جريدة الجرائد

عرب القسمة على اثنين

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

ماهر ابو طير

تفتت العالم العربي ، ومعادلة القسمة على اثنين ، مقبولة في الارقام ، غير انها امست معادلة سياسية ، بامتياز ، في مشرق العرب ، ومغربهم ربما.

"القسمة على اثنين"وطنيا ، هو اخطر مانواجهه في العالم العربي.الانشطارات تتوالى في العالم العربي.شمال السودان وجنوبه.المسلمون والمسيحيون.في العراق كل شيء يعمل تحت وطأة هذه المعادلة ، اي القسمة على اثنين ، عرب واكراد.سنة وشيعة.حتى المذهب الواحد يخضع لذات المعادلة.العراقيون الشيعة من التيار العروبي ، والعراقيون الشيعة من التيار الايراني ، ومن العراق نذهب الى لبنان ، فتكتشف ان القصة ذاتها ، مسلمون ومسيحيون.موارنة وغير موارنة.شيعة حركة امل ، وشيعة حزب الله.حتى جماعة امريكا في لبنان انقسموا على اثنين.

المحاصصة وتفتيت الوحدة الاجتماعية والسياسية ، نهج امريكي بحد ذاته ، ومقصود لذاته ولنتائجه ، ولم يأت عبثا.اليوم نتحدث عن اكثر من عراق واحد ، ولبنان واحد ، وسودان واحد ، والمرض يمتد من بلد الى بلد.المحاصصة الطائفية والمذهبية والجغرافية والسياسية ، مقصودة ومطلوبة.حتى في فلسطين كل شيء قابل للقسمة على اثنين ، وقد كنا نسمع عن ثورة فلسطينية واحدة ، لكننا نسمع اليوم ، عن فتح وحماس ، عن غزة وعن الضفة ، وغدا سنسمع ، عن الحارات التي ستخضع لمعادلة القسمة على اثنين ، وهي معادلة انشطارية ، بدأت بالمحاصصة الفصائلية ، وامتدت الى كل شيء.

لماذا تخوض واشنطن حروبها المقدسة وغير المقدسة ، بعد يومنا هذا.حروب التقسيم والتفتيت اسهل واقل كلفة.واشنطن تخسر اذا ارسلت جندها الى الجغرافيا العربية المريضة والهشة.بدلا من ذلك استحدثت معادلة "القسمة على اثنين"وغذتها بوسائل مختلفة.وجلست تتفرج على هذه الهشاشة التاريخية التي لم تحتمل رصاصة عابرة ، حين خرج العرب من داخل موقد النار وقد اشتعلت وجوههم وافئدتهم بحقد غريب ، كامن منذ الاف السنين ، لان مثل معادلة "القسمة على اثنين"لاتعمل ولاتنجح ، الا اذا وجدت قابلية للنجاح ، وقد اكتشفنا اننا عرب القسمة على اثنين.لم نأخذ من الرياضيات سوى هذه المعادلة ، اما الجمع والطرح والضرب ، فمن نصيب من انتج هذه المعادلة وزرعها بيننا.

المؤسف حقا ، اننا مثل الخلايا الانشطارية في العالم العربي ، سياسيا واجتماعيا ، ننشطر دوريا ، وكل خلية تتولد منها خلايا انقسامية اخرى.ما سرّ هذه الهشاشة التاريخية ، التي تجعل كل الارقام الفردية والزوجية لدينا قابلة للقسمة على اثنين.لاتوجد ارقام عصية على القسمة.الكل قابل للقسمة ، وكأن بيننا ثارات منذ اربعة الاف عام.لترتاح واشنطن ومن معها.فهذه ثقافة اثبتت انها معقدة ومركبة ، ليست بحاجة الى كثير من عمل ضدها.مبدأ القسمة على اثنين بديل الاحتلالات والحروب المباشرة ، وهو مبدأ اكثر خطرا منها ، لان كثرة منا تتبناه بحسن نية او سوء نية.

مادمنا نؤمن بالقسمة على اثنين ، فاننا سنرى ماهو اسوأ واكثر بشاعة في مقبل الايام.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف