جريدة الجرائد

عشتو الفضائيات

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

عبدالله بن بخيت

التكنولوجيا لا تأتي دائما لتلبي الاحتياجات. في بعض الأحيان تخلق احتياجات. أفضل مثال... الفضائيات. كنا نعيش على قناتين. وصلت الآن إلى أكثر من ألف قناة. معظمها لا تشبع حاجة أساسية عند الناس. وجدت وعلى المرء أن يفكر في مشروع يستفيد منها. أجمل ما في فضائياتنا أنها خلقت احتياجاتها وخلقت أيضا شريحة اجتماعية تعبئها. شريحة ليست من طبقة الإعلاميين وليست من طبقة المثقفين وليست من طبقة المتدينين. لا ينتسبون إلى أي من الشرائح التقليدية المعروفة. عند أقصى درجات التسامح نستطيع أن نسميهم فضائيون. عملهم تعبئة الوقت والإثارة وصنع الفلوس لصاحب القناة. وظيفة جديدة غير مسبوقة. وجوه تظهر على الفضائيات تحت أستار مختلفة. هذا يدافع عن الحجاب وهذا يدافع عن فلسطين وهذا يدافع عن الليبرالية وهذا يدافع عن الدراما إلى ما لا نهاية. قضيتهم التي يتحدثون عنها ليست هي القضية وإنما قضيتهم الحقيقية تلبية احتياجات فضائية. قد يأتي من ينسبهم إلى الإعلاميين. غير صحيح. ما يؤكد أن هؤلاء خارج تركيبة الإعلاميين أولا هؤلاء لا يتقاضون فلوساً على جهدهم هذا. الشيء الثاني ستراهم غير مقيدين بقناة واحدة بعينها. الشيء الثالث غير ملتزمين بتوجه القنوات الفكري. تجده ليبرالياً ويطلع على قنوات دينية متعصبة وتجده داعية بلحية طولها متر و يترزز على قناة فاسقة. الشهرة إحدى أهم المكافآت التي يحصلون عليها لكن هناك مكافأة خفية لا يراها المشاهد.

لا أتوقع أن هذه الشريحة يمكن أن تكون بهذا الحجم لو كان مقر الفضائيات مدينة الرياض. دقق سترى أن الفضائي من سكان الرياض. إذا كانت المقابلة في الرياض يتردد ويتشرط أو يرفض لكن إذا قالوا في دبي يطمر فإذا به في المطار وما عنده مانع يسوق الطيارة بنفسه. العدة جاهزة في السيارة دائما. شنطة صغيرة, لاب تب والجوال وبطاقة صراف في الجيب أصلا. بعد ما ينتهي من جوازات مطار دبي يلف على يدك اليسار ويأخذ جولة متأنية في الدكان الكبير. بعد حوالي نصف ساعة يكون وصل إلى مواقف السيارات وبعد ساعة تقريبا يكون في الفندق. المقابلة التلفزيونية غدا. لكن الوضع الفضائي يبدأ من الآن. من هذه اللحظة التي استلم فيها مفتاح الغرفة وأودع اللاب توب والشنطة والكرتون وبدل الثوب ولبس البنطلون. سيشعر بقليل من المرارة عندما يتذكر أنه سوف يواجه دبي بهذه الصلعة اللماعة. لكن للفضاء أحكاماً. المطعم الفاخر الواقع في الدور الثلاثين سيزيل المرارة. بعد ساعتين ينزل منشرحا متجاوزا صلعته. يتجه على الفور إلى البوفيه المفتوح. قمبري سوشي هامور وسمك مدخن. غسل معدته من تراكم الشكشوكة اليومي. ينتصف الليل وهو يوقع على حساب القناة المضيفة. سينام الساعة الخامسة صباحا ويستيقظ الساعة الثالثة ظهرا. الفطور راح عليه. سيكتفي بالقهوة الأمريكية ثم يبدأ يومه بالسوشي والقمبري. بعد ساعات قليلة سيكون على الهواء. يجهز الغترة البيضاء والبشت والثوب الأبيض. يفتح اللاب توب وعلى قوقول ثم يتصل على معد البرنامج ويسأله السؤال المعتاد: إش الموضوع اللي بناقشه؟

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف