عائشة والنجيمي..رفض الوصاية.. وإرث القداسة
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
حصة محمد أل الشيخ
إن أطعنا- مرغمين- فالعقل لا يذعن ولا يستجيب، إذ الشيخ يوزع تقسيمات الفقهاء حسب رؤية مزاجية طاعنة في الرمزية والتقوقع، فالاختلاط حرام على الشعب حلال على الفقيه، وعندما انكشف المستور لدى فقيه فقه القرون الغابرة بانتشار الصور انقلب سبب الاختلاط من عارض إلى اختلاط ذنب مجالسة، ولكنه ليس أي ذنب، بل ذنب الفاهم الخبير، والفقيه المتفيقه، المدقق للذنوب بتفريعات أهلكت الإنسان بحجج ذات تهويمات خارجة عن الطبيعة، لتوزع حسب مكانة صاحبها، فتبرّئ ساحة الشيوخ "فقط" من ذنب الاختلاط عارضاً كان أو مجالسة، فتحسنه بارتكاب أخف الضررين، ولا أدري كيف- حتى- وظف هذا التعليل، الذي يفقد علته، فضلا أن يجد له معلولا يدور في أجواء منطقته، فهل كان الشيخ مقيدا بسلاسل ليضطر راكباً الصعب، مختاراً بين خيارين أحدهما أمرّ من الثاني؟! وهو الذي اتفق مع الأستاذة عائشة الرشيد مؤكداً حضوره رغم علمه أن الحضور كله نساء! ولكنها- ربما- حيل الفقهاء عندما يحشرون في الزوايا الضيقة لتبرير تصرفاتهم الفاقدة عرضيتها فضلا عن مجالستها لعقل أو منطق، ولأن قدسيتهم عودتهم ألا يسألوا عن شيء وهم يسألون ما طاب لهم، بل ويتهمون الناس بوزر هم له عاملون، فبدل أن يتراجع ويذكر أنه أخطأ في تحريم الاختلاط خاصة في دور العلم يصر بارتكابه أخف الضررين، وياله من ضرر! فالصور تظهره وهو يكاد يغمى عليه من الونس، وتدور عيناه في كل اتجاه، لا بأس فالبحلقة والاختلاط خاصة لفئة خاصة، ويا حسرة من لم يدخل ضمن أجواء القداسة، عندئذ لن تكفيهم دموع إثمه ولا تبرير ذنبه، وسيحرم صك الغفران وليذهب إلى الجحيم وإن استخدم كل مبررات الفقهاء السقيمة منها والعظيمة، فالعقل اللاهوتي ومسلماته أدانته بالجرم المشهود وسيجلد تعزيرا على إنسانيته، وإن طفح العلم من مجلس المخالطة!
جاء الحوار على الهواء الفضائي لما بين الأقواس:
"أعلى ما في خيلك اركبيه"، "أنتِ صفر على الشمال"، "أنا ولد قبايل وولد حمايل أحترم الناس"، حتى احترام الآخرين يخضعه الشيخ لتكافؤ النسب، فلير كل منا نسبه فقبيلته تحدد احترامه من عدمه؟! "توقعت أن الصالة أولها رجال وآخرها نساء"، طبيعي فالمرأة خلفية لوجود الرجل تحفظ بقاءه فقط وإلا ليس لها إلا عاطفته الميزوجينية، "غلّبت المصلحة وحضرت"، ما المصلحة التي غلبها؟! الله أعلم، "تبادلت النكات مع القواعد من النساء"، فالنكت جائزة ولكن تحدد بعمر القواعد!! علاقة غرائبية، وفي خضم أن الرجل لا يصل لهذه السن أبدا، لم يوضح كيف قرر سن القاعدة كما أفتى بها، هل كل امرأة قدمت له شهادة ميلادها كقاعدة قبل الممازحة؟! وماذا بِشأن صورته مع سمر المقرن الضاحكة، أيعتبرها قاعدة أم أن صورتها الأخرى مدبلجة؟!
إن أحد مفهوم الإربة في قوله تعالى "غير أولي الإربة من الرجال" وأقربها للمعقولية "الشيخ الكبير الذي لم يعد له حاجة في النساء"، لكن السعودي سبحان الله لايبلغ هذه المنزلة؟! بدليل أن النجيمي وصف الأستاذة عائشة بأنها من القواعد وهو أكبر منها، هذا والله أعلم، فالحفل كان به أكبر وأصغر من عائشة، فهل جميعهن قاعدات؟! هذه الحجة دائما تتجلى كتنفيس عن الغضب تتكرر في المنتديات المتشددة والرجعية، كدليل انعكاس اهتماماتهم اللاواعية تجاه المرأة التي لا تخرج من إطارهم الفكري الصبياني المراهق وإن بلغوا من العمر عتيا، ولم يعلموا أن هاجس المرأة العقلي أرقى من تفكيرهم الجسدي المرتهن للشهوات المنحدرة، التي وصلت لانتهاك براءة الطفولة، لتصبح تباع وتشترى وتقتل تحت أجساد الخاملين بعقولهم الماضين على شفير هاوية شهواتهم!
تتجلى الفردانية والوصاية بين عائشة والنجيمي من واقع رؤيتها لجوهر الدين الذي يرفض الوصاية ويرى العلاقة سليمة بين العبد وربه، لا بين المرء والفقيه، بعد أن أشغلها بالحجاب مشترطا لبسها له للدخول لمجمع الفقه ناهرة تدخله بقولها "وانت شكو" مستدلة بالآية الكريمة "عليكم أنفسكم لايضركم من ضل إذا اهتديتم"، لكنه تربى على الوصاية وفي ظل حمايتها استنشق كراماته، قدسية تعدت رضا الرجال، إلى المكان الذي شهد سخرية تحليل المسيار، ومقارنته بالبيت الحرام، مسكين البيت الحرام تلقى هذا الشهر من المتفيقهين أمورا لم يعتد عليها، فمن تقديس مشابهة، إلى هدم كامل منعاً للمباح وقسراً للطبيعة!
أعتقد جازمة أن الصدمة التي عانى منها النجيمي تحتاج لجهد إفاقة، ولابد منها ياشيخ، فالوضع اختلف، وقد أحرجتمونا كثيرا وأنتم تنتقلون بخصوصيتكم لمجتمعات ترفض- وحق لها - فرض قدسيتكم عليها، لذا أقدر صدمتك ولكن بشرط أن تخضع إدراكك للواقع، فعدم وعيكم كثيرا ما سبب سخرية الآخرين ونحن لسنا بناقصين، كفانا واقعنا الذي نأكل علقاته صباح مساء، وأنتم تلبسون مشالح القداسة وتعتمرون الشماغ بلا عقال لأجل الوجاهة واكتمال الصورة الذهنية الشكلانية المبجلة كرموز نعيش في كنفها ونصطلي بتناقضها!
الشيخ طبعا انطلق من صدمته بحق نزع أغلال رمزيته التي تتغذى على ليس أقدار الرجال الذين لا يُعرف الحق إلا بهم فقط، بل على التباهي بعدد مريديه عندما تحدى بشعبيته شعبية الأستاذة عائشة بستمئة ألف انضموا لحملة "كلنا نجيمي"، ليؤكد الحق في شخص النجيمي! وبصورة حية لتسويق الداعية النجم!
إننا، لنتغير ونغير علاقتنا مع الإنسان ينبغي أن نهدم عالم فقهاء الانغلاق، ونظامه الفكري، وحقله الإبستمولوجي، ونبني على أنقاضه فقه الواقع، فالعلم الحديث لا يتشكل إلا بتغير علاقة الإنسان مع نفسه ومع العالم ومع الله أيضاً.
ختاماً: عذراً أستاذة عائشة الرشيد، اقبلي اعتذار من تريد تقديمه لك مني أصالة ونيابة عمن يشاركني الرأي "والعذر والسموحة".