جريدة الجرائد

المنطقة في قبضة الحرائق؟!

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

راجح الخوري

جورج ميتشل ليس الوسيط الاميركي الاول الذي يسير على طريق لا تفضي الى أي مكان. لكنه كما فعل أسلافه من قبل يواصل السير المتقطع، على الاقل لكي تستطيع واشنطن ان تقول انها تسهر على "دينامية مساعي التسوية"!
المفاوضات غير المباشرة التي يفترض أن تفضي الى مفاوضات مباشرة خلال أيام، تبدو من اللحظة الاولى محكومة بالفشل، وخصوصا ان الخلافات تتركز على ملفات رئيسية تشكل جوهر أي تسوية مرجوة:
ترسيم حدود الدولة الفلسطينية المقبلة - وضع القدس - مستقبل المستوطنات في الضفة الغربية - حق اللاجئين في العودة.
وعندما يقول "المعتدلون" في تكتل "ليكود" ان المحادثات التي ستتناول هذه البنود الحساسة والاساسية مآلها الفشل، فان ذلك يعني ان القتلة أمثال بنيامين نتنياهو وأفيغدور ليبرمان يشترون الوقت لمجرد أنهم يريدون الوصول الى تشرين الثاني، موعد الانتخابات النصفية في الكونغرس الاميركي، حيث ينصبون فخا لاصطياد باراك أوباما مرة نهائية. فبعد عامين تبدأ عادة اندفاعة الرؤساء الاميركيين في التوقف والتراجع.


❐ ❐ ❐

اذاً، وبقليل من التأمل يمكن القول ان الادارة الاميركية تدير الآن في هذه المنطقة لعبتين:
إطفائية تحاول تبريد "الحرارة الصاروخية" التي بدت وكأنها تدفع في اتجاه حرب يشعلها العدو الاسرائيلي ضد لبنان وسوريا. وذلك من خلال ما يسمى "استئناف المفاوضات"، بما معناه ان من يريد ان يفاوض لا يذهب الى الحرب.
إطفائية ثانية تسعى لتبريد "الحرارة النووية" المتفاقمة من خلال الملف الايراني، وذلك من خلال مروحة العقوبات الدولية الجديدة على طهران، بما معناه من ينهمك في فرض العقوبات الاقتصادية والتجارية لا يذهب توا الى الحرب، التي تقرع طبولها منذ فترة مستهدفة المنشآت النووية الايرانية.
ولكن ماذا يعني كل هذا؟
إنه يعني في بساطة ان المنطقة الآن في مرحلة إلقاء الماء على اللهب، وهذا لا يعني بالضرورة انه سيكون في وسع الاطفائيات اخماد النيران، ثم ان سوء الظن الضروري بازاء سياسات واشنطن وتل ابيب، يفرض علينا طرح سؤال جاد:
هل هناك رغبة فعلية في اطفاء النار واخماد الحرائق؟ وما الذي يضير أميركا واسرائيل اذا استمرت الحرائق عالقة في أذيال هذه الدول والانظمة وبوقود طائفي ومذهبي؟


❐ ❐ ❐

وعلى هذا الاساس ليس مطلوبا من المرء اكثر من ان يقرأ ويتأمل:
يأتي رئيس الوزراء القطري الشيخ حمد بن جاسم الى بيروت في ذروة التهديدات والمزاعم الاسرائيلية عن صواريخ سكود من سوريا الى "حزب الله" ليقول كلاما جديدا: "هناك العديد من التهديدات في العالم العربي، وخصوصا حول لبنان، وهذه التهديدات تواجهونها بوحدتكم وليس بالسلاح".
"ليس بالسلاح"!
بدا الكلام موجها الى "حزب الله" تحديدا الذي يضع سلاحه خارج كل نقاش او حوار وطني. وهذا أمر لافت وخصوصا لأنه يأتي من قطر!
تزداد حرارة الاحتمالات عندما يقرأ المرء أخبار الشبكة الايرانية في الكويت، التي حرصت على ان تتعامل بحساسية ودقة مع عملية التجسس هذه، التي يمكن ان تثير متاعب مذهبية في البلاد، في وقت تواصل طهران التهديد بضرب قواعد الاميركيين في المنطقة اذا تعرضت للهجوم بما يجعل من الكويت هدفا متقدما.
ثمة ما يشبه الحرائق ايضا في ما تكتبه الصحف الايرانية عن البحرين، وهذا أمر ليس بجديد. الجديد هو الاسلوب القمعي في بعض التصريحات الايرانية التي دعت دولة الامارات، حتى الى عدم الحديث عن الجزر الثلاث، التي تريد أبو ظبي ان تلجأ الى محكمة العدل الدولية لانهاء "الاحتلال الايراني لها"!
وتصبح النار أكثر تأججا في المشهد العراقي. فلقد فعل الايرانيون كل شيء تقريبا لاقصاء "القائمة العراقية" والدكتور اياد علاوي عن السلطة، وهو ما اعتبر اقصاء للاعتدال، أولا من خلال التشكيك في النتائج الانتخابية التي كانت لمصلحة علاوي، ثم بدفع نوري المالكي وعمار الحكيم الى التحالف، وهو ما قد يوسع الاضطراب الامني في البلاد.
هل ننسى ما في الصومال وما يتأجج تحت الرماد في اليمن وعند الحوثيين وما يتم اعداده لمنطقة الخليج وباب المندب انه عسس النار من المحيط الى الخليج تقريبا!

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف