تفعيل التعاون الخليجي
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
عامر ذياب التميمي
مازالت دول مجلس التعاون الخليجية تواجه معوقات مهمة لتفعيل التجارة البينية والاستثمارات داخل المنطقة وتأتي معظم تلك المعوقات من مفاهيم إدارية محلية في هذه الدول، ومن تعنت البيروقراطية، وعدم استيعابها للمفاهيم الاقتصادية الحديثة التي تؤثر السلاسة والتبسيط في الإجراءات يضاف إلى ذلك حزمة من القوانين والأنظمة التي تعطل التجارة والاستثمارات البينية وتمنع تعزيزها.
وعلى الرغم من أن الهدف الأساس لمجلس التعاون الخليجي هو أن تصبح المنطقة موحدة اقتصادياً، إلا أن هناك الكثير من النصوص القانونية والأنظمة الإدارية التي تكرس الحمائية وتحول دون توسيع الملكية لمختلف المواطنين والمؤسسات في مختلف بلدان المنطقة. لكن بعدما وضعت اتفاقية السوق الخليجية المشتركة موضع التنفيذ يفترض أن تذلل هذه العقبات بصورة واضحة.
هناك معلومات صحافية تفيد بأن دول مجلس التعاون تعد مشروعاً يؤدي إلى تحرير السلع والخدمات، ويمكّن من تنظيم أفضل لعمليات الاستثمار البينية.. ولا بد أن تكون من أهداف هذا المشروع تطوير البنية القانونية والمؤسسية التي لاتزال بعيدة عن تحقيق التكامل الاقتصادي، أو على الأقل، الدفع بالأعمال التي توفر أرضية أفضل للتعاون بين قطاعات الأعمال والاستفادة من الإمكانات المالية والبشرية وتوسيع آفاق الاندماج والاقتناء للمؤسسات القائمة في مختلف بلدان المنطقة.
غني عن البيان، أنه يفترض أن تعمل الأمانة العامة لمجلس التعاون على تحديد الآليات والأدوات التي تؤدي إلى تحسين التبادل السلعي وتوظيف الأموال في البلدان الخليجية. ويفترض أن تتم الاستفادة من التجربة الأوروبية واعتماد جداول زمنية لإنجاز مختلف الأهداف ومتابعة التنفيذ من خلال آليات ملزمة للدول الأعضاء كافة في مجلس التعاون. وقد يكون من المفيد الاستفادة من خبرات غرف التجارة والصناعة، والتي يفترض أن يكون أعضاؤها من المهتمين بتطوير وتعزيز التعاون الاقتصادي لما يحقق ذلك من نتائج طيبة على أعمالهم.
إن الاعتماد في تحقيق الأهداف على الأجهزة الحكومية لن يكون كافيا، حيث يجب أن يتم التعرف إلى ملاحظات واقتراحات قطاع الأعمال في مختلف الدول الأعضاء.. يمثل القطاع الخاص الخليجي أهمية في عملية التكامل الاقتصادي والدفع نحو المزيد من التدفق الاستثماري بين بلدان المنطقة.. وفي هذا الشأن يجب أن تتوجه الأموال نحو المشاريع المجدية والتي تتمتع بميزات نسبية في أي من البلدان، ولا يجوز تركيز هذه الأموال في قطاعات مشبعة، مثل القطاع العقاري، أو قطاع المصارف.. لاتزال هناك أعمال تتطلب الاهتمام، ويمكن أن تمثل فرصاً استثمارية مناسبة.
ثمة قضايا عديدة لا بد أن تشغل بال الإدارات الاقتصادية في دول الخليج كافة.. ويمكن أن نزعم بأن العلاقات الخليجية مع الكيانات السياسية الأخرى تمثل تحديات مهمة، من هذه الكيانات بلدان الجوار مثل العراق واليمن وإيران ـ كيف يمكن استيعاب علاقات اقتصادية مع هذه البلدان من دون الإضرار بالمصالح الخليجية، وبما يسهم في دعم الاستقرار في المنطقة؟
قد تمثل هذه البلدان فرصاً لتصدير السلع المصنعة في بلدان الخليج، ما يعني أهمية الوصول إلى تفاهمات بشأن الأنظمة الجمركية والتسهيلات المناسبة للواردات والصادرات بين منظومة الدول الخليجية.. وكذلك تمثل هذه البلدان، إذا ما استقرت اقتصادياً، مجالاً خصباً للاستثمار في قطاعات مهمة فيها.. من جانب آخر لا بد من التعامل الجماعي مع الاتحاد الأوروبي والتوافق حول سياسات بشأن التعامل مع التجارة، الاستثمار وحركة الأفراد.
لا ريب أن هذه الأمور تفرض على دول الخليج مراجعة كل ما هو متخذ من قرارات، والتعرف إلى مستويات الإنجاز، وما إذا كانت هناك أوضاع تتطلب المعالجة والإصلاح.. وعلينا أن نعترف بأن ما أنجز حتى الآن لا يتسق مع الطموحات، ما يتطلب المزيد من التفكير للتمكن من تحويل مجلس التعاون الخليجي إلى منظومة اقتصادية ذات جدوى وذات أهمية للدول الأعضاء كافة.