المنهج التعليمي والغزو العراقي
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
يعقوب أحمد الشراح
كان لي شرف المساهمة مع اخوة اعزاء من التربية في تأسيس "المركز التربوي" في القاهرة اثناء الغزو العراقي للكويت، فلقد تطوع الكثيرون للعمل معي في المركز، وكان لكل منهم دور فاعل في نجاح واتاحة فرص التعليم لأكثر من (4) آلاف طالب وطالبة من الكويت كانوا متواجدين آنذاك في القاهرة من خلال الالتحاق بالمدارس المصرية في الفترة المسائية، بدل التشرد والضياع، خصوصا ان محنة الغزو كانت لها ردات فعل نفسية واجتماعية عالية التأثير على الصغار قبل الكبار.
ولم يكن المركز التربوي في القاهرة مهتما فقط بمتابعة شؤون تعليم الكويتيين في مصر، وانما كان له دور في وضع خطة واهداف التعليم بعد التحرير، واعداد الكتب المدرسية وطباعتها، وارسال لوازم التعليم كافة حتى تتمكن المدارس من العودة إلى التدريس بعد التحرير، وكان من ضمن المناهج التي اعدت آنذاك تدريس مقرر كامل عن الغزو العراقي، فضلا عن التوصية بادخال مفاهيم عن الغزو في غالبية مقررات، او مواد التدريس مثل الاجتماعيات، والتاريخ، والجغرافية والدين، والعلوم، والتربية الوطنية.
هذه التوصيات تمت ترجمتها عندما قامت اللجان في الاعوام الاولى بعد التحرير باعادة صياغة المناهج وظلت مطبقة في المدارس، ومع مرور الزمن بدأ انحسار التدريس وتقليص المفاهيم عن الغزو حتى الوصول إلى مستوى يبدو انه اثار ردات فعل المجلس النيابي الذي طلب البحث عن علاقة المنهج التربوي بمفاهيم الغزو العراقي.
لا ندري اسباب العزوف عن تدريس الغزو، او تقليص نوع وحجم المفاهيم عن الغزو في المدارس، وهناك من يرى انها تقلصت في مسار تعديل المناهج بسبب الحاجة إلى طي نسيان الماضي البغيض، والتحرك نحو المستقبل، خصوصا ان صدام وزمرته انتهى حكمهم بعد ان تحرر العراق من شرورهم، آخرون يرون ان الاسباب سياسية وأمنية، وان العراق يظل جارا ينبغي توطيد العلاقات معه على اساس الاحترام وتقدير حقوق وسيادة كل دولة.
طرف ثالث يرى ان تدريس المقررات عن الغزو العراقي ضرورة وواجب لانه جزء من تاريخ الكويت لاينبغي اغفاله او اهماله تحت اي ذريعة او اسباب، كما انه لايجوز التدخل في تغيير التاريخ مهما كانت الدوافع، هذا الاتجاه في الرأي نشاطره ونتفق معه بل ونطالب إعادة النظر في التغيرات التي طرأت على المناهج او المفاهيم عن الغزو في هذه المناهج خلال الفترة الزمنية منذ التحرير وحتى اليوم، ومحاسبة الاطراف التي تدخلت في شؤون المناهج في الاعوام العشرة الاخيرة والتي ادت إلى ضعف تناول الموضوع في المناهج ولغالبية مراحل التعليم، فلا يكفي تدريس الغزو في النشاطات المصاحبة للمنهج او في بعض المواد، وانما لابد من تدريسه كجزء مهم من تاريخ البلاد.