جريدة الجرائد

التمثيل بجثة... الدولة!

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

علي الرز

ابشع ما في صورة القتل الجماعي للمصري المتهم بجريمة في بلدة كترمايا اللبنانية كان خارج الصورة. فكل قتل او اجرام او طعنة او ضربة او عنف او تمثيل بالجثة كان يحمل معه قتلا للقانون وهيبته، واجراما بحجم وطن، وطعنا لكل القيم الانسانية، وضربة لمفهوم العدالة، وعنفا في التعبير عن غياب النظام... وتمثيلا بجثة دولة لا يتذكرها اهلها الا اذا ارادوا راتبا اكبر او خدمات افضل.

ظهرت الهمجية والبربرية في اقذر صورها علنا امام وسائل الاعلام، وظهر القبح كله خارج الصورة. هل هذا هو المجتمع المدني اللبناني الذي يتباهى ابناؤه بانهم السباقون اليه في المنطقة؟ الجواب بالطبع في الصورة الاخرى... صورة اغتيال المجتمع والمدنية... صورة اجتياح "أهلي" للاسف الشديد للمساحات الحضارية التي تجاهد كي تبقى تحت الشمس.

شاب يعاني اضطرابات نفسية وانحرافات عقلية يقدم على جريمة بشعة. والجريمة جريمة سواء طالت كهلا ام رجلا ام طفلا لانها انعكاس لنزعات غير سوية في النفس البشرية. يحضر رجال الأمن المتهم الى مسرح الجريمة لتمثيل ما اقترفت يداه فتحضر شرائع الغاب كلها من خلال انتزاع المتهم من يد "السلطة" الرسمية وتسليمه الى سلطة الجماعات الغرائزية، وبدل تمثيل الجريمة يرتكب "الغاضبون" جريمة اخرى ويمثلون بجثة القتيل سائرين امامه في موكب انتحار القيم حتى بدا انه "من جماعتهم".

اخطر ما افرزته الحروب اللبنانية كان انهيار البشر وليس الحجر، فكل شيء قابل لاعادة الاعمار الا الانسان. صارت مرجعية الناس زعيم البلدة مرة وطائفتهم مرة اخرى والميليشيا مرة ثالثة والحزب رابعة. توزعت السلطات كتوزع قتلة المتهم المصري حتى يضيع دمه بين القبائل. ضاعت هيبة السلطة بين تعدد المرجعيات... انسحب الانسان من الانسان وظهرت صورة الفضيحة في "كترمايا".

نجح قتلة المتهم المصري في تحميض صورة لبنانية اخرى قريبة من صور "المحاسبة" في قندهار وتورا بورا. من السحل في الصومال. من حرق رجال اعمال اجانب في بعقوبة على اعمدة الانارة... صورة ناصعة السواد لبلد لا يتعب من مشاهد الرعب ولا ينتشي الا بأعراس الدم.

واذا كانت صورة ما حدث في مجزرة بلدة كترمايا شديدة القبح، فإن الاقبح منها هو التأسيس لصورة اخرى من التوتر والكراهية عبر محاولات "تصدير الفورة" الى العلاقات المصرية - اللبنانية. فالمصري الذي ارتكب جريمته ضد كهلين وطفلين لم يفعل ذلك لانه مصري بل لانه منحرف نفسيا وانسانيا، والهجوم عليه لم يكن هجوما "لبنانيا" بل هو هجوم بربري لا هوية له سوى الوحشية ولا عنوان له سوى خروج الجماعة على النظام، ولو كان القاتل او المتهم سويسريا (كما عبر القتلة) لفعلوا الشيء نفسه.

تظهير المشهد البربري على انه ازمة لبنانية - مصرية صورة اخرى من صور الجريمة يجري تحميضها في مختبرات التخلف عبر النفخ في الكير وشحن النفوس. صورة اعلاميين عاجزين عن الخروج من حبر الفتنة وعناوين التأزيم ومقالات التعبئة. صورة راغبين في تعميم الانتقام واستحضار الثأر بدعاوى الانتصار للكرامة، متناسين ان كرامتنا جميعا كلبنانيين اهدرت في مسرح الانتقام، وان انسانيتنا جميعا اصيبت في مقتل عند قتل القاتل بهذه الطريقة، وان شرائعنا جميعا اهتزت غضبا لدى التمثيل الجماعي بالجثة.

بداية الصحوة ان تحاكم السلطات اللبنانية قتلة المتهم كي تستعيد جزءا من هيبة ضاعت، وان تحاسب افراد الامن الذين سمحوا للاهالي بانتزاعه وتطبيق "عدالتهم" الخاصة، اما ما عدا ذلك فعملية تحويل "مسرح الدم" الى مسلسل دم... مخرجوه معروفون وممثلوه كثر ومشاهدوه يتحولون شيئا فشيئا الى "ابطال".

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
الكاتب لبناني
بوحة الصباحي -

علي الرز كاتب لبناني مشهور في مصر ومعروف بارائه الصريحة الصادمة

الفاس في الراس
يمني -

شيء مؤلم - قريه ترقص على دماء شاب الكبار و الصغار النساء و الرجال تجمعوا عيونهم ترقب ادميا علق على الحبالكما يعلق الجزار اضحيه العيد عيونهم كلها باتجاه الجسد كما يبحث عن ضائعه ; الروح;.عيد للبحث عن الادميه صور لي انه فلم يصور الحياه البريه او مقطع من اخراج انساني للاسف ضعت و شنقت عروبتي على حبال داك الجاني يا ويلاهالتمثيل بجثه - ابطال الفلم كلهم ممثلين ميتين الاحساس لانهم يشاركون بطل الفلم ; تمثيل بجثه .التمثيل اه اه تمثيل فلم و تمثيل جثه و تمثيل حجري كتلك الافئده .مثلنا مثل التمثيل لا نتكلم او ان تكلمنا مثلنا يالنا من تماثيل

من دمّر الدولة ؟
المعلم الثاني -

بدأ تدمير دولة لبنان أيام عبد الناصر حيث وجد في عرفات وإخوانه عملاء له ففرض على لبنان وجودا فلسطينيا مسلحا شكّل دولة داخل دولة (إتفاقية القاهرة التي أمليت على رئيس لبنان شارل حلو)..رفض عبد الناصر وجودا فلسطينيا مسلحا مستقلا عن الدولة في مصر لكن فرضه في لبنان! انتهز بعض اللبنانيون الفرصة وتحالفوا مع الجسم الدخيل فقامت حرب ظنوا أنها تخدم مصالح السنة واليسار الدرزي والشيوعي فكان أن ضاعت البلد وساد حزب الشيطان...فهل فهم خائنو الوطن حجم جريمتهم وهل ندموا ؟؟

لا فض فوك
فؤاد يحي -

والله يا اخي صدقتلا فض فوك

يسلم تمك
وسام -

اول مرة بقرأ مقالاتك وبجد يسلم هالتم

ليسوا لبنانيون
مصرى -

لازم حكومه مصر تتخذ اجراء سريع لتهدئه الرئى العام المصرى لان رعايا لبنانيون كثيرون فى مصر ومافعلوه لايمت للادميه باى شكل فمن فعلوا هذا جبناء لابعد الحدود وان كان المصرى قتل فاكيد يوجد دواعى لقتله اللبنانيون وللان لم يتاكدوا من ادانته وممكن يكون برئ مافعلوه بالمصرى عمل غير ادمى بالمره وسينفجر الشعب المصرى فى كل ماهو لبنانى فى مصر وستكون العاقبه سيئه للغايه احذروا احذروا

متزعليش يا مصر
بالقانون -

اختلف تماما..الجريمة رسالة سياسية فى توقيتها وبشاعتها..ورسالة واضحة..المتهم لم يعترف لكى يمثل جريمته! والتمثيل لا يكون باليوم الاول من الاتهام!!ولا يكون بدون حضور المدعى العام وقائد الشرطة!!ودوفع الجريمة غير منطقية!!والحمض النووى لا يكتشف ف اربعة وعشرين ساعة!!!كل هذه الاخطاء تؤكد بشاعة التواطؤ والرسالة لمصصصررر

يستاهل
لبناني -

عندما يسمع المرء بجريمة نكراء كجريمة هذا السفاح فلا شعوريا يشعر برغبة لقتل الفاعل,وخاصة ان الضحايا اطفال ابرياء لا يمكن ان يفعلوا اي شئ يؤذي...فما من تبرير لفعلته وأن كان مصريا او لبنانيا او من اي جنسية كانت يجب تعزيبه ثم قتله.....

جثث الضحايا
Nivine Nasser -

هذه صور للضحايا اللبنانيين الابرياء الذين قتلهم المجرم المصري.............المجرم ليس بريئا كما تحدّث البعض هذا ما رآه أهالي البلدة قبل غقدامهم على قتل و التمثيل بجثة المجرم المصري.