النعي الإسرائيلي المباشر للمفاوضات غير المباشرة!

نبيل حاوي

بادرت إسرائيل الى النعي المسبق للمفاوضات غير المباشرة مع أنها كانت هي المستفيدة من هذا "التأرجح" غير المباشر للعملية السلمية.
نائب رئيس الوزراء دان ميريدور "استقبل" المبعوث الأميركي جورج ميتشل بالتأكيد على ان الملفات المتعلقة بالمرحلة النهائية لا مجال لبحثها (حدود الدولة الفلسطينية المقبلة، وضع القدس، مصير المستوطنات، حق العودة للاجئين).
وكان قد سبقه مفكر إسرائيلي حائز على "نوبل للسلام"، معلناً انه أقنع الرئيس باراك أوباما بتهميش قضية القدس. ثم صدر بيان أميركي ينفي هذه الرواية. ويؤكد ميريدور ان "كل طرف سيرغب في اجتذاب الأميركيين الى جانبه"، مما سيؤدي إلى الفشل.
حتى "التفاوض من قبيل التفاوض" يبدو مهدداً. في عهد الرئيس جورج بوش فرضت وزيرة الخارجية كونداليسا رايس على الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي إجراء محادثات مباشرة مرة كل أسبوعين، لإبقاء الملف مفتوحا والسعي للوصول الى تطبيق، ولو محدودا، لخارطة الطريق.
يومها أكدت الدولة العبرية - وتعود وتقولها اليوم - ان على الجانب الفلسطيني ان ينفذ ما يتعلق به من بنود "خارطة الطريق".
ولكن، على أرض الواقع، نفذت السلطة الفلسطينية الشيء الكثير في مضمار "ضبط الوضع الأمني في الضفة الغربية"، وصولاً الى التنسيق الأمني في أمور كثيرة. وفي المقابل، لم تنفذ اسرائيل سوى تقليص مؤقت لعدد الحواجز المدمرة للحياة اليومية لسكان الضفة (من خمسمائة حاجز وما فوق الى حوالي الأربعمائة!)، اما الاستيطان فكان ولا يزال يتعزز، وصولا الى القرارات الرهيبة لحكومة نتانياهو في الأشهر الأخيرة.
اذن حتى الأمور الحيوية المرتبطة بالوضع الآني للفلسطينيين لم تنفذ منها إسرائيل أي شيء يذكر، فكيف بالنسبة الى القبول بقضايا المصير النهائي للمناطق، والقدس، واللاجئين؟!
اما محاولة كل طرف "اجتذاب الأميركيين الى جانبه"، فهي بمنزلة مهمة شبه مستحيلة للفلسطينيين (وللعرب بصورة عامة) في غياب "اللوبي العربي" للضغط داخل مراكز القرار الأميركي بدءاً من الكونغرس!