المهم والأهم في لبنان...
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
خيرالله خيرالله
كانت نتائج الانتخابات البلدية في محافظة جبل لبنان، حيث لا تزال هناك أكثرية مسيحية، دليلاً قاطعاً على رفض اللبنانيين، بأكثريتهم، ذلك التحالف المصطنع بين ما يسمى "التيار الوطني الحر" الذي يتزعمه النائب ميشال عون و"حزب الله". تبين أن التحالف بين الجانبين ليس سوى "زواج متعة" على حد تعبير السياسي اللبناني روجيه اده، ابن بلدة اده التي على مرمى حجر من جبيل. كان روجيه اده أول من أطلق هذا الوصف على الحلف المخالف للطبيعة بين الجانبين خلال زيارة للبطريرك صفير في بكركي. ولكن يبدو أن الحلف مستمر، إلى اشعار آخر، نظراً إلى أن هناك من يتمتع بوجوده، وأنه لا تزال هناك حاجة إلى ميشال عون بين وقت وآخر، أي متى تدعو الحاجة إلى ذلك. هناك حاجة الآن إلى تغطية السلاح غير الشرعي لا أكثر وقد فهم المواطن العادي ذلك جيداً، فرد بالوسائل الديموقراطية!
كانت أم المعارك في مدينة جبيل الساحلية التي عمرها سبعة آلاف عام. انتصرت لائحة اللبنانيين الأحرار على اللائحة التي يدعمها ميشال عون، بما أكد مرة أخرى تراجع شعبيته. كان على رأس اللائحة العونية شخص محترم ويمتلك كفاءة هو الوزير السابق جان لوي قرداحي. ولا شك أن وجوده على رأس البلدية كان يمكن أن يخدم جبيل ومستقبلها ومشاريع التنمية في المدينة. ولكن ما العمل عندما يقبل شخص يمتلك حداً أدنى من الاحترام لنفسه ولذكائه وخبرته وعلمه أن يكون حليفاً لقائد سابق للجيش يبرر وجود سلاح غير شرعي على الأراضي اللبنانية في يد ميليشيا تنتمي إلى حزب مذهبي يمثل كل ما يتناقض وصيغة العيش المشترك في لبنان؟ أراد المسيحيون عبر انتخابات جبيل توجيه رسالة إلى كل من يهمه الأمر. فحوى الرسالة أن افضل النكات هي النكات القصيرة، وأن النكتة السمجة التي اسمها "الجنرال" طالت أكثر مما يجب وأن لابدّ من وضع نهاية لها. بداية النهاية كانت في جبيل وفي مدن وبلدات أخرى في جبل لبنان، بينها دير القمر في الشوف وسن الفيل القريبة من بيروت وبعبدات وغيرها في المتن، حيث كان الصوت المسيحي هو المؤثر وصاحب الكلمة الأولى والأخيرة على صعيد حسم من بين المسيحيين يريد التبعية ومن يصر على رفضها...
كان على اللبنانيين الانغماس في الانتخابات البلدية وتفاصيلها بعيد مغادرة الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري بيروت اثر زيارة استمرت ثلاثة أيام. أقلّ ما يمكن قوله، ان الزيارة كانت في غاية الأهمية نظراً إلى أنها حملت رسالة واضحة إلى اللبنانيين وأعادت تذكيرهم بأن دولة قطر تريد منعهم من الانتحار. قال "أبو جبر" في بيروت كلاماً من نوع "أن قطر تسعى دائماً إلى احلال السلام وليس كما يقال إلى البحث عن دور. نحن دولة تعرف حجمها وامكاناتها وتعتقد أن العالم العربي يحتاج إلى أكثر من قطر (...) هناك تهديدات كثيرة حولنا وحول لبنان خصوصاً، وهذه التهديدات لا تواجهونها بالسلاح بل بوحدتكم الوطنية، وهذا ما نتمناه". يعتبر هذا الكلام كافياً كي يتبين أن هناك بين العرب من يمتلك فهماً في العمق لما يدور في لبنان والمنطقة والعالم.
يفرض مثل هذا الكلام الجوهري على اللبنانيين الانتقال إلى مرحلة البحث الجدّي في المخاطر التي تواجه الوطن الصغير. لاشك أن الانتخابات البلدية محطة مهمة، خصوصاً أن المطلوب احترام أي استحقاق انتخابي والتزام المواعيد المرتبطة بالعملية الديموقراطية. ولكن ما يمكن أن يكون أهم من الانتخابات البلدية الاقتناع بأن المطلوب حماية لبنان عن طريق لملمة الوضع الداخلي بعيداً من التحديات والمزايدات. الوحدة الوطنية أهم من السلاح. والسلاح لا معنى له متى كان موضع خلاف بين اللبنانيين، ومتى كان تابعاً للخارج وبإمرته.
بكلام شديد الوضوح، تبدو المنطقة مقبلة على تطورات خطيرة. لا يحمي لبنان سوى الوحدة الوطنية والابتعاد عن الحساسيات ذات الطابع المذهبي والطائفي. للأسف الشديد، ان سلاح "حزب الله" يثير هذا النوع من الحساسيات، إضافة إلى أن إسرائيل تستخدمه للتعمية على رفضها السلام المستند إلى قرارات الشرعية الدولية، ومبدأ الأرض في مقابل السلام. ليس مطلوباً بالطبع الدخول في مواجهة مع الحزب المسلح. مثل هذه المغامرة لا تخدم لبنان. كما لابدّ من الاعتراف بأن لا وجود لطرف لبناني يريد ذلك أو يستطيعه. لكن لا شيء يمنع من التأكيد يومياً في كل لحظة أن السلاح موجه إلى الداخل اللبناني، وأن لا معنى لأي كلام عن التمسك به، أقله لسببين. السبب الأول أن القرار (الرقم 1701) الصادر عن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة صيف العام 2006 واضح في هذا الشأن، وأن لا مصلحة للبنان واللبنانيين، خصوصاً أهل الجنوب، في خرق القرار. أما السبب الثاني فهو عائد إلى أن إسرائيل تستخدم السلاح والكلام عن ادخال صواريخ "سكود" إلى الأراضي اللبنانية لممارسة عملية هروب إلى أمام لا أكثر...
تكمن أهمية قطر في أنها تدرك تماماً المعطيات الإقليمية. لذلك لم يقتصر كلام أمير الدولة، لدى زيارته بيروت في العام 2006 وتفقده آثار العدوان الإسرائيلي، على إدانة البربرية الإسرائيلية والمساهمة في إعادة الأعمار. تحدث الشيخ حمد بن خليفة، عندما أقدم على خطوته الشجاعة التي شملت زيارة الضاحية الجنوبية، عن أهمية السلام الشامل في المنطقة بصفة كونه مخرجاً للجميع من الوضع الراهن. انه وضع ينقل الشرق الأوسط من أزمة إلى أخرى في انتظار الانفجار الكبير الذي يمكن أن يتسبب به حادث صغير.
تبدو المرحلة الأولى من الانتخابات البلدية في لبنان مثيرة للاهتمام، خصوصاً أن نتائجها كرست الاصطفاف السياسي بدل أن تلغيه، وكشفت في الوقت ذاته مدى عمق الانقسام بسبب السلاح غير الشرعي... ومدى تدهور شعبية ميشال عون في الأوساط المسيحية. لكن على اللبنانيين تفادي الغرق في وحول الانتخابات والنظر دائماً إلى الصورة الأكبر. من هذه الزاوية لابدّ من شكر قطر على تنبيهها إلى أن المهم التمييز بين المهم والأهم، بين الانتخابات من جهة وتكريس البلد "ساحة" للتجاذبات الإقليمية من جهة أخرى. عندئذ سيتوجب على لبنان دفع ثمن غال في حال سقط ضحية التجاذبات. هذه التجاذبات لا يحميه منها سوى درع الوحدة الوطنية وليس السلاح، أياً تكن الشعارات التي ترفع لتبرير وجوده على الأرض اللبنانية بإمرة غير لبنانية!
التعليقات
وين الفهم
safwan -مقال سطحي غير مترابط .. فقط لمجرد رمي مجموعة من العبارت الغير مترابطة لا ادري كيف استطاع هذا الكاتب ان يفهمنا ان وجود سلاح حزب الله يجبر اسرائيل على عدم القبول بالسلام واسرائيل قتلت من العرب المسلمين والمسيجين على مدار اكتر من 60 عام الاف قبل ان يكون هناك حزب الله او سلاح حزب اللههل يستخف الكاتب المحترم بعقول اجيال عاصرت جرائم اسرائيل وتعرف ما هو هدف هذا الكيانسوف نبقى نأمل بان تصحوا هذه الاقلام عن نشر هكذا افكار