لبنان: اضطراب سياسي يوحي بمحاولات لتعديل «قواعد اللعبة»
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
أوساط ترصد "حملات متنقلة تثير الريبة"
بيروت
رغم الجرعة الواضحة التي اكتسبها استحقاق الانتخابات البلدية والاختيارية في لبنان وسط مؤشرات الى ترجيح اجرائها في موعدها ابتداء من 2 مايو المقبل، لا يوحي المناخ السياسي العام بأجواء صحية ومستقرة بالكامل، بل ان مؤشرات مضطربة وقلقة تتصاعد ببطء على سطح الوضع السياسي.
فهذا الاستحقاق ولو امكن تمريره في موعده، لا يبدو ذات اهمية مفصلية لأنه لن يبدل في خريطة المشهد السياسي الكثير، نظراً الى طغيان العامل العائلي والأهلي عليه بما يحول دون توقع اي متغيرات سياسية تذكر في الواقع الداخلي. ولذا لا تبدي القوى السياسية اهمية استثنائية لنتائج الاستحقاق الا بمقدار ما يحفظ لها مواقعها الحالية او يحسنها نسبياً اذا امكن.
اما الجانب الآخر من المشهد السياسي، فبدأ يثير فعلاً مجموعة تساؤلات قلقة عن مسار العمل الحكومي والخريطة السياسية التي تحكمه في ضوء ملفات تفتح تباعاً من جانب فريق يعتقد كثيرون انه يتولى واقعياً محاولة إحكام رقابته وموقفه على مجمل الوضع.
وفي هذا السياق، تقول اوساط سياسية مطلعة لـ "الراي" انه لم يكن من باب المصادفة ابداً، ان بدأ اطراف قوى 8 مارس منذ اكثر من شهر عملية منهجية في الضغط المتجول تارة على الرئيس ميشال سليمان وطوراً على رئيس الحكومة سعد الحريري وغالباً عبر ملفات معينة مثل موضوع الاتفاق بين الولايات المتحدة والحكومة حول هبة لقوى الامن الداخلي، واخيراً لا آخراً موضوع المحكمة الدولية.
وفي رأي هذه الاوساط ان الخط البياني لهذا النهج يعكس على الارجح شعوراً ومعطيات لدى المعارضة السابقة والشريك السلطوي راهناً في "حكومة الوحدة الوطنية" بإمكان تحسين مواقعها وتسجيل مكاسب معنوية على حساب فريق 14 مارس، ضمن تزامنات او نقطة تقاطع بين تزامنات داخلية وخارجية ملائمة. وهذه التزامنات تبدو واضحة تماماً في ضوء العودة قليلاً الى الوراء. ذلك ان الوضع الداخلي بدأ يشهد توترات ملحوظة بعد قمة دمشق الشهيرة بين الرئيسين السوري بشار الاسد والايراني احمدي نجاد بمشاركة من الامين العام لـ "حزب الله" السيد حسن نصرالله، وانطلقت على نارها الحملات على رئيس الجمهورية على خلفية تحديده الموعد الاول للحوار غداة هذه القمة. ثم بدأ وضع دفتر الشروط الضمني والعلني للزيارة الثانية لرئيس الحكومة لدمشق، فتحول عنوان الزيارة من "مراجعة الاتفاقات الثنائية" الى تطويرها وتوقيع اتفاقات جديدة، الى جانب تصاعد الحملة على "القوات اللبنانية" في محاولة لعزلها. من دون اغفال زيارة النائب وليد جنبلاط لدمشق التي ادرجها حلفاء سورية في اطار المزيد من الاختلال الداخلي على حساب قوى الاكثرية وبدأوا يتصرفون على هذا الاساس. ثم كانت المواقف التي اطلقها نصرالله من المحكمة الدولية والتي رسمت واقعياً آفاقاً واضحة لقيود محتملة او في اقل الاحوال لاحتمالات شديدة الغموض. وحالياً بدأ اطلاق شعارات تتصل بأولوية المقاومة على اي امر آخر بما فيها الوحدة الداخلية.
كل هذا يجعل الاوساط نفسها تعتقد ان ثمة شيئاً يثير الريبة في هذا النهج لأنه ينمّ عن حراك واضح لدى فريق 8 مارس بغية تسجيل مكاسب ونقاط من شأنها ان تحدث انعكاسات سلبية على المستوى الوطني العام.
وقالت انه يتعين ترقب زيارة الحريري لدمشق وما ستفضي اليه لفرز اذا كان ما يجري يندرج في اطار التحضيرات لهذه الزيارة ام بما هو ابعد منها.
في موازاة ذلك، تفاعلت قضية إطلاق النار على مواطنين في منطقة عيون ارغش (تربط بين البقاع والشمال) والتقارير "المسرّبة" عن ضبط طنّ من الحشيشة وكمية من الأسلحة المتوسطة في المنطقة نفسها.
وفي رأي الأوساط السياسية واسعة الاطلاع، ان هذه القضية التي واكبتها حملة على "القوات اللبنانية" اتهمتها بالوقوف وراء حادث إطلاق النار و"حمايتها" الاسلحة (قيل انها تحمل عبارات عبرية وإشارة "القوات") والمخدرات، تشكّل "رسالة سياسية واضحة" الى "القوات" في إطار المساعي لتطويقها ربطاً بدورها المحوري في قوى "14 مارس" تمهيداً لمحاولة فك "الرباط" بينها وبين "تيار المستقبل" وتالياً استفراد رئيس الحكومة.
وتلفت الى مفارقة ان الحملة على "القوات" التي كادت ان تتحوّل "كرة ثلج" من مواقف متلاحقة لحلفاء لسورية انطلقت بناء على "تسريبات" تم "تعميمها بالحرف" على وسائل الإعلام، ولم يصدر حتى اليوم عن مديرية التوجيه في الجيش اي تأكيد لها، علماً ان مديرية المخابرات لا تزال تحقق مع موقوفيْن.
وفي اول تعليق له على هذه القضية، وضع رئيس الهيئة التنفيذية لـ "القوات" ما يتعرض له حزبه في إطار "الحملة المبرمجة بكبسة زرّ من وراء الحدود" (في اشارة غير مباشرة الى سورية)، مشيراً الى ان مَن يقوم بها "هم من العملاء الذين لم يشبعوا عمالة طوال 15 عاماً وهم لم يتعلّموا من الأساليب التي استخدموها بين 1991 و2005"، ولافتاً الى أن "العمل السياسي للبعض قائم على التظلم والتجني وفبركة الاخبار".
وقال جعجع انه لن يبرر أياً من المعلومات التي صدرت في الاعلام حول حادثة "عيون أرغش" باعتبارها "إدعاءات ولا تستند الى أي معطيات"، ومؤكداً أنه "ينتظر ان يبت القضاء في هذا الموضوع".
وأشار الى أن "معظم سكان منطقة "عيون أرغش" والمنطقة الممتدة من دير الاحمر وصولا الى الارز هم من المؤيدين للقوات اللبنانية". واذ اكد ان لا معطيات لديه حول صحة ضبط اسلحة ومخدرات، قال: "تم تفكيك شبكات متعاملة مع الموساد وبعض المتعاملين كانوا قريبين من حزب الله، فهل يجوز قول ان الحزب متعامل مع اسرائيل؟ ولو افترضنا ان مؤيداً للقوات في هذه المنطقة او تلك تاجر بالمخدرات او اقترف اي جرم فهل يجوز تحميل الأمر لحزب القوات".
واعلن وزير الدفاع الياس المر ان حادث "عيون ارغش" هو في اطاره القضائي "والجيش وضع يده على الحادثة"، داعيا الى "عدم تسييسها واعطائها حجما في السياسة اكثر مما تحتمل".
وأكد بعد لقائه امس البطريرك الماروني الكاردينال مار نصرالله بطرس صفير "ان موضوع عيون ارغش لا يتعدى عملية الاتجار بالمخدرات ولا خليفات سياسية له، ولا احزاب تقف وراء هذا الحادث". في هذه الأثناء، غادر رئيس الجمهورية بيروت متوجهاً إلى الدوحة في زيارة سريعة للمشاركة بصفة ضيف شرف في احتفال مرور 30 عاماً على تأسيس الأمانة العامة، لاتحاد غرف دول مجلس التعاون الخليجي، بناء على دعوة من أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني.
سليمان، الذي كان التقى قبل توجهه الى قطر نظيره الكازاخستاني كريم ماسيموف، يعود اليوم الى بيروت لترؤس جلسة لمجلس الوزراء لاقرار آلية التعيينات الإدارية، حيث توقعت مصادر وزارية أن تمر بسرعة باعتبار ان اللجنة الوزارية التي وضعتها تمثل كل القوى السياسية الممثلة في الحكومة.
وعشية هذه الجلسة، ترأس الحريري امس جلسة عادية لمجلس الوزراء يفترض ان يكون تطرق خلالها الى الزيارة التي يعتزم القيام بها لسورية في النصف الثاني من ابريل الجاري والوفد الوزاري الذي سيرافقه، علماً ان معلومات اشارت الى ان ما بين 8 و11 وزيراً سيتوجّهون الى دمشق مع رئيس الحكومة حيث سيتم التوقيع على عدد من الاتفاقات الجديدة، أبرزها اتفاقية قضائية - امنية واتفاقات تتعلق بالربط الكهربائي وفي المجال الزراعي والاقتصاد والمياه والسياحة.
وفي ملف البلديات، سجّلت "بورصة" هذا الاستحقاق، الذي لايزال حتى الساعة محكوماً بان يجري ابتداء من 2 مايو وفق القانون النافذ حالياً، مجموعة تطورات عشية الجلسة الاولى للجان النيابية المشتركة لدرس مشروع القانون الجديد للبلديات واصلاحاته. وأبرز هذه التطورات:
gt; تحديد وزير الداخلية والبلديات زياد بارود منتصف ليل 21 ابريل كمهلة أخيرة لتقديم تصاريح الترشيح الى الجولة "البلدية" الاولى في جبل لبنان.
gt; اعلان ولادة تحالف بين الحزب "التقدمي الاشتراكي" (يترأسه جنبلاط) و"الحزب الديموقراطي اللبناني" (يترأسه النائب طلال ارسلان) في الانتخابات البلدية.
gt; طلب النائب ميشال المر من انصاره ومؤيديه "الاستعداد للانتخابات كأنها ستجرى غدا لاننا، نحن وانتم لسنا ضائعين".
gt; بروز موضوع الانتخابات في بيروت بعدما كان "تيار المستقبل" و"التيار الوطني الحر" أجرى مشاورات أولية في هذا الصدد في اللقاء الذي جمع الحريري والعماد ميشال عون الاسبوع الماضي.
وعُلم في هذا الإطار، ان ثمة مسعى للوصول الى تفاهمات واسعة تعوض مطلب عون تقسيم بيروت دوائر وكذلك سقوط أي احتمال لاعتماد النسبية التي يتضمنها مشروع القانون الجديد. وفيما تحدثت معلومات عن تخصيص ثلاثة مقاعد في لائحة ائتلافية في بيروت لـ "التيار الوطني الحر"، اشارت تقارير أخرى الى ان "الجنرال" يريد بين 6 و8 اعضاء من اصل 12 مسيحياً في مجلس بلدية العاصمة الذي ارسى الرئيس الشهيد رفيق الحريري عُرْف ان يتم تقاسم مقاعده الـ 254 مناصفة بين المسيحيين والمسلمين.
gt; تشديد رئيس حزب الكتائب اللبنانية أمين الجميل بعد زيارته البطريرك الماروني الكاردينال مار نصر الله بطرس صفير على ضرورة حصول الانتخابات البلدية في موعدها.
gt; تأكيد نائب "حزب الله" نوار الساحلي أنَّه "إذا كان هناك توافق سياسي لتأجيل الانتخابات البلدية يسمى تأجيلاً تقنياً، فحكماً سنكون معه، ونحن والحلفاء أصبحنا جاهزين للانتخابات ولكن لن نبادر باقتراح التأجيل".
وقال الساحلي: "المناصفة هي عرف وليست واقعاً، وهذا اعتراض رئيس العماد عون دفاعاً عن الشرائح المسيحية في بيروت"، مؤكداً السعي لـ"التوافق في بيروت لمصلحة العمل الإنمائي". من ناحية ثانية، نقل ارسلان، عن الرئيس بشار الأسد حرصه "على افضل الصلات مع كل اللبنانيين من دون تمييز"، مشيراً الى ان "للدروز مكانة كبيرة لدى الرئيس الاسد الذي يملك حرصا كبيراً على كرامتهم".
وأكد في مؤتمر صحافي عقده غداة زيارته دمشق، ان "عودة العلاقات اللبنانية - السورية الى اطارها الصحيح ستكون خشبة الخلاص التي ستنقذ لبنان من لعبة الامم"، مشيراً الى ان "هذه الخشبة تحمي لبنان وتحصنه وتقوي دفاعاته وتكسبه مناعة".