جريدة الجرائد

القاعدة الروسية في سورية

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

عبدالعظيم محمود حنفي

ميناء طرطوس السوري كان مرشحاً ليكون ذا أهمية في الستراتيجية العسكرية الروسية الجديدة


العلاقات بين روسيا وسورية قديمة تعود الى عام 1946 عندما أيدت موسكو حق سورية ولبنان في الاستقلال الكامل, ودعت إلى إخلاء البلدين من القوات الفرنسية والبريطانية. وتطور التمثيل الديبلوماسي للبلدين في نوفمبر عام 1955 عندما باتت السفارتان تمثلان سورية والاتحاد السوفياتي في عاصمتيهما. وفي عام 1957 وقعت الدولتان اتفاقيات للتعاون العسكري والاقتصادي والفني. وشهد التعاون بين موسكو ودمشق تطورا نوعيا إبان عهد الرئيس الراحل حافظ الأسد. وتوج تطور العلاقات بتوقيع معاهدة الصداقة والتعاون في عام 1980. وتظل هذه المعاهدة سارية المفعول. وأقامت سورية ما يزيد عن 80 مشروعا اقتصاديا كبيرا بمساعدة الاتحاد السوفياتي, ومنها المنشآت المائية على نهر الفرات ومحطة "تشرين" الكهربائية ومصنع الأسمدة في حمص.. وساعد الاتحاد السوفياتي سورية على إنشاء خطوط حديد يبلغ طولها نحو ألفي كيلومتر, وعلى مد خطوط لنقل الكهرباء يبلغ طولها 3.7 ألف كيلومتر. وتمكنت سورية بفضل ما أقامته من منشآت مائية بمساعدة الاتحاد السوفياتي من توفير الري لنحو 60 ألف هكتار من الأراضي. وساعد الاتحاد السوفياتي سورية في وضع حقول النفط التي اكتشفت في شمال شرق سورية على الإنتاج. وتغطي المحطات الكهربائية التي أقامتها سورية بمساعدة الاتحاد السوفياتي وروسيا, 20 في المئة من حاجتها للكهرباء اليوم, وتلقى عشرات آلاف السوريين علومهم في الاتحاد السوفياتي. ولا يزال كثيرون من خريجي الجامعات السوفياتية يشغلون مناصب رفيعة في المؤسسة الحاكمة السورية واعترت العلاقات الروسية - السورية جفوة في بداية تسعينات القرن العشرين عندما انخفض حجم التبادل التجاري وأصبح التعاون العسكري شبه معدوم. بعد تفكك الاتحاد السوفياتي وانتهاء الفترة الايديولوجية في العلاقات وسادت العقيدة الاقتصادية الروسية الحرة القائمة على الدفع اولا لتسلم السلاح ثم حاول الرئيس الابن بشار الاسد اعادة الدفء لتلك العلاقات بشروط روسيا الجديدة وزارها مرات عدة .
وقد ابرزت الصحف الروسية نبأ زيارة الطراد النووي الروسي " بطرس الاكبر" لميناءَ طرطوس السوري, وقالت انه نفذ مناوراتٍ مشتركةً مع القوات البحرية السورية. واشارت صحيفة حكومية روسية بالنص " إلى أن سورية, تُmacr;عتبر إحدى الدول القليلة,التي لا تزال توجدُ على أراضيها, مواقعُ عسكريةٌ روسية. ومن أهم هذه المواقع, مركزُ الدعم اللوجيستي, في ميناء طرطوس, الذي تأسسَ في الحقبة السوفياتية, ليكون مركزَ إمدادٍ وصيانةٍ وإصلاحٍ لقطع الأسطول السوفياتي." هذا الخبر لم تنفه سورية بداية, واريد ان اذكر بداية ان ما ذكرته الصحف الروسية غير دقيق لأنه لا يمكن دخول الطراد النووي الروسي "بطرس الكبير" إلى طرطوس لأن هذا الميناء غير ملائم لسفينة في حجم طراد "بطرس الكبير", ولكن الادق ان السفينة الروسية التي تحمل على متنها مجموعة كاملة من الطائرات القتالية سترسو قرب طرطوس في حين ان السفينة الأخرى التي ترافق "بطرس الكبير" هي التي رست في الميناء السوري.
واقع الامر ان الخبر استوقفني في معناه وتوقيته لانه يأتي في وقت تتزايد فيه التهديدات الاسرائيلية بشن حرب على سورية وتتزايد فيه كذلك الانذارات الاميركية مما قد يعني انتهاء اشهر الصفاء مع ادارة اوباما فهل زيارة الطراد الروسي هي لطمأنة القيادة السورية ام انها لبعث الطمأنينة في نفوس قد بدت للقيادة الروسية قلقة ومشوشة, فوجود السفن الحربية الروسية في طرطوس سيدعم لاشك موقف دمشق العسكري في المنطقة ويردع أي جهة قد تفكر بالاعتداء عليها .
و الزيارة تمت لميناء طرطوس الذي يعمل في نقطة التأمين المادي التقني للأسطول البحري الحربي الروسي 50 بحارا روسيا. وترابط في الميناء ورشة عائمة تابعة لأسطول البحر الأسود الروسي تتولى مهمات تصليح السفن الروسية المارة في المنطقة, وتزويدها بما تحتاجه.
والمفترض ان القاعدة الروسية في طرطوس ستؤمن كل المستلزمات للسفن, التي ستنفذ مهمات حمايةِ الملاحةِ المدنية في منطقة القرن الأفريقي ويفترض ان الميناءَ السوري لن يكون مجردَ مكانٍ ْ لاستراحة طواقم السفن الروسية المناوبة في خليج عدن, بل سيكون ركيزةً للتواجد الروسي في البحر المتوسط, ويشير المراقبون إلى أن هذا التواجد سيعزز دور روسيا في مكافحة الإرهابِ الدوليِ والقرصنة وتهريب المخدرات أما نفقات تشغيلِ القاعدةِ البحرية الروسية في سورية فليست معروفةً حتى الآن. غير أن من الواضح أن موسكو ستدفع جزءاً من تكاليف استئجارها عن طريق توريد الأسلحة إلى دمشق بأسعار مخفضة... وفي هذا السياق يثير الكتاب الروس جملة اعتراضية بشرط إقناعَ إسرائيل بأن هذه الأسلحة لن تُخل بالتوازن العسكري في المنطقة.
بل ان ميناء طرطوس على سواحل البحر الأبيض المتوسط كان مرشحا ليكون ذا اهمية كبرى في الستراتيجية الروسية فالتفكير كان لدى الروس في نقل وحدات من قاعدة سيفاستوبول في الأراضي الأوكرانية على البحر الأسود إلى البحر الأبيض المتوسط في ميناء طرطوس عندما تنتهي الاتفاقية التي تستأجر بموجبها روسيا هذه القاعدة في العام 2017 حيث وضعت قيادة البحرية الروسية خطة جديدة لنشر الأسطول الروسي تعتمد على تعدد قواعد أسطول البحر الأسود لتتوزع وحدات الأسطول بين القواعد, التي يمكن أن تقع في نوفوروسيسك وتيمروك وتاغانروغ (روسيا) واوتشامتشيرا (أبخازيا) وفي ميناء طرطوس في سورية, على أن تتمركز قيادة الأسطول في مدينة روستوف في جنوب روسيا.
الا ان تغيير القيادة في اوكرانيا وتولي رئيس موال لروسيا هو فيكتور يانوكوفيتش أديا الى تمديد تواجد الاسطول الروسي . ولا ادري هل هذا الخبر ازعج أم اسعد القيادة السورية ?

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف