكها. فالمواجهة مستمرة بين محورها والمحور الآخر. لكن اهميتها اكبر من اهمية لبنان وقدرتها على الفعل السلبي والايجابي كبيرة. والحاجة اليها لاستقرار المنطقة ضروري. ومن شأن ذلك نجاحها في تحقيق بعض اهدافها وليس كلها شرط ان لا ترتكب "خطأ الشاطر الذي يساوي الفاً". ولا ضمان لذلك لأنها ارتكبت مثله عام 2004 وعام 2005 وأدى الى ما أدى اليه. انطلاقاً من ذلك يتمنى اللبنانيون الراغبون فعلاً في إنهاء ملف "العداء" مع سوريا ان يهتم الذين طمأنوها في العالم بطمأنتهم ايضاً، لأنهم يحتاجون الى ذلك كثيراً.
التعليقات
امبراطورية نون
معاوية -يعتقدون أن خروجهم من لبنان هو بداية إنهيار الامبراطورية النصيرية التي أسسها حافظ أسد على مقابر الشعبين الجماعية، ولن يكلوا ولن يملوا حتى يعودوا وستكون هذه المرة الى الأبد ومن يعتقد غير ذلك فهو واهم، ظاهرهم غير باطنهم وحقدهم وغدرهم لا حدود لهما فإن ابتسموا لك يعني تشهد على روحك ، فهل نعتبر أم نحتاج لمزيد من الدمار والخراب؟
تعليق
سليمان -مع تحفظي على مضمون المقال ومايرمي اليه ولكن اريد القول ان لبنان كان وسوف يبقى مجرا في الفلك السوري وهذا جزء من التاريخ والجغرافيا لا يستطيع احد تغيره الان او بالمستقبل كما ان انظار العالم واهتمامها لايتجه الى لبنان فلا احد يتوهم فهذا البلد لايشكل اي رقم دولي او اقليمي ولااهمية اقتصادية او غيرها له فالاهتمام هو بحماية اسرائيل من سوريا وحلفائها العسكريين في لبنان فالغرب يعتبر لبنان قاعدة لاغير لسوريا وايران تضرب اسرائيل من خلالها ولذلك يريد الغرب استقرار وسيادة وحرية للبنان كثرت هذه الشعارات الخلاقة في المرحلة الجديدة لاخراج القاعدة العسكرية السورية الايرانية (لبنان ) من معادلة الاوراق الضاربة لاسرائيل . الاحلام والاوهام التي وقع فيها اللبنانيون بالفعل مثيرة للضحك
من يهتم بك
someone -هل تعتقد يا سيد سليمان ان اللبنانيين مهتمون اصلا بتصنيفاتكم الرجعية ولغتكم الخشبية في الخطابات الممجوجة وتحليلاتكم البالية؟ نحن مهتمون بمصالحنا الاقتصادية في العالم كله وبترقية مستوانا التعليمي والحضاري اكثر مما هو راق حتى الآن ومهتمون بصورتنا في العالم المتحضر
مستواكم الحضاري!!!!
حنظلة -من اللغة الخشبية التي يستخدمها بعض اللبنانيين و يصدقونها هي كلامهم عن الرقي و الحضارة التي هم فيها!!! هل هم يعيشون في لبنان فعلاً؟ألم يشاهدوا طرقات لبنان؟ فقراء لبنان الذين يزيدون يوماً بعد يوم؟ صناعة لبنان المنهارة التي لم يسمع بها أحد؟ زراعة لبنان التي لا يسد ريعها رمق المزارعين؟ هل من الرقي و الحضارة ان تكرهوا بعضكم البعض لدرجة تمني القتل لبعضكم؟ و لا تكتفون بعنصريتكم الناتجة عن مدى تفكيركم المتخلف و المنغلق في لبنان بل توزعونها يميناً و شمالاً على الشعوب الأخرى خصوصاً التي تحسون بعقدة نقصكم تجاهها.... فرجاء كفوا عن الحديث عن رقيكم الذي أزكم انوفنا